محافظ المركزي العراقي: احتياطي النقد الأجنبي بلغ 57 مليار دولار

المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عرض محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى مخيف للوضع المالي والنقدي في العراق، خلال مقابلة مع تلفزيون الشرق أجراها الزميل محمد فتحي في بغداد، فقد تحدَّث عن الإصلاحات التي تمَّ إقرارها، والمباشرة بتنفيذها، على صعيد تعديل سعر صرف الدينار العراقي، وإصلاح البنوك الحكومية وغيرها، وفق ما أُطلق عليه مُسمَّى "الورقة البيضاء".

منعطف حرج

استهل المحافظ حديثه بتوصيف الوضع الاقتصادي والمالي في العراق خلال الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أنَّ "العراق يمر بظروف صعبة، وأزمات سياسية، ومظاهرات في مختلف المحافظات، إلى جانب جائحة كورونا، مما أثَّر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي بالبلاد. وفي الربع الأخير من عام 2020، بات صعباً على المالية العامة دفع رواتب الموظفين، وتوفير متطلَّبات الإنفاق الحكومي، مما أدَّى لإجراء دراسة للوضع الاقتصادي والمالي، وإعادة رسم السياسة النقدية، بالتنسيق مع وزارة المالية، للمرحلة المقبلة".

مُضيفاً: "عرضنا الوضع القائم مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وما يجب القيام به للمرحلة المقبلة. وقامت وزارة المالية بالاقتراض من البنك المركزي والمصارف الحكومية على دفعتين، الأولى: بقيمة 12 تريليون دينار، والثانية: بـ14 تريليون دينار، لسداد رواتب الموظفين في الأشهر الأخيرة من العام الماضي".

ويتابع مخيف: "رأينا أنَّنا إذا استمررنا بهذه الحال، فسنواجه نزيفاً مستمراً باحتياطاتنا من النقد الأجنبي.. لقد وجدنا أنفسنا أمام منعطف حرج للمرحلة المقبلة".

الورقة البيضاء

"جميع المؤشرات، بما فيها توقُّعات صندوق النقد الدولي، كانت تشير إلى أنَّ أسعار النفط سترتفع في الربع الأول من 2021، وتحافظ على هذا الارتفاع"، بحسب مخيف. لكنَّه يلفت إلى أنَّ هذا الارتفاع جاء نتيجة إجراءات "أوبك+" بتخفيض الإنتاج، "وبالتالي كان علينا اتخاذ إجراءات أخرى موازية، فاقتصاد العراق ريعي، ويعتمد بشكل أساسي على تصدير النفط".

وعليه، "باشرنا بوضع إصلاحات اقتصادية تنموية، من بينها ما قامت به وزارة المالية من سيطرة على المنافذ الحدودية، وتعزيز إيراداتها الجمركية والضريبية، وخفض الهدر. كما طرحت الوزارة "الورقة البيضاء" وهي عبارة عن برنامج إصلاحي لكلِّ مرافق الدولة، سيتمُّ على مراحل، وسيستغرق وقتاً لتنفيذه، لاسيَّما إذا ظهرت عراقيل".

بالمقابل، كان على البنك المركزي العراقي تقديم اتجاه سعر صرف الدينار. ويَرى مُخيف أنَّ "سعر الصرف السابق "مُشوَّه" ولا يُحدث تنمية حقيقية بالبلاد". مؤكِّداً أنَّ "قرار تغيير سعر الصرف لم يُؤخذ على عجالة، إنَّما ضمن خطة مدروسة بتنسيق كامل مع وزارة المالية، وصندوق النقد الدولي، فلو استمررنا بسعر الصرف السابق، حتى مع ارتفاع أسعار النفط، فإنَّ ذلك لن يكفي متطلَّبات المالية العامة بما يتعلَّق بتسديد الرواتب والإنفاق الحكومي. وكذلك لن تتحقَّق أي تنمية، فتبقى المصانع مغلقة، والسوق رهن الاستيراد، ونتحوَّل لشعب مستهلك بالكامل". ويُشدّد على ألاّ تراجع عن تعديل سعر صرف الدينار العراقي مهما اشتدّت الضغوط السياسية.

هيكلة المصارف

يرى محافظ البنك المركزي العراقي أنَّ هذه الخطوات "بدأت تؤتي ثمارها، إذ ارتفع احتياطي النقد الأجنبي إلى 57 مليار دولار، وهو مستمر بالارتفاع. كما تمكَّنَّا من خفض عجز الموازنة، وعجز ميزان المدفوعات، وكثير من المؤشرات الدولية تُنوّه أنَّ وضع العراق المالي والنقدي آمن".

ودعماً للطبقة الفقيرة، طرح البنك المركزي مبادرتين الأولى بقيمة 5 تريليون دينار، والثانية بقيمة تريليون دولار، استهدفت قطاعات الزراعة والصناعة والسكن. بالإضافة لمبادرة لذوي الدخل المحدود الذين تأثَّروا سلباً من تعديل سعر صرف الدينار.

حول إصلاح وهيكلة المصارف الحكومية، يوضِّح مخيف أنَّ البنك المركزي يراقب المصارف الحكومية، لكنَّ رؤوس أموالها تعود لوزارة المالية، التي تختار مجالس إداراتها. وبالتالي، "فإنَّ تعاملنا مع هذه المصارف مختلف عن التعامل مع المصارف الخاصة. لكنَّنا اتفقنا مع وزارة المالية على ضرورة إصلاح القطاع المصرفي الحكومي، وقدَّمنا تقريراً يتضمَّن ملاحظاتنا الكثيرة، واستجابت وزارة المالية لرؤيتنا التي سنعمل على تحقيقها. وتمَّت المباشرة بالخطوة الأولى بالفعل، والمتمثِّلة بتشكيل لجنة مشرفة من قبل البنك المركزي، ووزارة المالية لإدارة المصرف الزراعي التعاوني، ونحن ماضون بهذا الاتجاه لكافة المصارف الحكومية الأخرى. وسيتمُّ العمل بالتنسيق مع وزارة المالية لاختيار إدارات كفوءة لهذه المصارف".

الأموال الإيرانية

العراق يستورد من إيران الوقود، ويستجرُّ الطاقة الكهربائية، وبالتالي ترتَّب علينا مبالغ مالية مقابل ذلك، وهي مودعة بالمصرف العراقي للتجارة، لكنَّها خاضعة للعقوبات الأميركية، غير أنَّ هناك بنوداً يتمُّ من خلالها صرف هذه المبالغ، من بينها على سبيل المثال دفع المستحقات الإيرانية للدول الأخرى مقابل استيراد المواد الغذائية والدوائية، والمستلزمات الطبية، وتسديد بعض الديون المستحقَّة عليهم للخارج، وكذلك مصاريف السفارة الإيرانية في بغداد. ويتمُّ العمل وفق هذه البنود بوتيرة مستمرة لسدِّ الاحتياجات الأساسية للشعب الإيراني الأساسية. لافتاً إلى أنَّ "هذه المبالغ بمجملها لا تشكِّل جزءاً كبيراً نسبةً للمبلغ الموجود بالمصرف العراقي للتجارة".