أكبر 3 مستهلكين للفحم في العالم يستعدون لحرق المزيد في 2021

زيادة في استهلاك الفحم في 2021 تمحو الانخفاضات التي حققتها جائحة كورونا في العام الماضي
زيادة في استهلاك الفحم في 2021 تمحو الانخفاضات التي حققتها جائحة كورونا في العام الماضي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستعد أكبر ثلاثة مستهلكين للفحم في العالم، (أمريكا والصين والهند)، لزيادة استخدامه لدرجة تجعل نسبة الانخفاضات في الانبعاثات التي نتجت عن الجائحة، تبدو كأنَّها لم تحدث قط. إذ يعدُّ الفحم أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثاً للبيئة.

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأسبوع الماضي، إنَّه من المرجَّح أن تستهلك محطات الطاقة الأمريكية الفحم بنسبة تزيد 16% هذا العام مقارنةً بعام 2020، لترتفع كذلك بنسبة 3% في عام 2022.

أما الصين والهند، اللتان تمثِّلان معاً ما يقرب من ثلثي نسبة الطلب على الفحم، فليس لديهما أيضاً أي خطط لخفض الإنتاج على المدى القريب.

ويعني هذا زيادة في نسبة الانبعاثات، وانتكاسة بالنسبة للحراك المناخي. وذلك بالرغم من المحادثات الدولية الطموحة هذا العام التي تهدف إلى رفع مستوى الالتزام بموجب اتفاقية باريس للحدِّ من غازات الاحتباس الحراري.

وقد تقوّض نسبة الانبعاثات الزائدة في الولايات المتحدة، جهود الرئيس جو بايدن لإعادة سمعة الولايات المتحدة كقائدة للحراك البيئي، مما يزيد من الضغوطات الواقعة عليه لتنفيذ أجندته المناخية بسرعة.

وتقول أماندا ليفين، محللة السياسات في مجلس الدفاع عن الموارد الوطنية، الذي يتخذ مدينة نيويورك مقرَّاً له: "سنشهد زيادة ملحوظة فعلاً في نسبة الانبعاثات، وذلك مع عودة استهلاك الفحم في محطات الطاقة الأمريكية إلى مستويات عام 2019 تقريباً، ولكن إذا نفَّذ بايدن سياسات الطاقة الخضراء، كما هو متوقَّع؛ فسيصبح من الممكن أن نشهد تغييرات بسرعة كبيرة".

أسباب زيادة استهلاك الفحم

وتعود الزيادة الأمريكية في استهلاك الفحم إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، والتعافي من الجائحة. أما بالنسبة للصين والهند، فالزيادة تعكس الطلب المتزايد على الكهرباء الذي يحافظ على الفحم مصدراً رئيسياً لتوليد الطاقة، بالرغم من إضافة كميات هائلة من مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وفي حين أنَّ حافز بايدن الخاص بـ (كوفيد-19) لم يركِّز على الطاقة الخضراء، فهناك مشروع قانون بنية تحتية معلق، من المتوقَّع أن يتضمَّن خططاً للوفاء بتعهداته في حملته بشأن تغيُّر المناخ.

وهو ما يجعل الولايات المتحدة في وضع أفضل لإنقاذ أي تقدُّم في خفض الانبعاثات العالمية.

وكان بايدن قد قال، إنَّ الولايات المتحدة تستهدف تحقيق الحياد الكربوني مع حلول عام 2050، وهي بصدد عقد اجتماع في شهر أبريل المقبل، ومن المتوقَّع أن يشمل الصين والهند.

وكان الرئيس الصيني "شي جين بينغ" قد فاجأ العالم بوعده العام الماضي بتحقيق انبعاثات صافية صفرية بحلول عام 2060. ويذكر أنَّ الهند لم تقدِّم بعد أي التزام مماثل.

الفحم أساسي لتوليد الكهرباء في الصين

إلا أنَّ رئيس الوزراء "لي كه تشيانغ" لم يضع في أحدث خطة خمسية للصين، التي تمَّ الإعلان عنها يوم 5 مارس، هدفاً صارماً لخفض الانبعاثات.

وقال، إنَّ الفحم سيظل مكوِّناً رئيسياً في استراتيجية الكهرباء. وقد تتضمَّن خطط الطاقة الأكثر تفصيلاً، التي سيتمُّ نشرها في وقت لاحق من العام، خطوات محددة للحدِّ من استهلاك الوقود الأحفوري.

وفي حين أنَّ بكين خفَّضت حصة الفحم في مزيج الطاقة في البلاد خلال السنوات الأخيرة، إلا أنَّ إجمالي استهلاك الطاقة ارتفع، مما يعني زيادة في استخدام الفحم.

كما يجعل امتلاك الصين أكبر أسطول محطات طاقة تعمل بالفحم في العالم، التي يبلغ عمر أكثر من نصفها أقل من 10 سنوات، أكثر تعقيداً.

ونظراً لإمكانية تشغيل هذه المحطات لعدَّة عقود أخرى، سيكون من الصعب التحوُّل إلى بدائل مستدامة.

ويقول دينيس وامستيد، المحلل في معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي: "كل هذه القدرات المتوفِّرة، لن تختفي بين عشية وضحاها".

ويقول تانغ داتشيان، المدير المساعد في شركة "فيتش بوهوا"، إنَّه على الرغم من أنَّ الانتعاش في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل البناء وإنتاج المعادن، يعزز حالياً الطلب على الفحم على المدى القصير، إلا أنَّ الاستهلاك سينخفض في السنوات المقبلة، في حين تعمل الصين على الوفاء بوعودها المناخية.

الهند بعيدة عن خفض انبعاثات الكربون

أما الهند فهي الأخرى بعيدة جداً أيضاً عن تحقيق خفض في الانبعاثات، وذلك على الرغم من تصريحات رئيس الوزراء ناريندرا مودي هذا الشهر أنَّ الهند تسبق جدولها الزمني للوفاء بالتعهدات الأولية لخفض الكربون بموجب اتفاقية باريس، وذلك لخفض كثافة الانبعاثات التي سجَّلت عام 2005 بنسبة 33% إلى 35% مع حلول 2030.

وفي حين أنَّ البلاد قد نفَّذت طرحاً طموحاً للطاقة الشمسية، فلا يزال الفحم يمثِّل حوالي 70% من عمليات توليد الكهرباء.

وبناء على ما أفادته "بلومبرغ انتلجنس"، من المتوقَّع أن يرتفع الاستهلاك في محطات الطاقة بنسبة 10% هذا العام، وأن يرتفع كل عام بعدها حتى عام 2027 على الأقل.

ارتفاع أسعار الغاز يزيد الطلب على الفحم

وقد انتعش استخدام الفحم في الولايات المتحدة بعد أن أدَّت جائحة فيروس كورونا إلى تقليص استخدام الكهرباء، وخفض الطلب على الوقود بنسبة 19% العام الماضي. فضلاً عن المكاسب في أسعار الغاز الطبيعي، التي ارتفعت بأكثر من 40% عن العام الماضي.

فعندما يصبح الغاز أكثر تكلفة، تبدأ المرافق في كثير من الأحيان في حرق المزيد من الفحم لخفض التكاليف، على الرغم من أنَّه يصدر ضعف الانبعاثات.

وتتوقَّع إدارة معلومات الطاقة أن تظلَّ أسعار الغاز مرتفعة حتى عام 2022، مما يشير إلى قوة الطلب على الفحم العام المقبل.

مستقبل استخدام الفحم

لكنَّ آفاق الفحم هي أكثر قتامة على المدى الطويل، ففي حين أنَّ استهلاك كبار المستخدمين قد يرتفع في عام 2021، إلا أنَّ الأسواق الناشئة التي بدت ذات يوم على أنَّها المستهلك الأكبر على المدى الطويل أصبحت تدير ظهرها للوقود، لأنَّ التمويل بات أكثر صعوبة، وأصبح الوصول إلى بدائل مثل الغاز والطاقة المتجددة، أكثر سهولة، وأقل تكلفة.

فقد تخلَّت بنغلاديش عن جميع مشاريعها المخطط لها تقريباً، كما أعلنت الفلبين العام الماضي تعليقاً اختيارياً لمحطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم.

وقال "وامستيد" من معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي: "إنَّ التوجُّهات تستمر بالانخفاض أكثر فأكثر".

ولكن في البداية، فإنَّ الوقود مهيَّأ لانتعاش من شأنه أن يرفع الطلب العالمي الإجمالي هذا العام بعد انخفاض لسنتين متتاليين، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة. وتعكس توقُّعاتها بزيادة الاستهلاك بنسبة 2.6% هذا العام التوقُّعات بانتعاش في كلِّ مناطق العالم.

وتتوقَّع شركة "كول انديا" (Coal India)، أكبر منتج للفحم في العالم، زيادة الاستهلاك مع عودة الصناعات بما في ذلك الصلب، والأسمنت، والألمنيوم، إلى مستويات ما قبل الجائحة. وكانت الشركة قد وافقت هذا الشهر على استثمارات تزيد على 6 مليارات دولار في مناجم وتوسُّعات جديدة.

ويقول بيناي ديال، المدير الفني للشركة: "هناك قضايا تغيُّر مناخي تتعلَّق بالفحم، ولكنَّ احتياجات الهند من الطاقة لن تسمح لها بالتخلُّص من الوقود على الفور".