لماذا يصاب المستثمرون في الأسهم الصينية بالإحباط؟

سوق الأسهم الصينية أصاب المستثمرين بالإحباط
سوق الأسهم الصينية أصاب المستثمرين بالإحباط المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعدُّ الاستثمار في سوق الأسهم الصينية البالغة قيمتها 10.7 تريليون دولار محبطاً خلال الفترة الحالية، فعلى مرِّ السنوات أصبحت فترات صعود السوق أقصر وأضيق نطاقاً، مما يجعل لعبة الشراء والانتظار لعبة خاسرة.

ومن القاع إلى الذروة، حقَّق الارتفاع اللاحق لكوفيد في مؤشر "سي إس آي 300" مكسباً بنسبة 65% فقط، وهو أداء غير مبهر بالمقارنة بقفزات 2007 ، و2009، و2015.

وتهدأ شراهة وحماسة المستثمرين سريعاً جداً، وتراجع المؤشر بالفعل بنسبة 15% من المستوى المرتفع في منتصف فبراير، برغم التوقُّعات بنمو الاقتصاد الصيني بأسرع وتيرة في عشر سنوات.

لماذا تعدُّ الفترات الصاعدة سريعة الزوال إلى هذا الحد؟

ويبدو أنَّ سوق الأسهم غير قادرة على النضج، ولا تزال مدفوعة بالسيولة، وتتبع

ما يعرف بـ"حافز الائتمان" من قبل الحكومة- وهو مقياس يقيس ما إذا كان الائتمان يتسارع في الاقتصاد أم لا.

وتشير الفكرة -التي اقترحها لأوَّل مرة مايكل بيغز من جامعة أوكسفورد- إلى أنَّ التعافي الاقتصادي يمكن أن يحدث بدون انتعاش في الائتمان، ولكنَّ تراجع الائتمان يرتبط بتباطؤ النشاط الاقتصادي.

ويبدو أنَّ المتداولين يوافقون على هذه النظرية، ويظهر الرسم البياني أدناه أنَّ الأسهم تحرَّكت بالتماشي مع حافز الائتمان من قبل الدولة باستثناء دورة صعود 2015.

الائتمان الصيني يتراجع

ولسوء حظ المستثمرين في سوق الأسهم، تصبح بكين أكثر اعتماداً على هذه الحوافز، وتُقدِّر "بلومبرغ إيكونوميكس" أنَّ حافز الائتمان الصيني بدأ في التراجع منذ نوفمبر، برغم أنَّ التسارع لم ينطلق انطلاقة ذات معنى سوى في مارس.

وقال صنَّاع السياسة في مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي، في منتصف ديسمبر، إنَّهم يريدون أن تظلَّ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي "مستقرَّة بقدر كبير" في 2021، وأن يكون المعروض النقدي متماشياً مع النمو الاسمي في الناتج المحلي الإجمالي، وتبيَّن أنَّهم جادون بشأن ذلك.

وعلى عكس الولايات المتحدة، تسحب الصين الإنفاق التحفيزي بوتيرة أسرع بكثير، ويتلاشى طبع الأموال سريعاً.

وبعد انهيار "ليمان براذرز"، أطلقت بكين محفِّزات استثنائية في 2009، وفي حين كانت جولة 2015 أصغر، وتركَّزت في الأغلب على تطوير العشوائيات، فإنَّها استمرت عامين.

أما هذه المرة لم تستمر الأموال السهلة حتى لعام، مما يساعد في تفسير أسباب انخفاض شراهة الشراء في سوق البر الرئيسي "هونغ كونغ"، ويشعر الجميع أنَّهم مقطوعو الأنفاس بعد التغيُّر السريع في السياسة.

تغيرات سريعة في السياسات الحكومية

ولسنوات، كانت تحاول بكين تحقيق "صعود بطيء" لتجنُّب الارتفاع الحاد، والانهيار المشهودين في 2015، ولكن كيف يمكن تحقيق هذا الصعود البطيء إذا كان حافز الائتمان الحكومي سريعاً ومحبطاً؟

وربما إذا كانت السياسات الكلية مستدامة ومستقرة، كان المستثمرون سيتخلّون عن خوفهم مع كل اجتماع رفيع المستوى، ويركِّزون على أسس الشركات، ولكنَّ الأبحاث المتعلِّقة بالأسهم ليست ممكنة في الوقت الحالي الذي يتسم بالكثير من التحوُّلات والتقلُّبات في السياسات الكلية.

وبالتأكيد، لدى الصين أسباب جيدة لغلق صنابير السيولة بمجرد أن يُظهر الاقتصاد أي علامة على التعافي، فهي واحدة من الدول الأكثر مديونية في العالم، واعتباراً من نوفمبر، ارتفعت نسبة دين القطاعات غير المالية من الناتج المحلي الإجمالي إلى 280% مقابل 254% قبل عام.

ولا تزال التحوُّلات الحادة في السياسة تثير الفزع، ويتعيَّن على بكين أن توجه سياستها ببطء، وإلا سيصاب الجميع بدوار الحركة.