بعد حكم تاريخي.. "أوبر" تضمن حداً أدنى لأجور ومعاشات 70 ألف سائق في بريطانيا

القضاء البريطاني يلزم أوبر بالتعامل مع السائقين كعمال في الشركة
القضاء البريطاني يلزم أوبر بالتعامل مع السائقين كعمال في الشركة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد حكم تاريخي من المحكمة العليا الشهر الماضي، ستُعيد شركة "أوبر" تصنيف جميع سائقيها في بريطانيا البالغ عددهم 70 ألف، كعمال، مما سيمنحهم الحق في الحصول على حدٍّ أدنى للأجور، وأجر عن الإجازة، ومزايا أخرى.

وسيحصل سائقو تطبيق ركوب الرحلات على الأجر الوطني للمعيشة الذي يبلغ 8.72 جنيه إسترليني (12.11 دولاراً) للساعة على الأقل، اعتباراً من يوم الأربعاء. وسيكون هذا هو الحدُّ الأدنى الذي يمكن للسائقين أن يكسبوه، فيما وصفته "أوبر" بأنَّه (حدٌّ أدنى للأرباح، وليس سقفاً للأرباح).

وستكون بريطانيا أوَّل دولة في العالم تمتلك فيها "أوبر" هذا النموذج من الأعمال، إلا أنَّ الشركة لم تحدد تكلفة إعادة تصنيف السائقين، ولكنَّها قالت، إنَّها لا تتوقَّع أن يغيِّر ذلك من توقُّعات أرباحها للربع أو العام. وتراجعت أسهم "أوبر" بأقل من 1% في تعاملات ما بعد الإغلاق يوم الثلاثاء.

وتقتصر التغييرات على بريطانيا، أكبر سوق أوروبية لشركة "أوبر"، ولكنَّها تثير تساؤلات حول ما إذا كانت الإدارة مستعدَّة للنظر في تكييف أعمالها في البلدان الأخرى.

وتواجه الشركة، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرَّاً لها، تحديات قانونية في كاليفورنيا، ولايتها الأم، فضلاً عن ضغوط من صانعي السياسة الأوروبيين من أجل تحسين ظروف عمال اقتصاد الوظائف المؤقتة.

وقال جيمي هاي وود، المدير العام الإقليمي لـ"أوبر" في شمال وشرق أوروبا: "هذا يوم مهم للسائقين في بريطانيا. سيتلقى سائقو (أوبر) ضماناً للأرباح، وأجراً عن الإجازات، ومعاشاً تقاعدياً، كما سيحتفظون بالمرونة التي يقدرونها حالياً".

تداعيات الحكم على سوق الوظائف المؤقتة

كما أنَّ للحكم تداعيات على اقتصاد الوظائف المؤقتة بشكل أوسع، وعلى الشركات الأخرى التي تستخدم خدمات الأطراف الثالثة لتوظيف العاملين المستقلين.

وقال هاي وود، إنَّه يأمل "أن ينضمَّ إلينا جميع المشغِّلين الآخرين في تحسين جودة العمل لهؤلاء العمال المهمين، الذين يشكِّلون جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية".

وقد تؤدي التغييرات إلى إحداث فوضى في بعض نماذج الأعمال التجارية التقنية، فقد قالت ماري ووكر، محامية التوظيف في "غوردونز" Gordons، التي لم يكن لها دور في القضية: "إنَّ تأثيرات هذا القرار ستصل بعيداً، بل ويخترق القرار قلب هيكل اقتصاد العمل المؤقت. فلقد تآكل نموذج هذا العمل الهزيل والمنخفض التكلفة بسبب الحاجة إلى دفع الحدِّ الأدنى للأجور والسماح بالإجازة".

وأضافت أنَّ "بعض الشركات لن تكون قادرة ببساطة على مواصلة نشاطها مع ارتفاع قاعدة التكاليف".

"أوبر" تستجيب أخيراً لمطالب السائقين

وفي حكم موجع الشهر الماضي، رفضت المحكمة العليا في بريطانيا بالإجماع حجج "أوبر" أنَّ السائقين ليسوا عمالاً، مما لم يمنح الشركة خياراً سوى تقديم مزايا موسَّعة.

وقالت "أوبر" بعد حكم المحكمة، إنَّ القرار ينطبق فقط على حفنة من الأشخاص الذين رفعوا الدعوى الأولية، ولكنَّها ظلت صامتة منذ ذلك الحين بشأن خططها المستقبلية للأعمال التجارية في بريطانيا، فقد أجرت مشاورات مع سائقيها.

وقال ميك ريكس، المسؤول الوطني في"جي إم بي"GMB، إحدى النقابات العمالية التي دعمت القضية: "كان يجب جر "أوبر" بالركل والصراخ لكي تفعل الشيء الصحيح، ولكنَّها وافقت أخيراً على اتباع قرار المحاكم، ومعاملة سائقيها كعمال".

وأضاف ريكس: "يجب على شركات اقتصاد الوظائف المؤقتة الأخرى أن تنتبه، فهذه هي نهاية الطريق للتوظيف الذاتي الوهمي".

وبموجب التغييرات التي تمَّ الإعلان عنها يوم الثلاثاء، سيتمُّ تطبيق الحد الأدنى للأجور بعد قبول طلبات الرحلة على التطبيق.

كما سيُمنح السائقون إجازة على أساس 12.07% من أرباحهم، تُدفع كل أسبوعين.

وسيتمُّ أيضاً تسجيل العمال تلقائياً في خطَّة معاشات تقاعدية تشمل مساهمات نسبتها 3% من أرباح السائق من "أوبر"، بالإضافة إلى التأمين الذي يغطي المرض، والإصابة، وإجازة الوالدين، وهو قائم منذ عام 2018.

السائقون لديهم مطالب إضافية

وقال ياسين أسلم، أحد السائقين الذين رفعوا القضية لأوَّل مرة منذ خمس سنوات:"لقد صدمت للغاية لرؤية هذا. إنَّها خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن هذا شيء كان ينبغي عليهم القيام به في عام 2016".

ولا يزال أسلم يشعر بالقلق، لأنَّ شركة "أوبر" قالت، إنَّ السائقين يستحقون الحدَّ الأدنى من الأجور بعد قبولهم للرحلات على التطبيق، مما يعني أنَّه لن يتمَّ الدفع لهم أثناء جلوسهم بسياراتهم في انتظار طلب رحلة.

وقال أسلم: "يجب أن يحصل السائق على الحدِّ الأدنى للأجور في اللحظة التي يتمُّ فيها تسجيل الدخول حتى تسجيل الخروج. هم لم يصلحوا الوضع كما يقولون".

وفي الغالب، ستأتي التكاليف الإضافية للشركة من مدفوعات الإجازات، ومساهمات المعاشات التقاعدية، بدلاً من الحدِّ الأدنى للأجور.

وقالت الشركة، إنَّ سائقي "أوبر" يكسبون في المتوسط ​​17 جنيهاً إسترلينياً للساعة في لندن، و14 جنيهاً إسترلينياً للساعة في باقي أنحاء البلاد.

ومثَّلت أعمال "أوبر" التجارية في بريطانيا حوالي 6.4% من إجمالي حجوزات التنقل العالمي في الربع الرابع.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول "أوبر"، إنَّها ستضع تدابير للسائقين من أجل الحصول على تعويض عن أجر الإجازة المتأخرة والأرباح المفقودة، دون الحاجة إلى الذهاب إلى محكمة العمل حيث بدأت القضية.

ويعدُّ قانون بريطانيا فريداً من ناحية تمييزه بين الموظفين الذين يحقُّ لهم الحصول على حقوق العمل القانونية- مثل مكافأة نهاية الخدمة- والعمال الذين يحقُّ لهم الحصول على أجر المعيشة، وأجر الإجازة دون الحصول على المجموعة الكاملة من المزايا.

وكانت "أوبر" تضغط من أجل الوصول إلى تصنيف عمل منفصل بمزايا محدودة في الولايات المتحدة.