جنوح سفينة قناة السويس.. حادثٌ نادر بدلالات كثيرة

حاويات على متن إحدى السفن العملاقة العابرة لقناة السويس.
حاويات على متن إحدى السفن العملاقة العابرة لقناة السويس. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُعدُّ جنوح سفينة الحاويات العملاقة ذات الحمولة البالغة 200 ألف طن، الذي أدَّى لتوقُّف حركة الملاحة عبر قناة السويس لأيام عدَّة، مثالاً درامياً، وإن كان نادراً لحادث خطير يطال الشريان التجاري الرئيسي.

وتوقَّفت حركة السفن بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ​​منذ وقت مبكر من يوم الثلاثاء، ولم تنجح الجهود المبذولة لتحرير السفينة "إيفير غيفن" (Ever Given) حتى الآن، مما يزيد من احتمالية استغراق معاجلة المشكلة حتى نهاية الاسبوع.

الأضخم من نوعه

تمرُّ أكثر من 50 سفينة يومياً عبر القناة، التي تتعامل مع ما لا يقل عن 10% من حركة التجارة العالمية. وتُعدُّ مثل هذه الحوادث نادرةً للغاية، فقد تمَّ الإبلاغ عن 75 حادثة مماثلة على مدار العقد الماضي، وفقاً لشركة "آليانز غلوبال كوربوريت آند سبشيلتي" (Allianz Global Corporate & Specialty SE).

وأشارت شركة التأمين في بيان، أنَّ أكثر من ثلث تلك الحوادث تعلَّق بسفن حاويات، وكان الجنوح أكثر الأسباب شيوعاً، مثلما حدث مع "إيفير غيفن".

ويسلِّط إغلاق قناة السويس الضوء على المخاطر التي تواجهها صناعة الشحن مع مرور المزيد من السفن عبر نقاط الاختناق البحرية، ومنها: قناة السويس، وقناة بنما، ومضيق هرمز، ومضيق ملقا في جنوب شرق آسيا. إذ تمر السفن على هذه الممرَّات أيضاً، والتي يزداد حجمها باطِّراد. وبالتالي؛ فإنَّ عمليات إنقاذها، في حال وقوع حوادث، أكثر تعقيداً . وبحسب "آليانز"، فقد تضاعفت سعة السفن من ناحية عدد الحاويات المنقولة على متنها بالعقد الماضي.

وتقول ليندساي مالين حبيب، رئيسة جمعية الإنقاذ الأمريكية، في إشارة إلى حادثة "إيفر غيفن": "لم أرَ قط جنوحاً بهذه الحدَّة لسفينة حاويات بهذه الضخامة في أيِّ قناة. هذه الحادثة أولى من نوعها، إن ماخانتني ذاكرتي".

حوادث مماثلة

برغم ذلك، لا يُقارن الاضطراب الحالي بإغلاق قناة السويس لمدَّة ثماني سنوات في عام 1967. فقد تواجهت القوات المصرية والإسرائيلية على ضفتي الممر المائي خلال حرب الأيام الستة من ذلك العام، وبعدها مرة ​​أخرى خلال حرب أكتوبر من عام 1973، ولم يتم تنظيف القناة من السفن الغارقة، وإعادة فتحها حتى عام 1975.

وكان على السفن خلال تلك السنين الثماني المرور حول أفريقيا، مما أطال وقت خطوط التجارة العالمية، وزاد تكلفة الشحن. وتجدر الإشارة إلى أنَّه علقت 15 سفينة شحن، التي عُرفت حينها باسم "الأسطول الاصفر"، في منتصف قناة السويس بسبب الإغلاق، مما حوَّل رحلة تستغرق يوماً إلى محنة استمرت 8 سنوات.

وفي عام 2016، وقع حادثان منفصلان لسفينتين أديا إلى إغلاق القناة، واستمر الإغلاق لمدَّة يومين في إحدى الحالات.

وأوقف الإغلاق الأخير لقناة السويس عبور حوالي 185 سفينة، وفقاً لـِ ريتشارد ميد، مدير تحرير"لويدز ليست ماريتايم إنتيليجينس" (Lloyd’s List Maritime Intelligence) في لندن، وشملت لائحة السفن المنتظرة للعبور 40 ناقلة، تحمل سلعاً تشمل المحاصيل الزراعية، والبضائع الجافة، مثل الأسمنت، و17 ناقلة للنفط الخام، وفقاً لبيانات بلومبرغ.

إلى ذلك، شهدت الممرات المائية الأخرى، بخلاف قناة السويس، اضطرابات كبيرة، فقد أغلقت قناة بنما ليوم واحد في عام 1989، عندما شنَّت القوات العسكرية الأمريكية هجوماً على الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى للإطاحة برئيس البلاد مانويل نورييغا. وقبل عامين فقط، أدَّى حريق بمصنع كيميائي في تكساس إلى إغلاق قناة هيوستن للسفن لمدَّة ثلاثة أيام.