هل يوقف التحالف الخليجي الشرق متوسطي التمدد التركي- الإيراني؟

باخرة نفط تعبر البحر الأبيض المتوسط.. الأوروبيون يرحبون بإمدادات الغاز من دول "منتدى غاز شرق المتوسط" التي تقلل اعتمادهم على غاز روسيا وخطوط الأنابيب التي تمر عبر تركيا
باخرة نفط تعبر البحر الأبيض المتوسط.. الأوروبيون يرحبون بإمدادات الغاز من دول "منتدى غاز شرق المتوسط" التي تقلل اعتمادهم على غاز روسيا وخطوط الأنابيب التي تمر عبر تركيا المصدر: بلومبرغ
Seth J. Frantzman
Seth J. Frantzman

Seth J. Frantzman covers Middle East affairs for the Jerusalem Post. He is the author of "After ISIS: America, Iran and the Struggle for the Middle East" and executive director of the Middle East Center for Reporting and Analysis.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتشكل تحالفات اقتصادية وأمنية جديدة في منطقتي الشرق الأوسط، وشرق البحر الأبيض المتوسط​​، تربط هذه التحالفات الدول العربية باليونان وقبرص وإسرائيل، يُحتمل أن تكون لها تأثيرات عميقة الأثر على كِلا المنطقتين.

وتستند العلاقات إلى مصالح تتقارب بشكلٍ متسارع في الآونة الأخيرة، من ضمنها التوترات بين تلك الدول والقوى الإقليمية؛ إيران وتركيا، تدعمها شراكات في مجال الطاقة والأمن.

وتمثل هذه التحالفات واقعاً جيوسياسياً واقتصادياً جديداً، شهد تغيّرات كبيرة منذ نهاية الحرب الباردة، والتي شكّلت على مدى عقود أساساً للتحالفات الإقليمية.

منعطف حاد

في الآونة الأخيرة، أدّت الإطاحة بأنظمة ديكتاتورية، من العراق إلى ليبيا، بالتزامن مع تراجع شهية الولايات المتحدة للانخراط في شؤون الشرق الأوسط، إلى حدوث فراغ سعت إيران وتركيا لملئه والإفادة منه لمصالحهما، هذا التطور، دفع دول المنطقة بدورها إلى التعاون معاً عبر سُبُلٍ كان يُعتقد سابقاً أنها مستحيلة، أو بأقل تقدير غير ضرورية.

وساهم التهديد الإيراني في تغلّب الإمارات العربية المتحدة والبحرين على موقفهما المعادي تاريخياً الإسرائيل، ما أدّى إلى توقيع "اتفاق إبراهيم" لتطبيع العلاقات.

ومع أن اليونان ليست دولة مجاورة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لكن الدول الثلاث تشترك بتوخي الحذر من الطموحات التركية في ساحاتها الخلفية، وتسعى لإقامة علاقات أوثق في المجال الأمني، وشاركت طائرات حربية إماراتية وسعودية في مناورات عسكرية يونانية.

وبموازاة تسارع وتيرة إقامة المناورات العسكرية متعددة الجنسيات، تتبلور أيضاً تجمّعات دبلوماسية متعددة الأطراف، مثل منتدى "فيليا" الذي عُقد في أثينا الشهر الماضي، بحضور اليونان وإسرائيل وقبرص والمملكة العربية السعودية ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة.

وتشهد المنطقة أيضاً نشوء ائتلافات اقتصادية، مثل "منتدى غاز شرق المتوسط"​​، الذي يجمع اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية، إلى جانب إيطاليا وفرنسا.

هواجس أمريكية أوروبية

بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، تمثل هذه التجمّعات، بمختلف أوجهها، فرصاً جديدة لكنها تُشكّل أيضاً تحدياتٍ مستجدة.

فقد يؤدي التعاون بين إسرائيل والدول العربية، على سبيل المثال، إلى تقليل العبء الأمني ​​عن كاهل الولايات المتحدة، لكن معارضتهم المشتركة للتسوية مع إيران بشأن برنامجها النووي قد تؤدي، بالمقابل، إلى تعقيد جهود الرئيس الأمريكي جو بايدن لاستئناف المسار الدبلوماسي مع الجمهورية الإسلامية.

وسيكون الأوروبيون - وخاصة الفرنسيين – سعداء بلعب دور شرطي شرق المتوسط، بالشراكة مع التحالف الخليجي المتوسطي، لمواجهة التوسع التركي. كما سيرحب الأوروبيون بإمدادات الغاز من دول "منتدى غاز شرق المتوسط"، التي تقلل اعتمادهم على غاز روسيا وخطوط الأنابيب التي تمر عبر تركيا. لكن بعض القادة الأوروبيين، الذين مازالوا يعيشون هاجس حادثة التصادم بين سفينة حربية يونانية وأخرى تركية الصيف الماضي، ينتابهم القلق من خروج الخلافات البحرية عن نطاق السيطرة.

موقف إيران وتركيا

من جهتهما، كانت استجابة إيران وتركيا متباينة تماماً إزاء تشكل التحالفات الجديدة بالمنطقة. فالنظام في طهران يواصل بحزم موقفه العدائي لإسرائيل وتجاه دول الخليج العربي، واستراتيجيته طويلة الأمد المتمثلة باستخدام الميليشيات بالوكالة - في لبنان وغزة والعراق واليمن – لمهاجمة هذه الدول. بينما تركيا تتبنّى مقاربةً أكثر تصالحاً.

ففي الأسابيع الأخيرة، أشارت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى اهتمامها بترميم العلاقات مع العالم العربي، وعلى الأخص مع مصر والمملكة العربية السعودية.

وجرى تفسير الموقف التركي على أنه رد فعل على التغيير الدراماتيكي الذي شهده البيت الأبيض، المتمثل بمجيء بايدن رئيساً للولايات المتحدة خلفاً لترمب. لكنه أيضاً مستوحى من تزايد وتيرة التعاون بين خصوم أنقرة.

كما أن هناك أسبابا اقتصادية لتواصل أردوغان مع مصر. فقد أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن بلاده حريصة على إبرام اتفاق حدودي بشأن المناطق البحرية المتنازع عليها بين الدول المطلّة على شرق البحر المتوسط.

ومن جهتهم، أشار السعوديون والإماراتيون إلى أنهم منفتحون على علاقات أفضل مع الأتراك، لكن النقاط العالقة بين الجانبين، لاسيما دعم أردوغان للإخوان المسلمين، فضلاً عن التنافس التركي السعودي الأوسع على النفوذ في العالم الإسلامي، سيجعل التوافق صعباً بين الجانبين.

واستناداً لكل ما تقدّم، من المرجّح، في المستقبل المنظور، أن تنمو التحالفات الجديدة بين دول الخليج العربي وبلدان شرق المتوسط بشكل أعمق وأقوى.