يستحوذ الذهب على عناوين الأخبار خلال الفترات التي تسودها الاضطرابات، حيث يرى عشاق المعدن الأصفر أنه الملاذ الآمن. ولكن هل هو أيضاً تحوط من التضخم؟ هل يُعتبر من أصول المخاطرة؟
شاركنا جو كافاتوني، استراتيجي الأسواق ورئيس قسم الأميركتين في مجلس الذهب العالمي، في بودكاست بعنوان "ماذا يحدث" (What Goes Up) لمناقشة أداء الذهب هذا العام، وما هي المحفزات الأساسية للأسعار.
وفيما يلي عدد من أبرز النقاط التي تناولها النقاش، حيث اختُصرت وحُررت للمزيد من الإيضاح.
س: الدافع وراء تحرك أسعار الذهب هو متغير.. ماذا يدفع سعره إلى الارتفاع أو الانخفاض؟
ج: يُعد الذهب أصلاً فريداً للغاية لأنه عندما تفكر في الدوافع الاستراتيجية للذهب وطريقة استهلاكه في جميع أنحاء العالم، فإن ذلك يكون بأحد طرق الاستهلاك المعروفة، مثل المجوهرات والسبائك الصغيرة والعملات المعدنية، ربما يدخل في تكوينات أحد أجهزة التكنولوجيا مثل أيفون الخاص بك. ما يحفز أنماط السلوكيات الاستهلاكية هذه بشكل استراتيجي هو الرغبة في السيطرة الاقتصادية -أي أنك ببساطة ستصبح أكثر ثراءً، وتطمئن عند شراء المجوهرات أو المزيد من التكنولوجيا- وترى في الواقع ذلك من خلال امتلاك المال، والذي يستخدمه الناس عملياً بهدف الاستثمار في أشياء، بما في ذلك الذهب.
مع وصول سعره لأعلى مستوى منذ مايو.. إلى أين يتجه الذهب؟
س: هل هذا هو المحرك الأساسي؟
ج: نعم، لكنني سأعود وأتحدث عن الأسواق الكبيرة مثل الصين والهند، حيث تضم مزيجاً، لأن المحرك ليس فقط هو المستهلك، ولكن هناك أيضاً عنصر الادخار. وثانياً ننظر إلى جانب الاستثمار. فعندما تتطور مخاطر السوق وعدم اليقين، وارتفاع مستويات التقلبات، تطغى حالة الارتباك حول ما سيحدث في الفترة التالية، سواء كان شهراً أو عاماً، أو على المدى الطويل، وهنا نسعى غالباً للتأكد من أن الناس يدركون أن هذه هي الطريقة التي لا بد أن ينظروا من خلالها إلى الذهب، إذ يقللون مخاطر التعرض للسوق وعدم اليقين عند إضافة الذهب إلى محافظهم، لأنه في هذا السياق، يرى المستثمرون أن نمط التنويع مع وجود الذهب في المحفظة مفيد. لذلك، نرى ارتباطاً إيجابياً عندما يرتفع مؤشر "إس أند بي 500"، وسلبياً عندما ينخفض المؤشر. إذاً، لديك هذان الدافعان الاستراتيجيان.
إضافة إلى ذلك، فالذهب هو أصل عالمي. لذلك فهو ليس مجرد شيء تم شراؤه هنا في الولايات المتحدة، ولكنه يُشترى ويُباع في جميع أنحاء العالم. الصين والهند سوقان ضخمتان من منظور الاستهلاك. بالإضافة إلى ذلك، ينتج هذا الأصل ويُورّد على نطاق عالمي أيضاً. إذاً، لديك عنصر عالمي، لديك عنصر إقليمي، لديك سلوك استهلاكي، لديك سلوك استثماري.
البنك المركزي الصيني يرفع احتياطياته من الذهب للشهر الثامن
س: كيف كان أداء سعر الذهب هذا العام، وكيف تؤثر عوامل مثل السياسة النقدية على أسعاره؟
ج: شهدنا هذا العام أمرين. الأول، أن السياسة النقدية لا تزال تشكل رياحاً معاكسة. تكلفة الفرصة البديلة، وتناوب الأصول في المحفظة، وسلوك الأصول المحفوفة بالمخاطر، وطريقة تعامل الناس مع أصول المخاطرة، هذه فترة زمنية نرى فيها الرياح المعاكسة أمام الذهب. فالمستهلكون لا يبحثون عن الذهب في تلك الفترات التي تشهد تحركات في أسعار الفائدة والأصول الخطرة.
بمجرد أن يخصص المستهلكون الأصول لديهم، يعودون إلى الذهب ويضعون في محافظهم هذه الحيازات بنسب متفاوتة 3%، 5%، 10% من المحفظة. لذا ارتبط سلوك الأسعار هذا العام بذلك المتغير وهو الفائدة.
ولكن على مدار العام، شهدنا أيضاً أحداثاً أو لحظات منهجية تفرض نفسها مثل الأزمة المصرفية نتيجة الافتقار إلى طريقة أفضل للتعامل معها، وفترات هيمنت فيها الأزمة، حيث يقول الناس: "مرحباً، انظر، عليّ التأكد من أنه يمكنني الحفاظ على مجموعة الأصول الخاصة بي. لا بد أن ترتفع أصولي الحقيقية، أصول الملاذ الآمن الخاصة بي".
عندما يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من تهدئة الاقتصاد، بمجرد أن يبدأ ذلك في التحسن، ستخفف تلك السياسة النقدية، وسيبدأ انتعاش الذهب. ما نراه الآن هو تسعير محدود النطاق في سوق الذهب. لذلك تروننا نحافظ على مستوى مستقر عند 1850 دولاراً، أو 1900 دولار، أو ما نحو 1950 دولاراً، لكننا لم نخرج عن هذا النطاق. مررنا بفترة وجيزة في وقت سابق من العام بالتزامن مع تلك الأزمة المصرفية حيث خرجت الأسعار عن هذا النطاق بالفعل، لكن لم تتفاقم أكبر من ذلك. والسبب ببساطة هو أن معظم المستثمرين المؤسسيين لم يعودوا إلى السوق. ويعود سلوك التسعير محدود النطاق الذي نشهده إلى أن الكثير من عمليات الشراء تتم بواسطة البنوك المركزية، وهو اتجاه رأيناه منذ فترة طويلة.
"جيه بي مورغان" يوصي بالنقد والذهب وخفض حيازات الأسهم
س: لماذا يميل شخص ما إلى الذهب كملاذ آمن دون أصل آخر مثل سندات الخزانة؟
ج: حسناً، أعتقد أن ما تلاحظه سببه عاملان مهمان للغاية الأول أنه أصل ذو مصادر محدودة. لذلك على المدى الطويل، سترى أن أسعار الذهب سترتفع بالفعل. بينما يأتي غيره من الأصول في المرتبة الثانية، العامل الثاني هو أنه قابل بسهولة للتحويل إلى سيولة. فتداولات الذهب تصل إلى نحو 150 مليار دولار في اليوم. لذا فإن هذه العوامل لها تأثير حقيقي، وتجعل الناس يشعرون بالراحة والثقة. وكذلك هي غير مرتبطة بأي شيء مثل التصنيف الائتماني أو العملة بالدولار أو أي شيء قد يكون له مستوى آخر من التأثير على أداء السعر الإجمالي ونشاط التداول لهذا الأصل. إذاً، فأنت تنظر حقاً إلى أصل فريد قائم بذاته. وفي النهاية مع هذه الدوافع الفريدة للاستهلاك سوف يواصل زيادة السعر بمرور الوقت. ولهذا السبب أعتقد أن الناس يشعرون بالارتياح والثقة عند وضعه كمكون في المحفظة، على ألا يكون المكون الوحيد.