عمالقة التكنولوجيا أمام الكونغرس مجدداً..هل تخضع مواقع التواصل لضوابط جديدة؟

مسؤولو شركات التكنولوجيا الكبرى سيخضعون لجلسة استماع بالكونغرس.
مسؤولو شركات التكنولوجيا الكبرى سيخضعون لجلسة استماع بالكونغرس. المصدر: صور غيتي.
Timothy L. O'Brien
Timothy L. O'Brien

Timothy L. O'Brien is a senior columnist for Bloomberg Opinion.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سيزور كلٌّ من مارك زوكربيرغ، وسوندار بيتشاي، وجاك دورسي الكونغرس اليوم، كما فعل كلٌّ منهم مرَّات عدَّة منذ أكتوبر الماضي، للادلاء بشهادتهم حول انتشار المعلومات المضلِّلة (الإشاعات، والأخطاء، والأكاذيب)، والمعلومات المضلِّلة (الدعاية) عبر المنصات الرقمية التي تسيطر عليها، وتديرها شركاتهم.

ومن المحتمل أن يكرروا قول العديد من الأشياء التي سبق أن قالوها، إذ يخطِّط زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك"، للقول إنَّه "جعل مكافحة المعلومات المضللة، وتزويد الأشخاص بمعلومات موثوقة من أولويات الشركة". كما قال في أكتوبر أثناء إدلائه بشهادته: "الناس يريدون أن يعرفوا أنَّ الشركات تتحمَّل مسؤولية مكافحة المحتوى الضار، ويريدون التأكُّد من أنَّ المنصات تخضع للمساءلة".

وسيقول بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة "ألفابت"، الشركة الأم لشركة "غوغل"، إنَّ مهمته الأساسية هي "توفير محتوى جدير بالثقة، مع فرص للتعبير الحر عبر أنظمتنا الأساسية، مع الحدِّ من إمكانية وصول المعلومات المضلِّلة والضارة للمستخدمين"، على نحو مشابه لما ذكره في أكتوبر عندما أخبر الكونغرس أنَّ شركته "تتحمَّل مسؤولية حماية الأشخاص الذين يستخدمون منتجاتنا من المحتوى الضار، وأن تكون شفافة بشأن كيفية قيامنا بذلك".

في حين سيقول دورسي، الرئيس التنفيذي لشركة"تويتر"، إنَّ "هدف "تويتر" هو خدمة المحادثة العامة"، ويجب أن تكون جهود شركته لمكافحة المعلومات المضلِّلة مرتبطة بكسب الثقة". وهو الذي كان قد أخبر المشرِّعين في شهر أكتوبر أنَّ "هدف "تويتر" هو خدمة المحادثة العامة"، وأنَّ الأشخاص "يريدون أن يكونوا قادرين على الوثوق بالخدمات التي يستعملونها".

تأثيرات سلبية

ما أشبه اليوم بالبارحة، وما هو مدى التغيير الذي حصل خلال الأشهر القليلة الماضية على وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت منذ آخر مرة شهد فيها هذا الثلاثي؟ فالعديد من الأشياء المجنونة -الأشياء المزلزلة– تستمر في الظهور.

لقد نما النفور مؤخراً من وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن كان قد بدأ بمخاوف بشأن التضليل الروسي الذي يقوِّض انتخابات عام 2016، وكذلك بعد دونالد ترمب وهجومه العنيف على الديمقراطية، وعلى الكياسة المتعارف عليها، مما سبَّب مخاوف موازية يمكن تفهمها حول الكيفية التي أعطت بها شبكة الإنترنت أجنحة لأساطير ترمب المفضوحة حول تزوير الانتخابات، وللتمرد الذي حدث في مبنى الكابيتول يوم 6 يناير، وعندما استطاع المشاغبون المعارضون للقاحات نشر هرائهم، ونحن في وسط الوباء.

وأنا أجلس هنا كمراقب غير علمي معجب بفضائل الإنترنت التي لا تعدُّ، ولا تحصى يتألم من الفوضى التي تغمر الإنترنت بسهولة، لا تبدو الأمور الآن أفضل بكثير مما كانت عليه قبل شهور.

احترام الخصوصية أم اختراقها؟

سيقدِّم كلٌّ من زوكربيرغ، وبيتشاي، ودورسي قضايا قوية تتعلَّق بمليارات المنشورات التي يراقبونها والملايين التي يقومون بإزالتها. وسيقدِّمون حججاً قوية بالقدر نفسه لأنظمة المراقبة المتطورة والراقية التي يطبِّقونها. وكما سيتألق احترامهم للخصوصية، وحرية التعبير.

ومع ذلك، تهاجم وسائل التواصل الاجتماعي مراراً وتكراراً الجميع مرةً تلو الآخر، على الرغم من كل تلك النوايا الحسنة، وعلى الرغم من هذه الجلسات الاستعراضية التي يستضيفها الكونغرس.

يظهر نجوم صناعة الإنترنت، مثل زوكربيرغ، وبيشاي، ودورسي في جلسة استماع اليوم أمام لجنة مجلس النواب للطاقة والتجارة، لأنَّ المشرِّعين مهتمون بتمزيق نماذج أعمالهم، وهم قلقون بشكل يمكن تفهمه من أنَّ الكونغرس قد يقرر التعامل مع القسم 230 من قانون "آداب الاتصالات" الصادر في عام 1996.

بدأ هذا القانون كمحاولة لتنظيم نشر المواد الإباحية على شبكة الإنترنت، وهو ما ألغته المحكمة العليا لاحقاً. لكنَّ القسم 230 من القانون ينصُّ على ضمان "عدم معاملة أي مزوِّد أو مستخدم لخدمة الكمبيوتر التفاعلية كناشر أو متحدِّث لأيِّ معلومات مقدَّمة من مزوِّد محتوى معلومات آخر." بعبارة أخرى، لا يمكن تحميل مقدِّمي الخدمات الرقمية المسؤولية عن المشكلات التي تنشأ عند استضافتهم لمحتوى تابع لأطراف أخرى.

ناشرون لا مديري منصات

سمح القسم 230 هذا لشبكة الإنترنت بالازدهار، مما أدى إلى تضاعف عدد المدوَّنات الجريئة والمبتكرة وحرة التدفق والتقييمات التي يكتبها المستخدمون، ومقاطع الفيديو، وخدمات المعلومات؛ لأنَّ المنصات التي تستضيفها كانت معزولة عن الدعاوى القضائية المزعجة. ويتمتَّع كلٌّ من "فيسبوك"، و"غوغل"، و"تويتر" بهذه الحماية نفسها، ويرون أنَّها سبب أساسي لنجاحهم.

لكن بالتأكيد في عام 1996 لم يتوقَّع الأشخاص الذين ألفوا القسم 230 ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، أو لم يتصوَّروا نموها العالمي وتأثيرها. وقد جادل أكبر اللاعبين مراراً بأنَّهم مجرد "منصات" تقنية بدلاً من "ناشرين" للحفاظ على الدرع الذي يوفِّره لهم القسم 230.

وقد ساعد ذلك في تجنيبهم للتنظيم، وتجنيبهم تكلفة الخضوع للتنظيم، وما يحمله من مسؤوليات اجتماعية ومسؤوليات على مستوى الشركة.

لم يكن لهذا أن يكون على طاولة النقاش اليوم، إذا كانت شركات التكنولوجيا الكبرى قد قامت بعمل أفضل بخصوص التنظيم الذاتي.

نعم، لقد ساعدت الشركات الرقمية العملاقة في تعزيز عملية جعل المعلومات والاتصالات ديمقراطية؛ لأنَّهم تركوا ليستغلوا طرقهم الخاصة، وبكل المعنى الحرفي للكلمة، فقد ساعدوا أيضاً المجتمع على إلغاء الاستقطاب، وانتشار الاستقطاب في آن واحد.

في انتظار إجراءات

ويرى روجر ماكنامي، الذي كتب في مجلة "وايرد" هذا الأسبوع، أنَّ التهديد بملاحقات جنائية، أو تحقيقات في احتيال الأوراق المالية، قد يكون الدواء الذي يحتاجه وادي السيليكون ليصبح أكثر فاعليةً.

وإذا أراد زوكربيرغ وبيشاي ودورسي اتباع مسار ألطف، فيمكنهم التخلي عن مهزلة الادعاء بأنَّهم يشرفون فقط على الآلات الرقمية، وعليهم الاعتراف بأنَّهم ناشرون، وعليهم تقبُّل عواقب وأعباء إدارة أعمالهم على هذا النحو.

لقد قال جميعهم، إنَّهم قلقون أيضاً من أن يؤدي تخلي القسم 230 إلى إلحاق الضرر بالشركات الأصغر أكثر منهم. قد يكون هذا صحيحاً، مما يجعل الحجة لتحديث هذا القسم، بحيث تظل الشركات الصغيرة محمية، في حين يتمُّ تنظيم الشركات الأكبر، والأكثر نفوذاً بشكل أوثق، ومعاقبتها بشكل أكثر قسوة.

ويخطِّط زوكربيرغ، الذي بذل قصارى جهده في الماضي للحفاظ على نشاطه التجاري مستمراً من خلال تجاهل الانتهاكات التي يولِّدها، لإخبار الكونغرس اليوم أنَّه منفتح على تعديل القسم 230 وفقاً للخطوط التالية، لأنَّه سيقول، إنَّ الحماية من مسؤولية نشر "محتوى غير قانوني" يجب أن تستند إلى "قدرة الشركات على لتلبية أفضل الممارسات المتعلِّقة بمكافحة الانتشار". وتحقيقاً لهذه الغاية، وبدلاً من منحها حصانة قانونية شاملة، "يجب أن يطلب من هذه المنصات إثبات أنَّ لديها أنظمة قائمة لتحديد المحتوى غير القانوني وإزالته". وبغض النظر عن كيف ستجري الأمور، دعونا

لانعقد جلسة استماع أخرى للكونغرس حول هذا الموضوع، بل دعونا نرى بعض الإجراءات.