لماذا لا يزال شراء الملابس عبر الإنترنت أمراً صعباً؟

التجارة الإلكترونية ازدهرت بقوة مع تفشي كورونا لكنها تواجه تحدياً حاليا لمواصلة هذا الزخم بعد عودة المتاجر التقليدية للعمل
التجارة الإلكترونية ازدهرت بقوة مع تفشي كورونا لكنها تواجه تحدياً حاليا لمواصلة هذا الزخم بعد عودة المتاجر التقليدية للعمل المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إن كانت عمليات الإغلاق في العام الماضي، قد عرّفت ملايين الناس بمدى سهولة التسوق عبر الإنترنت، فهي أيضاً أثبتت وجود بعض نقاط الضعف في التجارة الإلكترونية مثل قطع الملابس التي تصل بالمقاس الخطأ، وعمليات إرجاع البضائع التي تستغرق وقتاً طويلاً، ومشتريات البقالة التي تصل وقد قاربت صلاحيتها على الانتهاء، وخدمة الزبائن المملة.

ويعني هذا أنه في حال أراد بائعو التجزئة عبر الإنترنت الاحتفاظ بعملائهم بعد إعادة فتح المتاجر، فهذه مشكلات سيحتاجون إلى حلها.

وقد أنفق المستهلكون في الولايات المتحدة وحدها 192 مليار دولار على الشراء عبر الإنترنت في عام 2020 أكثر مما أنفقوه في العام السابق.

وقد استفادت أسهم التجارة الإلكترونية من ذلك، حيث قفزت أسهم شركة "واي فير" لبيع الأثاث، على سبيل المثال، إلى ما يقرب من 10 أضعاف قيمتها خلال الاثني عشر شهراً الماضية، في حين ارتفعت أسهم شركة الأناقة والأزياء "ستيتش فيكس" بنسبة 250%، أما أسهم شركة "فار فيتش"، فقد ارتفعت بنسبة 700%.

وارتفعت أسهم شركة "أمازون" بنسبة 62% كما ارتفعت أسهم شركة "إيسوس" في المملكة المتحدة بنسبة 340%.

وسيتعذرشرح هذه التقييمات، في حال كانت هناك عودة كبيرة إلى المتاجر التقليدية. لذلك سيتوجب على الرابحين الرقميين التفكير في طرق تحسين تجارب عملائهم، بدءاً من طريقة استخدام البيانات لمساعدة الأشخاص في اختيار القطع المناسبة، إلى تبسيط عملية الإرجاع والاستبدال.

الملابس هي الأكثر تعقيداً

وقد يكون قطاع الملابس هو القطاع الأكثر تعقيداً. حيث كان الكثير من محالّ بيع الملابس قد اتجهت نحو السوق الرقمية قبل الجائحة.

ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تم ما نسبته 18% من مبيعات المنسوجات والملابس والأحذية، عبر الإنترنت، وذلك في شهر يناير 2020، بناءً على ما أفاد به مكتب الإحصاء الوطني في البلاد.

وبالرغم من أن هذه النسبة ارتفعت إلى 50% بعد عام، إلا أن هذا لا يعني أننا سنستمر جميعاً في البحث عن الملابس وشرائها عبر الإنترنت.

وقد ارتفعت مبيعات الملابس عبر الإنترنت في العام الماضي بنسبة أقل بكثير من مبيعات المواد الغذائية والمشروبات والإلكترونيات الاستهلاكية وأدوات العناية الشخصية والمفروشات المنزلية بحسب ما ذكرته شركة "إيماركيتير".

وفي حين يرجع ذلك جزئياً إلى أن الأشخاص كانوا يغادرون المنزل بمعدل أقل، إلا أنه يتعلق أيضاً بالتحديات الأزلية التي تواجه توفير القياسات الصحيحة للعملاء الذين يشترون عن بعد.

وصحيح أن هذه لم تكن مشكلة تذكر أثناء فترات الإغلاق (فالسراويل الرياضية تأتي على القياس دائماً)، إلا أنها مشكلة ستظهر مرة أخرى بمجرد أن تبدأ حاجة الناس إلى ملابس جديدة.

وعلى سبيل المثال، تخيّل أنك تريد شراء حذاء رياضي جديد، وأنك طلبته بقيمة 100 دولار من شركة "نايكي". إلا أنك وجدت الحذاء ضيقاً جداً فقمت بإرجاعه وطلب قياس أكبر.

إلا أنه لن يتم إرسال زوج الأحذية الثاني الذي طلبته إلا بعد أن يصل الزوج الأول الذي أرجعته إلى المستودع.

وسيصبح المشهد كالتالي: مر أسبوع منذ أن طلبت الحذاء لأول مرة، والآن شركة "نايكي" تمتلك 200 دولار من نقودك وأنت لا تمتلك بعد زوج الأحذية الذي يناسب قياس قدمك.

وتعد هذه العملية بالنسبة للعديد من الأشخاص معقدة ومتعبة جداً مقارنة بزيارة المتجر، حيث يمكنك تجربة ثلاثة أزواج في 10 دقائق والعودة إلى المنزل بحذائك الجديد.

حلول مبتكرة

ويمكن للشركات التعلم من تلك التي تخصصت في البيع عبر الإنترنت قبل انتشار الجائحة. ومنها شركة "ستيتش فيكس" على سبيل المثال، والتي ترسل مجموعة من الملابس إلى عملائها بناءً على تفضيلاتهم، وهم يدفعون فقط مقابل ما يقررون الاحتفاظ به (لذلك ليس هناك فترة انتظار لاسترداد الأموال).

وتأخذ الشركة عشرات القياسات لكل جزء من قطعة الملابس، فهي تقيس قمصان الرجال، على سبيل المثال، من 15 مكاناً مختلفاً حتى يستطيع العميل رؤية مدى ملائمة القميص. وهو ما يسمح لهم بضبط كل قطعة من الملابس بناءً على قياسات الجسم التي يقدمها العملاء. وبالتالي أي عمليات لترجيع القطع لن تكون بسبب المقاس، بل مسألة ذوق فقط.

ويقول أوليفر رايت، رئيس قسم عمليات السلع الاستهلاكية في شركة "أكسنتشر"، إن الزيادة في التسوق عبر الإنترنت أثناء الجائحة يعني أن تجّار التجزئة لديهم الآن الكثير من البيانات لتخصيص عروضهم والاستجابة لتفضيلات العملاء.

وبالنسبة للسلع الفاخرة، على سبيل المثال، هذا يعني معرفة ما قد يعجب العملاء المهمين بالضبط وإرسال رسائل إليهم عندما يصدر مصممهم المفضل مجموعة جديدة.

تجربة شراء السلع الفاخرة

وفي المستقبل، سيتعين على الشركات عبر الإنترنت التفكير بجدية أكبر في إعادة تصميم تجربة التسوق الشخصية بمجرد فتح المتاجر. حيث أن جزءاً كبيراً من متعة زيارة متاجر الملابس في قطاع الرفاهية هو الاهتمام الشديد والخدمة التي يتلقاها العميل.

ففي متجر "شانيل" أو "لويس فيتون"، على سبيل المثال، يلبي مندوب المبيعات كل احتياجاتك، ويجد المنتج المناسب لك تماماً، ويساعدك على سداد الثمن بسلاسة، ويقوم بتغليف المنتج بأسلوب فاخر. وبالطبع ليس غريباً أيضاً أن يقدم لك الشراب الفاخر والحلوى عند إغداق العميل للأموال بسخاء على المنتجات الراقية.

ومع ذلك، تقدر شركة "بين أند كو" أن 30% من سوق السلع الفاخرة الشخصية ستتجه نحو الإنترنت بحلول عام 2025. والأسلوب الذي يتبعه التجار في سوق الرفاهية قد يشكل مثالاً تعليمياً لتجار التجزئة الآخرين.

وسوف يذهب البعض لتكرار جميع الخدمات الموجودة في المتجر عبر الإنترنت فضلاً عن جلسات تصميم افتراضية وتقديم مجوهرات وساعات عبر تطبيق "زووم".

وتحاول شركة "ماتشيز فاشن" لمتاجر التجزئة الفاخرة عبر الإنترنت، على سبيل المثال، توفير لمسة شخصية من خلال تضمين ملاحظة داخل كل شحنة من الشخص الذي قام بتعبئة الطلب.

وفي حين يتبنى البعض الآخر نموذجاً هجيناً مثل مجموعة "بيربري غروب" التي تمتلك "متجراً اجتماعياً" في مدينة "شينزين" يحتوي على قسم خاص لا يمكن للمتسوقين الوصول إليه إلا إذا تفاعلوا بشكل كافٍ مع العلامة التجارية في المتجر أو عبر الإنترنت أو من خلال تطبيق "وي شات".

ويمكن للشركات أيضاً، إيجاد طرق مبتكرة لاستخدام مساحات المتاجر التقليدية. ويمكن استخدام المتاجر، على سبيل المثال، لأغراض التسليم بسرعة فائقة لعملاء الإنترنت المهمين. ولدى شركة "ماتشيز فاشن" بالفعل منزل مستقل في حيمايفير المزدهر بلندن، والذي تستخدمه لجلسات التسوق الشخصية والمناسبات الخاصة.

وازدهر التسوق عبر الإنترنت في عام 2020 عندما اضطر الناس إلى شراء كل شيء من المنزل. وسيحتاج تجار التجزئة إلى حل بعض التفاصيل للحفاظ على الزخم، وحتى يختار العملاء البقاء على التسوّق عن بعد عندما يصبح الأمر اختيارياً.