هل تستطيع شركة "تينسنت" الصينية تفادي مصير "علي بابا"؟

شركة "تينسنت" الصينية
شركة "تينسنت" الصينية المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد اتخاذ الحكومة الصينية، إجراءات صارمة ضد مجموعة "علي بابا" القابضة المحدودة، ومجموعة "آنت" للخدمات المالية التابعة لها، يبدو الآن أنَّ بكين تغلق طرفي الكماشة على شركة "تينسنت" القابضة المحدودة، ومع ذلك، قد يكون لدى "تينسنت" عملاق وسائل التواصل الاجتماعي الصيني نموذج أعمال يحميه من توتر السياسة.

وكان هناك توجُّه ثابت للقواعد الجديدة، وتعليقات وسائل الإعلام الحكومية على مدى الأشهر الخمسة الماضية في إشارة إلى استمرار الحملة التنظيمية.

ومع ذلك، فإنَّ أسهم "تينسنت" التي تشمل الألعاب، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمدفوعات عبر الهاتف المحمول، والخدمات المصرفية عبر الإنترنت بقيت مرنة بشكل ملحوظ.

ويبدو أنَّ أسهم "تينسنت" قادرة تماماً على الصمود في وجه جميع أنواع العواصف. فقد ارتفعت بنسبة 11% هذا العام، برغم غيوم مناهضة الاحتكار التي غطَّت الأجواء.

ومن المؤكَّد أنَّها انخفضت أيضاً بنسبة 8% تقريباً بعد ورود أنباء تفيد أنَّها ستكون الهدف التالي لهيئات المراقبة، لكن هذا لا يمثِّل شيئاً يذكر مقارنة بمشاكل "علي بابا"، فقد تراجعت أسهم عملاق التجارة الإلكترونية المدرَجة في هونج كونج لهذا العام.

مصادر قوة "تينسنت"

وتعود قوة أسهم "تينسنت" بشكل كبير إلى البر الرئيسي (هونغ كونغ). فمن خلال "ستوك كونيكت"، كان مديرو الصناديق المدفوعين بالاشتراكات الجديدة من مستثمري التجزئة، يلتهمون أسهم التكنولوجيا المدرَجة في هونغ كونغ. وهم يمتلكون الآن 6.3% من أسهم "تينسنت" المدرجة، في مقابل 4.4% في بداية العام.

وفي يوم الجمعة الماضي، لم يقم قاطنو البر الرئيسي بالبيع السريع لحيازاتهم من أسهم "تينسنت" برغم الأنباء السيئة حول اهتمام الجهات التنظيمية بها. (لنكون متأكِّدين، فقد تنبع القوة النسبية لأسهم "تينسنت" أيضاً من خمول المستثمرين في البر الرئيسي - وليس من إيمانهم بالمزايا طويلة الأجل للاحتفاظ بالأسهم.)

ولكن لعل الأسهم تحظى أيضاً بدعم أطروحة استثمارية جديدة ظهرت لشركة "تينسنت" التي تفترض أنَّ شركة الألعاب عبر الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي هذه هي أفضل صندوق لرأس المال الاستثماري في الصين.

نموذج شركات الشيك على بياض

وفقاً للمعلومات، فإنَّ مكاسب "تينسنت" غير المحقَّقة من حصص الأقلية في حوالي 100 شركة مدرجة في البورصة تضخَّمت إلى 120 مليار دولار العام الماضي، وكانت قد بدأت في بيع بعض الصفقات من أجل جني الأرباح.

وبعبارة أخرى، يمكنك التفكير في "تينسنت" على أنَّها شركة استحواذ لأغراض خاصة مدرَجة في بورصة لا تسمح بمثل هذه الشركات الصورية. هذا ما يجب على المستثمرين الاهتمام به.

وإذا كان التشدد التنظيمي الأخير في الصين يهدف فقط إلى كبح الاحتكارات، وتقوية النظام المالي ضد مخاطر التكنولوجيا المالية، فإنَّ شركة "تينسنت" هي في الواقع شركة استحواذ لأغراض خاصة، ويجب أن تسير أمورها على ما يرام، ومن ثمَّ سيكون لها مزايا عديدة.

ويحمل اسم "تينسنت" معه السمات التي يتمتَّع بها أصحاب كبار رؤوس الأموال في وادي السيليكون – لنأخذ "سيكويا كابيتال" أو "أندريسين هورويتز" أو "خوسلا فينتشرز" على سبيل المثال. كما أنَّ هناك بعض أوجه التشابه مع شركة "ناسبيرز" أو حتى "سوفت بنك غروب".

أن يُنظر إليك على أنَّك صاحب رأس مال مغامر من الدرجة الأولى، أمر مهم، ويمكن أن يجتذب أموالاً طائلة، كما شهد مايكل كلاين، وشاماث باليهابيتيا.

أما في سياق شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة - الشركات الوهمية التي تساعد الشركات الناشئة على طرحها للاكتتاب العام – فإنَّ المستثمرين يرغبون في كتابة مليارات الدولارات في شيكات فارغة، برغم أنَّهم لا يملكون أي فكرة عن الشركات التي ستشتريها أو بأي تقييم، طالما تحظى بنظرة واثقة بأنَّك صانع صفقة جيدة.

ولدى "تينسنت" سجل حافل لتبرير هذا الإيمان الأعمى – والإدراج في بوصة هونغ كونغ، إذ لا توجد أي شركة لأغراض الاستحواذ الخاصة، لكن إن توغلت بكين بشكل أعمق في كومة الصفقات، وعملت على تقييد تلك التي تتجاوز دعم ألعاب "تينسنت" الأساسية وأعمال المحتوى، فإنَّ أطروحة الاستثمار الجديدة ستبدو مضطربة.

وتعقد شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين أحياناً صفقات لأغراض استراتيجية، مثل منع منافس من دخول جدول القيمة السوقية.

لكن "تينسنت" قامت أيضاً بعمل رهانات مضاربة بطريقة رأس المال الاستثماري الحقيقي. وإن تمَّ تثبيطها عن هذا، فإنَّ ميزتها الاستراتيجية، ودرعها ضد توغلات بكين سوف يتضاءلان إلى حدٍّ كبير. وستبدأ قيمتها كشركة استحواذ للأغراض الخاصة في النضوب.

صمود "تينسنت"

صمدت "تينسنت" أمام التدقيق من قبل، وبقيت واحدة من أكبر الشركات الصينية وأكثرها نفوذاً، فقبل ثلاث سنوات، أصيب نشاط ألعاب الخبز والزبدة بنوبة من الحماسة التنظيمية التي أوقفت إصدار عناوين جديدة، وأعاقت النمو.

وتمكَّنت الشركة من الخروج من تلك الأزمة من خلال إعادة الشحن بصدمات ثقيلة من الكبرياء الوطني. ولا يزال ذكر مؤسسها "بوني ما" في الصحف جيداً في بكين، على عكس "جاك ما" مؤسس "علي بابا".

ومع ذلك، حان الوقت لقراءة أوراق الشاي السياسية بعناية. تمثِّل التكنولوجيا المالية نشاطاً مهماً بالنسبة لشركة "تينسنت"، فضلاً عن أنَّ تحويل هذا القسم إلى شركة قابضة مالية - كما يحدث مع "آنت" - لن يضرَّ بالضرورة بإيراداتها وأرباحها.

ولكن إذا أدَّت مجموعة الإجراءات الجديدة إلى إعاقة "تينسنت" وتصنيفها كمستثمر سلبي في رأس المال الاستثماري، فقد حان وقت الفرار، وسيتمُّ دحض الأطروحة الأخيرة التي دفعت "تينسنت" إلى مستوى قياسي في وقت سابق من العام.