"موديز": إقبال السعوديين على التمويل الإسلامي يتزايد.. لماذا؟

موديز
موديز Photographer: Scott Eells/Bloomberg
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتوقَّع وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية، أن تستمر وتيرة التحوُّل بشكل أكبر تجاه التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية، خلال الـ12إلى 18 شهراً المقبلة، وذلك بفضل الطلب المتزايد من الشركات والأفراد على المنتجات الإسلامية.

وأوضحت الوكالة أنَّ هذا التحول الملحوظ في السعودية، أكبر سوق للتمويل الإسلامي في العالم، يأتي في ظل الركود الاقتصادي الناتج عن الوباء، والهبوط الحاد في أسعار النفط.

وترى "موديز"، أنَّ القطاع البنكي سيستفيد من زيادة إصدار السعودية للصكوك، وهو ما يعزِّز الاستثمار الأجنبي المدعوم بقواعد دخول السوق الأكثر تساهلاً، ويحفِّز موجة جديدة من الإدماجات عبر البنوك.

وتتوقَّع الوكالة، أن تصل نسبة اختراق التمويل الإسلامي 80 % من قروض النظام المصرفي خلال الـ12-18 شهراً المقبلة، مضيفة أنَّ المنتجات الأكثر تخصصاً مثل المشتقات المالية كانت بطيئة حتى الآن في التحوُّل نحو التوافق مع الشريعة.

وأفاد تقرير "موديز"، بأنَّ الطلب مِن قِبل الأُسَر، والشركات على المنتجات الإسلامية كان قوياً في السعودية.

ولمقابلة هذا الطلب، وسَّعت البنوك منتجاتها المتوافقة مع الشريعة، إذ تقدِّم حالياً بدائل للمنتجات التقليدية الأكثر انتشاراً، وبرغم الأوقات الصعبة، فإنَّ التمويل الإسلامي يكمل نحو زيادة المنتجات الاستثمارية، سواء المصممة للأُسَر أو الشركات.

وبحسب "موديز"، فمن المتوقَّع أن يرتفع إصدار الصكوك مِن قِبل الحكومة السعودية، التي استعانت بعدد من البنوك كمتعاملين أساسيين للإصدارات، وهو ما سيسهل عملية الإصدار.

وتتوقَّع الوكالة أن تقترض السعودية أكثر من 200 مليار ريال في 2020، بعدما أعلنت عن رفع سقف ديونها من 30 % إلى 50 % من الناتج المحلي الإجمالي (الدولار يعادل 3.75 ريالاً).

صفقات الاندماج والاستحواذ ترفع معدَّل اختراق المنتجات الإسلامية

كذلك قالت "موديز" إنَّ موجة الاندماج والاستحواذ التي تشهدها السوق السعودية خاصة، وأسواق منطقة الخليج عامة، تسرِّع معدَّل اختراق التمويل الإسلامي.

ويُعَدُّ اندماج بنكي الأهلي التجاري السعودي، و"سامبا" أحد الأمثلة على ذلك في ظلِّ مواصلة الأوَّل تحوّله من بنك تقليدي إلى كيان متوافق مع الشريعة.

وسوف يعزز هذا الاندماج مكانة البنك الأهلي التجاري كأكبر بنك في السوق بحصة سوقية تقدَّر بنسبة 31 في المئة من الأصول، و30 في المئة من الودائع (اعتباراً من الربع الثاني)، كما أنَّ الكيان المدمَج سيصبح واحداً من أكبر البنوك المتوافقة مع الشريعة في العالم بجانب بنك "الراجحي"، و"بيت التمويل الكويتي".

أسواق رأس المال السعودية تزداد عمقاً

وتوفِّر مؤسَّسة النقد العربي السعودي (SAMA)، وهيئة السوق المالية بيئة تنظيمية داعمة لتشجيع التمويل الإسلامي، بوجود مجموعة شاملة من القواعد التنظيمية للبنوك السعودية لإصدار الصكوك، وإدراج المنتجات الإسلامية حالياً في السوق الرئيسية، كذلك إطلاق المنتجات الإسلامية لإعادة تمويل الرهن العقاري.

وعزَّزت الحكومة من خلال وزارة المالية أحجام وتواتر إصدارات الصكوك المحلية، وتتوقَّع "موديز" أن يستمرّ هذا التوجه.

ويبيع برنامج المتعامل الأساسي، الذي أُنشئ في 2018، الصكوك الحكومية مباشرة إلى مجموعة من البنوك المحلية التي تطرحها في ما بعدُ لمستثمرين آخرين، وهذا الهيكل يزيد سيولة هذه الأدوات من خلال إتاحتها لمجموعة أوسع من المستثمرين عبر السوق الثانوية بأسعار يحددها المتعاملون الأساسيون.

وخلقت هذه الإصدارات المتواترة منحنى عائداً فعّالاً للريال السعودي، وهو ما شجَّع البنوك على إصدار صكوكهم الخاصة من خلال وجود مقياس يمكّنهم من تحديد سعر محتمل، فعلى سبيل المثال أصدر بنك الرياض صكوكاً بقيمة 1.5 مليار دولار في فبراير 2020، ومؤخراً أصدر البنك السعودي البريطاني أوَّل صكوك له على الإطلاق في يوليو.

وعملت هيئة السوق المالية السعودية والبورصة السعودية (تداول) على تخفيض رسوم إدراج وتداول الأوراق المالية في السوق.

وسمحت الهيئة للأجانب بشراء الصكوك الحكومية المدرجة، وغير المدرجة بالحدِّ الأدنى من القيود، مما عزَّز عمق وسيولة هذه الأدوات.

وتأسست الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري في 2017، وهي شركة إعادة تمويل رهون عقارية متوافقة مع الشريعة، بهدف توفير سيولة لقطاع الرهن العقاري. وتشتري الشركة محافظ الرهون العقارية من البنوك وتموِّل الشركات، وبذلك تحرِّر ميزانيات البنوك وتشجّعها على زيادة الإقراض الذي يعزِّز السيولة في سوق الرهون العقارية المتنامية.

وتوقَّعت "موديز" أن يزداد عمق الأسواق الرأسمالية الإسلامية مع دخول مزيد من المشاركين إلى السوق واستحداث مزيد من المنتجات، مع ازدياد الزخْم بفضل البيئة التنظيمية الداعمة في السعودية، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

وتيرة الطلب من الأفراد والشركات تواصل ارتفاع

كثيراً ما كان الطلب من الأفراد قوياً على المنتجات، ولمقابلة هذا الطلب كانت البنوك السعودية تستثمر باستمرار في تطوير المنتجات المتوافقة مع الشريعة، حتى أصبحت الآن تغطي أغلب حاجات العملاء.

وبرغم ظروف التشغيل الصعبة، لا تزال سوق التمويل الإسلامي على مسار صعوديٍّ قويّ، وتكمّل تدريجياً المنتجات المالية التقليدية.

وكان الرهن العقاري، منتج التمويل الاستهلاكي الأساسي، أحد المحركات الرئيسية لنموّ التمويل الإسلامي في السنوات القليلة الماضية.

وتتوقَّع "موديز" أن يظلّ كذلك، برغم صرامة تدابير التقشف المالية، إذ لا يزال الطلب على الرهون العقارية مرتفعاً مع تحسُّن المنتجات المتوفرة وانخفاض تكلفة المنازل.

كذلك تختار الشركات السعودية المنتجات الإسلامية بشكل متزايد، وتفضّلها على المنتجات التقليدية، وتقدِّر "موديز" أنَّ قروض الشركات تشكِّل 65 % من إجمالي القروض المقدمة إلى القطاع الخاصّ في السعودية، فيما تشكِّل القروض الاستهلاكية نحو 35 %.

واستناداً إلى ذلك، تتوقَّع الوكالة أن تشكِّل القروض الإسلامية للشركات ما بين 65 و75 % من إجمالي القروض الإسلامية، وهو ما يجعل قطاع الشركات مصدراً محتملاً للنموّ القوي للصيرفة الإسلامية في الأشهُر المقبلة.

وعلى الرغم من ذلك تتأخر بعض المجالات، خصوصًا المشتقات المالية التي لا تزال منتجاتها تقليدية بقدرٍ ما، وتستخدم الشركات والبنوك المشتقات المالية كثيراً لإدارة مخاطر ميزانياتها، ولكن الخبرة اللازمة لتطوير هذه المنتجات في تحسُّن مستمرّ. كما أن بعض منتجات المشتقات من الصعب هيكلته إلى منتج متوافق مع الشريعة نظراً إلى طبيعة التمويل الإسلامي.

وتجاوز النموّ في التمويل الإسلامي في السعودية التمويل التقليدي في السنوات الخمس الماضية، وكانت نسبة النموّ السنوي المركب (CAGR) للقروض الإسلامية في السعودية في الفترة ما بين 2015 و2019 عند 6 في المئة، فيما كان النموّ مستقراً بقدر كبير في القروض التقليدية خلال الفترة ذاتها.

وتتوقَّع "موديز" استمرار هذا التوجه خلال الـ12-18 شهراً المقبلة بالتماشي مع الأسواق الإسلامية الرئيسية الأخرى.

إصدار الصكوك الحكومية يدعم سوق الديون الإسلامية، ويقوّي النظام المالي الإسلامي

تتوقَّع "موديز" أيضاً أن تعزّز الحكومة برنامج إصدار الصكوك خلال الأرباع المقبلة، وقالت، إنَّ الصدمة المزدوجة الناتجة عن فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط سوف تقود إلى انكماش الاقتصاد السعودي عند 4.5% في 2020.

ونتيجة لذلك رفعت الحكومة سقف الديون إلى 50 % من الناتج المحلي الإجمالي في مارس، وذلك من 30 %، وتتنبأ "موديز" أنَّ السعودية ستقترض 200 مليار ريال خلال العام الجاري.