60 مليار دولار من حزمة التحفيز الأمريكية في طريقها إلى الصين

ديفيد ني، رئيس شركة "جيانغسو سيبوروي" للتصدير والاستيراد
ديفيد ني، رئيس شركة "جيانغسو سيبوروي" للتصدير والاستيراد المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتوقع "ديفيد ني" عاماً رائعاً لأعماله في صناعة إطارات السيارات الصينية، وذلك بفضل حزمة التحفيز المالي البالغة 1.9 تريليون دولار، التي قدمها الرئيس جو بايدن للاقتصاد الأمريكي مؤخراً.

ويعني حصول الأمريكيين على شيكات تحفيزية بقيمة 1400 دولار، "ارتفاعاً كبيراً في الطلب بالولايات المتحدة"، بحسب "ني" الذي تشتري شركته "جيانغسو سيبوروي" إطارات السيارات المصنوعة من سبائك الألمنيوم العالية الجودة من المنتجين الصينيين، وتبيعها إلى تجار التجزئة في الولايات المتحدة. ويقول: "سيحصل المواطنون على الأموال، وسيهرعون إلى التسوق،" متوقعاً أن ترتفع مبيعاته بأكثر من 30% هذا العام.

وسيؤدي التحفيز المالي الأمريكي إلى انعكاسات ضخمة على الاقتصاد العالمي، وخاصة الصين، أكبر مُصَدّر في العالم، إذ سيتم إنفاق حوالي 360 مليار دولار من حزمة التحفيز على الواردات، وفقاً لشركة "أليانز"، مع احتمال زيادة الصادرات الصينية بمقدار 60 مليار دولار خلال 2021-2022، حيث سيقتنص الأمريكيون أجهزة الكمبيوتر، والمعدات المنزلية، والملابس.

ولكن ذلك يعني أيضاً زيادة في أسعار السلع الصينية، والتي بدأت بالارتفاع فعلياً، وقد يؤدي ذلك إلى احتمال تفاقم التوترات مع الولايات المتحدة بسبب الاختلالات التجارية.

وبينما سيشهد الاقتصاد في جارتي الولايات المتحدة؛ كندا والمكسيك، تأثراً كبيراً، إلا أن حزمة التحفيز المالي يمكن أن تزيد الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 0.5% خلال العام المقبل، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتقدر "بلومبرغ إيكونوميكس" أن تضيف زيادة الطلب الأمريكي بنسبة 1% حوالي 0.08% إلى الناتج المحلي الإجمالي الصيني.

وهذا يعني أن الاقتصاد قد يتوسع بنسبة 9% هذا العام، وفقاً لـ "يو بي إس" (UBS AG) التي رفعت توقعاتها لنمو الصادرات الصينية في عام 2021 إلى 16% مقارنة بـ3.6% العام الماضي. وبحسب كبير الاقتصاديين الصينيين، وانغ تاو، فإن زيادة الصادرات ستمنح مجالاً للشركات لكي تنفق على توسعة سعتها، مما سيسمح للصين بالحفاظ على مستوياتها العالية من الاستثمار رغم تباطؤ الإنفاق الحكومي على البنية التحتية. ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومة تستهدف رسمياً رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى "أعلى من 6"%" هذا العام.

وهناك مخاوف فعلية في الولايات المتحدة من أن التحفيز والانتعاش الاقتصادي المتوقع لهذا العام قد يؤديان إلى تضخم أسرع في أمريكا، تزامناً مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة في الأسابيع الأخيرة. وتعني زيادة الواردات من الصين، إلى جانب الانتعاش الأخير في أسعار المنتجين الصينيين، أن المستهلكين الأمريكيين قد يدفعون قريباً المزيد مقابل سلعهم أيضاً.

ويرى رجل الأعمال "ديفيد ني" أن منتجي الإطارات الصينيين يرفعون الأسعار بسبب زيادة تكاليف الشحن التي اقتربت من مستويات قياسية، وبسبب الارتفاع الأخير في تكاليف المعادن. ويقول: "لم يتعافَ التصنيع في جنوب شرق آسيا بعد، وستقع الطلبات على عاتق المصدرين الصينيين"، متوقعاً "أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة سترتفع بشكل لا يمكن تجاهله".

تحركات حمائية

قد يسبب الازدهار التجاري بذل المزيد من الجهود من جانب الولايات المتحدة للحد من الواردات على المدى الطويل، وذلك من أجل تخفيف الاختلال التجاري مع الصين، وهو الأمر الذي يعتبر مصدر توتر في واشنطن لسنوات.

وكتب مارك سوبيل، مسؤول سابق بوزارة الخزانة، في تعليق الأسبوع الماضي: "بالنظر إلى تاريخ أمريكا، يسهل التصور أنه يمكن للميول الحمائية أن تتفاقم، حتى فيما يتعلق بالعملات. وفي حال الاتساع الكبير بعجز الحساب الجاري في الولايات المتحدة، فإن التاريخ يظهر لنا أن ذلك لن يوقف توجيه أصابع الاتهام من قبل الأمريكيين".

وسيؤدي نمو الصادرات الأقوى أيضاً إلى إبطاء جهود بكين بشأن إعادة التوازن إلى الاقتصاد، لكي يعتمد بشكل أكبر على الاستهلاك المحلي وبشكل أقل على الإنتاج الصناعي. أرادت الحكومة، وفقاً لقولها، القيام بذلك منذ عدة سنوات، إلا أنه لم يحدث أي تقدم يذكر؛ بل تراجعت العملية واقعياً في العام الماضي عند انهيار الإنفاق الاستهلاكي.

وقال تشين لونغ، الاقتصادي في شركة "بلينوم" (Plenum) للاستشارات والتي تتخذ من بكين مقراً لها: "لا أشعر أن صانعي السياسات منزعجون كثيراً من الاستهلاك المحلي الضعيف نسبياً. الأمر يتشابه مع ما حدث في العام الماضي، ولا أعتقد أن هناك نقاش حول إعادة التوازن على الإطلاق".