شراء "تسلا" بالبتكوين يدمر الهدف من السيارات الكهربائية.. كيف؟

سيارات تسلا الكهربائية
سيارات تسلا الكهربائية المصدر: بلومبرغ
Liam Denning
Liam Denning

Liam Denning is a Bloomberg Opinion columnist covering energy, mining and commodities. He previously was editor of the Wall Street Journal's Heard on the Street column and wrote for the Financial Times' Lex column. He was also an investment banker.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدأت شركة "تسلا" أكبر مصنِّع للسيارات الكهربائية في العالم، في قبول "بتكوين" كوسيلة دفع مقابل شراء مركباتها في الولايات المتحدة، فيما يعدُّ استراتيجية تسويق ماهرة، وطريقة لدعم قيمة رهان الشركة على العملة المشفرة، أو ربما يكون مجرد شيء فعلته الشركة، ومن المحتمل أن يكون الثلاثة معاً، ولكنَّه يعني شيئاً واحداً بالتأكيد، فهو لا يتماشى مع إنجازات "تسلا" الخضراء.

ويعدُّ "تعدين" عملة بتكوين كثيف الاستهلاك للطاقة، وتحتاج الحواسب التي تتنافس للولوج، والتحقق من المعاملات الأساسية للعملة المشفرة، وتأمينها يتطلَّب كهرباء تعادل حالياً كمية الكهرباء التي تستهلكها فنلندا بأكملها، وفق أحد التقديرات.

وللأسف، فأغلب واقع تعدين "بتكوين" لا يحدث في فنلندا، حيث يعدُّ توليد الطاقة منخفض الكربون، وتريد شركات تعدين "بتكوين" -مثل غيرها- خفض التكاليف.

وتمتلك الصين واحداً من أرخص أنظمة الطاقة في العالم (حوالي نصف التعريفات الصناعية في فنلندا على سبيل المثال)، ويُعتقد أنَّ أكثر من ثلثي تعدين "بتكوين" يحدث في الصين، لأنَّ الفحم هو الوقود المفضل لتوليد الكهرباء.

ومن بين الانتقادات الشائعة الموجهة للمركبات الكهربائية، هي أنَّ مقاييس شحنها ترتبط بالأخير بمحطات طاقة تعمل بالوقود الأحفوري، مما يجعلها أقل خضاراً مما يدعي تسويقها، وهي عقبة تهدد صورتها المثالية.

ومع ذلك، حتى في الصين؛ تنتج مركبة الركاب الكهربائية انبعاثات كربون أقل بنسبة 38% في المتوسط خلال دورة حياتها مقارنة بمركبة ذات محرك حرق داخلي.

لكن إذا دفعت ثمن هذه السيارة بـ "بتكوين" سيتغير كل شيء، وإن لم يكن بطريقة مباشرة.

استهلاك الكهرباء

من المستحيل معرفة استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية على نحو دقيق لقطاع تعدين بتكوين، ولكن قدَّم "بنك أوف أمريكا" بعض التقديرات في تقرير نُشر الشهر الجاري، وما يثير الاهتمام بشأن تحليلهم هو الربط بين سعر "بتكوين"، والانبعاثات المحتملة.

ومثلها مثل كل شيء يجري تعدينه، يجذب ارتفاع سعر "بتكوين" المزيد من المعدنين، وتتطلَّب الزيادة الناتجة في تعقيد الشبكة خاصيات أمان تحمي من القراصنة (الذين ينجذبون أيضاً لارتفاع الأسعار)، ولكن هذا يعني في المقابل ازدياد معدَّل استهلاك الشبكة، الذي ارتفع بنسبة 60% العام الماضي وحده، وفقاً لموقع "بلوكتشين دوت كوم"، ويعدُّ هذا التعقيد المتزايد بمثابة حلقة مفرغة، ويتسبَّب في استمرار ارتفاع استهلاك الطاقة، برغم أجهزة التعدين الأكثر كفاءة.

وفي الوقت نفسه، يعدُّ معروض "بتكوين" محدوداً ومركَّزاً في أيدي قلة قليلة نسبياً، كما أنَّ معروضها مصمم على أن ينتصف كل 4 سنوات، ويتحكَّم أقل من 3% من الحسابات في 95% من المعروض القائم.

ودعونا مما يعنيه ذلك بشأن الفائدة الحقيقية لـ "بتكوين" كوسيلة تبادل مشابهة (في انبعاثاتها) لفرن من الفحم وذات طبيعة مضاربة، وإنما تكمن الفكرة في أنَّ ذلك يعني أنَّ التدفُّقات الداخلة القليلة نسبياً قد تؤدي إلى تحرُّكات كبيرة في الأسعار، ويقدِّر "بنك أوف أمريكا" أنَّ تدفُّقات بقيمة 93 مليون دولار ترفع الأسعار بنسبة 1%، وعلى النقيض يتطلَّب رفع سعر الذهب بهذه النسبة تدفُّقات داخلة بقيمة 2 مليار دولار.

تأثير قرار "تسلا" على الانبعاثات

والآن نعود لـ"تسلا"، أعلنت الشركة في فبراير أنَّها وضعت 1.5 مليار دولار في "بتكوين"، وتخطط للسماح للمشترين بإتمام الصفقات بها، مما جدَّد موجة الصعود، وأخذ سعر "بتكوين" من 40 ألف دولار إلى 60 ألف دولار (وارتدت حالياً إلى منتصف الخمسين ألف دولار).

ووفقاً لحسابات "بنك أوف أمريكا"، سترفع التدفُّقات الداخلة الجديدة بمقدار مليار دولار سعر "بتكوين" بمقدار 11 مليار دولار، وستؤدي الزيادة المرتبطة بذلك في استهلاك الكهرباء من قبل المعدِّنين إلى إطلاق 5.4 مليون طن إضافيين من انبعاثات الكربون.

ووفقاً للحسابات نفسها، فإنَّ التدفُّقات الداخلة بقيمة 1.5 مليار دولار تعادل 8.1 مليون طن، أي ما يعادل متوسط وفورات الكربون خلال دورة حياة 238 ألف مركبة كهربائية في الولايات المتحدة، وهو رقم أكبر من عدد سيارات المنتجة في الولايات المتحدة، والرقم المقابل في الصين سيصل إلى 475 ألف مركبة كهربائية تقريباً.

والآن، تخيَّلوا أنَّ شخصاً ما اشترى سيارة طراز "3" ذات أداء محدَّث بعملة "بتكوين" معدَّنة حديثاً (أي حوالي 55 ألف دولار قبل الحوافز)، فإنَّ البصمة الكربونية المتضمَّنة، وفقاً لحسابات "بنك أوف أمريكا، ستكون حوالي 300 طن أي أعلى 9 مرات من الانخفاض المتوقَّع في الانبعاثات لسيارة من هذا النوع خلال دورة حياتها.

وفي الواقع، فإنَّ السائق الفردي الذي يستخدم "بتكوين" لا يستخدم طاقة بشكل مباشر في العملية (فهي شيء غير مادي)، وبالمثل، فإنَّ أيَّ مستهلك يشتري "بتكوين" جديدة بهدف تسليمها إلى "تسلا" فقط، مقابل سيارة جديدة لن يقوم بتحريك سعر العملة المشفرة بمقدار كبير.

ولكن تكمن الفكرة في أنَّه بشكل عام، مع ازدياد الحماس بشأن "بتكوين"، واستجابة سعرها لتدفُّقات صغيرة نسبياً، فإنَّ استهلاكها للطاقة، وبالتالي انبعاثاتها سترتفع.

مغامرة "تسلا"

ومن المستحيل تحديد الدور الذي تلعبه على سبيل المثال تغريدات إيلون ماسك على نحو دقيق، أو استثمار "تسلا" الخاص، أو السماح بمبيعات السيارات مقابل العملة المشفرة في كل هذا، ومع ذلك، فإنَّهم معاً إلى جانب مزيج المشاهير المثقَّفين والنقود الصعبة، وسهولة المعاملات يعززون جاذبية "بتكوين"، مما يدفع سعرها إلى أعلى.

ولن يقوم السائق الفردي الذي يحب العملة المشفرة بعكس الوفورات في الانبعاثات من مركبته، وإنَّما سيشارك في نظام بيئي غريب يساهم في ذلك.

وبقدر ما أستمتع في فنلندا، فإنَّ وجود اثنين منها بمثابة إسراف، وينطبق الأمر كذلك على البلدان الجميلة الأخرى، وقدَّر "بنك أوف أمريكا" الانبعاثات المرتبطة بـ "بتكوين" عند أسعارها بشكل مختلف، فعندما تكون العملة المشفرة بقيمة 100 ألف دولار - أي ضعف مستواها الحالي تقريباً، وأكثر مما يكفي لشراء طراز "S"؛ فإنَّ الزيادة المتضمَّنة في الانبعاثات تعادل انبعاثات نيجيريا، أكبر اقتصاد في أفريقيا، وهكذا.

وبربط مصيرها بمصير "بتكوين"، تغامر "تسلا" بأموال المستثمرين التي تمَّ جمعها مؤخَّراً، ولكي ترسم البسمة على وجوه الجميع ستتسبَّب في صداع لمحاسبيها، كما أنَّها ستعطي ثقلاً كبيراً لظاهرة أثيرية ذات تأثيرات على العالم الحقيقي، ومن شأنها أن تقوِّض مهمة الشركة المزعومة.