الكونغرس الأمريكي يسعى لاستعادة سلطته في شن الحروب.. فما الأسباب؟

مشروع قانون في الكونغرس يعيد له سلطة شن الحروب من السلطة التنفيذية
مشروع قانون في الكونغرس يعيد له سلطة شن الحروب من السلطة التنفيذية المصدر: غيتي إيمجز
Ramesh Ponnuru
Ramesh Ponnuru

Ramesh Ponnuru is a Bloomberg Opinion columnist. He is a senior editor at National Review, visiting fellow at the American Enterprise Institute and contributor to CBS News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

"لا شيء دائم مثل برنامج حكومي مؤقت"، إن هذه السخرية من الاقتصاديين التحرريين الراحلين "ميلتون" و"روز فريدمان"، اللذين لم يندهشا من أن الأمر نفسه ينطبق على قرارات الحرب، ولكن الآن تحاول مجموعة من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين تغيير ذلك.

إن قرار التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد العراق لعام 2002، وهو القانون الذي أصدره الكونغرس وسمح للرئيس جورج دبليو بوش ببدء العمليات العسكرية هناك، لا يزال ساري المفعول بعد 19 عاماً.

وكذلك الحال مع القرار المماثل الذي أصدره الكونغرس عام 1991 للسماح لبوش الأب لقيادة حرب لطرد المحتلين العراقيين من الكويت.

وتعتبر هذه القرارات حديثة العهد مقارنةً بقرار من عهد دوايت أيزنهاور يمنح الرئيس القدرة على تقديم مساعدة عسكرية لدول في الشرق الأوسط، ولا يزال هذا القرار سارياً منذ 64 عاماً.

استعادة سلطة الكونغرس

إن هذا التشريع الجديد، الذي قدمه اثنان من الديمقراطيين واثنان من الجمهوريين في مجلس النواب، يلغي جميع القرارات الثلاثة. إذ يقول أحد رعاة التشريع الجديد، وهو الجمهوري مايك غالاغر من ولاية ويسكونسن، إن ترك هذه القرارات في السجلات كان بمثابة "تنازل" عن سلطة الكونغرس الدستورية في تحديد مسائل الحرب والسلام.

استخدم الرؤساء في كلا الحزبين التفويضات القديمة للقوة بطرق مثيرة للجدل. وبشكل خاص، كان القرار الذي صدر عام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي والبنتاغون عرضة للتوسع.

ولقد استشهدت إدارة الرئيس باراك أوباما بقرارات عامي 2001 و2002 لتبرير شن حملة ضد الدولة الإسلامية في العراق وسوريا دون الحاجة إلى الحصول على موافقة جديدة من الكونغرس.

واتبعت إدارة الرئيس دونالد ترمب نفس الطريقة، إذ أفاد بعض أعضاء الكونغرس أن وزير الخارجية مايك بومبيو طرح فكرة أن قرار عام 2001 يسمح بشن هجوم على إيران.

إن تأييد الحزبين لهذه النظرية لا يجعلها أقل إثارة للشك. فلقد كان قرار عام 2001 موجهاً ضد أولئك الذين "خططوا أو أذنوا أو ارتكبوا أو ساعدوا في الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر 2001، أو قاموا بإيواء مثل هذه المنظمات أو الأفراد". ولم تكن الدولة الإسلامية موجودة في ذلك الوقت.

وقد مكن قرار عام 2002 الرئيس من مكافحة "التهديد المستمر الذي يشكله العراق"، بدلاً من مكافحة التهديد اللاحق الذي تشكله جماعة إرهابية عابرة للحدود على العراق وسوريا. كما أن الحرب على إيران لا تتناسب مع هذه القرارات.

الالتفاف على قوانين الحرب

لكن الرؤساء تمكنوا من الإفلات من خلال الحجج المبتكرة. فعندما بدأت المعركة ضد الدولة الإسلامية، انقسم المشرِّعون.

أراد البعض أن تبقى الولايات المتحدة خارج تلك المعركة؛ بينما أراد البعض استصدار قرار من الكونغرس يسمح بعمليات عسكرية على أن تكون محدودة.

دعم البعض السلطة التنفيذية واسعة النطاق؛ بينما البعض الآخر، بلا شك، لم يرغب في تحمل أي مسؤولية عما قرر الرئيس القيام به.

وفي ظل عدم قدرتهم على التوصل إلى توافق في الآراء، فشل الكونغرس في اتخاذ أي إجراء - مما سمح لأوباما أولاً ثم ترمب بتوجيه حملة عسكرية دون تفويض رسمي.

وكما تقول غالاغر، لقد كان ذلك "تنازلاً"، وكانت النظريات حول قرارات 2001 و2002 ورقة التوت التي تغطيها.

إن التشريع الهادف إلى إلغاء هذه القرارات، هو تصحيح جزئي للنزعة الرئاسية الأحادية فيما يتعلق بمسائل الحرب والسلام.

إنها جزئية للغاية: فهي لا تتطرق إلى قرار عام 2001، الذي من الواضح أنه عفا عليه الزمن ويتم الاستناد إليه بشكل متكرر.

وإن مؤيدي الإلغاء من الحزبين في الكونغرس يعتبرون هذا النقص فضيلة من خلال قولهم بأن حذف القرارات الثلاثة التي يغطيها مشروع القانون لن يفرض أي تغييرات على النشاط العسكري المستمر.

لكن هذا يعني أيضاً أن الجيش سيستمر في الانخراط في عمليات لم يُصرح بها الكونغرس إلا نوعاً ما، قبل عقدين.

تفويض جديد محدد المدة

وإذا أراد الكونغرس أن تستمر بعض أو كل هذه العمليات، فيجب أن يستبدل قرار عام 2001 بتفويض جديد - ومن الناحية المثالية يجب أن يتم ربط هذا القرار بمدة زمنية محددة. (ويحسب لإدارة بايدن أنها تريد تعديلاً بهذا الشأن).

يجادل كل من جاك غولد سميث وصمويل موين، وهما أستاذان للقانون في جامعتي "هارفارد" و"ييل" على التوالي، بأنه حتى هذه الخطوة لن تكون كافية. ومنطقهم هو أنه بما أن الرؤساء أظهروا أنهم لا يعتبرون قدرتهم على شن الحروب محدودة من قبل الكونغرس، يجب على المشرّعين أن يذهبوا إلى أبعد من عدم السماح باستخدام القوة.

حيث إنه يجب عليهم التفكير في خطوات لمنع الرؤساء من استخدام القوة العسكرية التي لم يُصرح لهم باستخدامها، مثل قطع الأموال تلقائياً عن عمليات الانتشار العسكرية غير المُصرح بها بعد فترة زمنية محددة.

قد تتطلب إعادة القيود على السلطة التنفيذية لبدء الحروب خطوات جذرية مثل تلك، على الرغم من أنها قد تثير قضايا شائكة.

وقد تؤدي المواعيد النهائية للتمويل إلى سياسة حافة الهاوية الخطيرة بين السلطات.

وعلى النقيض من ذلك، فإن إلغاء قرارات 1957 و1991 و2002 هو أقل ما يمكن أن يفعله كونغرس يحترم نفسه. لذلك يجب عليه أن يستمر بالسير في هذا الاتجاه.