250 مليار دولار تراقب أسواق العقارات لاقتناص الفرص

 انعكاس مبنى إداري على نوافذ مبنى آخر في نيويورك
انعكاس مبنى إداري على نوافذ مبنى آخر في نيويورك المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يجد المستثمرون الذين يملكون مخزوناً قياسياً من الأموال لتمويل العقارات التجارية المتعثِّرة أنفسهم في موقف صعب، فليست أمامهم خيارات لإنفاق هذه الأموال.

إذ لم تتحقَّق حتى الآن الموجة الهائلة من حالات التخلُّف عن السداد المتوقَّعة بعد أن أغلق فيروس كورونا المكاتب، والفنادق، والمتاجر العام الماضي. وفي حين يتأرجح الاقتصاد الأمريكي اليوم بين أدنى مستوياته بسبب الجائحة والانتعاش بفعل اللقاح والتحفيز، فإنَّ نافذة الفرصة لإجراء الصفقات ذات الأسعار المنخفضة تنغلق قبل أن تفتح حقاً.

وقد يبدو هذا بمثابة أخبار إيجابية لمعظم الأمريكيين، ولكن بالنسبة لمجموعة مختارة من المستثمرين الذين توقَّعوا جني أرباح كبيرة من مصائب الآخرين، فهي مشكلة، إذ لا تُطرح العقارات المتعثِّرة في السوق، لأنَّ المالكين يواجهون ضغوطاً قليلة تدفعهم للبيع، وبالتالي صمدت أسعار العقارات التجارية - أو حتى ارتفعت - لأنَّ الكثير من المال يطارد عدداً قليلاً جداً من الصفقات.

وفي هذا الصدد، قال "ويل سليدج"، كبير المديرين الإداريين في وحدة أسواق رأس المال في شركة الوساطة "جونز لانغ لاسال": "بدأنا نرى الإحباط يتحوَّل إلى اليأس"، فالمستثمرون "على استعداد لرفع الأسعار، وتخفيض عائداتهم من أجل استخدام رأس المال ببساطة".

وقد راكمت صناديق الأسهم الخاصة الأمريكية أكثر من 250 مليار دولار للقروض العقارية التجارية اعتباراً من 23 مارس، وفقاً لشركة "بريكين". وشمل ذلك رقماً قياسياً قدره 75.8 مليار دولار للديون المتعثِّرة، وهو رقم نما استجابة لانتشار المدفوعات المتأخِّرة على العقارات في العام الماضي.

وقد تزيد أكوام النقود أكثر من ذلك، إذ يستهدف ما يقرب من 30% من المستثمرين المؤسساتيين الصفقات العقارية التجارية المتعثِّرة والانتهازية هذا العام، أي ما يقرب من ضعف حصة أوائل عام 2020، وفقاً لمسح جديد أجرته شركة "سي بي آر إي غروب".

وفي هذا الصدد، قال "جيم كوستيلو"، نائب الرئيس الأول لشركة بيانات العقارات "ريل كابيتال أناليتكس": "مع وجود رأس المال هذا، فسيكون هناك نوع من تأثير يُشبه اندفاع ثلاثة أشخاص للمرور عبر الباب في الوقت نفسه دون أن يستطيع أي منهم المرور".

نعمة كورونا

كان من المتوقَّع أن يكون هذا العام نعمة للمستثمرين المتعثِّرين مع استحقاق 430 مليار دولار من ديون العقارات التجارية. وقد ارتفعت حالات التأخر في السداد على الأوراق المالية التجارية المدعومة بالرهن العقاري في عام 2020، فقد ارتفع معدَّل التأخر في السداد للفنادق إلى 24% في يونيو. كما استفاد المستثمرون من خبرتهم المكتسبة من الأزمة المالية لعام 2008، عندما تمَّ تداول القروض العقارية مقابل سعر زهيد على الدولار.

ولكن بدلاً من إجبار المقترضين على الدفع أو إعادة التمويل بشروط مرهقة؛ عرض المقرضون تعديلات وتمديدات للاستحقاقات، لتكون تلك الخطوة بمثابة شريان الحياة بانتظار التعافي؛ ونتيجة لذلك، انخفضت حالات التأخر في السداد، وظلَّت أسعار العقارات ثابتة. كما ارتفعت قيم العقارات التجارية بمعدَّل 6.8٪ في 12 شهراً حتى فبراير، وذلك وفقاً لبيانات "ريل كابيتال".

أما الآن، فقد أصبحت العقارات المتعثِّرة في طور التعافي، إذ تُحرر اللقاحات الناس، وتسمح لهم بالسفر، وزيارة مراكز التسوق، والعودة إلى المكاتب. ومن المتوقَّع أن ينمو الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 6.1% في عام 2021.

وفي هذا الصدد، قال "جوناثان بولاك"، الرئيس العالمي لمجموعة استراتيجيات الديون العقارية التابعة لشركة "بلاكستون غروب": "ليست هذه النقطة التي يستسلم عندها المقترضون بعد أن حملوا عبء عقاراتهم خلال هذه الفترة العصيبة".

الجدير بالذكر أنَّ شركة "جونز لانغ لاسال" قيَّمت صفقات ديون محتملة بقيمة 24 مليار دولار العام الماضي، ولم يتم طرح سوى 1.4 مليار دولار في السوق، وفقاً لـِ "سليدج" الذي أشار إلى أنَّه تمَّ تداول مجمعات الديون المتعثِّرة في نطاق يتراوح بين 85، و95 سنتاً على الدولار.

إلى هذا، تلقَّى "يعقوب زار"، الرئيس التنفيذي لشركة "ليف" (Lev)، وسيط التوفيق بين مقترضي العقارات التجارية والمقرضين، مكالمة من صديق يعرض 100 سنت على الدولار للقروض المتعثِّرة.

وقال "زار": "إذا كنت تدفع القيمة الاسمية، فهذا يعني عدم وجود تعثُّر؛ وحتى في حال تعثُّر الكثيرين في السداد، فما يزال هناك الكثير من الاحتياطي النقدي غير المنفق الذي ينتظر الاستثمار".

وما من شكٍّ في أنَّه ستظل هناك فرص متعثِّرة، إذ يكافح بعض أصحاب المباني لإعادة التمويل، أو يقررون التوقُّف عن الاستثمار في المشاريع الخاسرة. كما تواجه بعض العقارات، مثل مراكز التسوق، تحولات استهلاكية طويلة الأجل يصعب التغلُّب عليها. وتعليقاً على الموضوع، قال "بريان ستوفرز"، الرئيس العالمي للديون في شركة "سي بي آر إي"، إنَّ كارثة تعثُّر هائل عقب جائحة كوفيد-19، هي ليست خياراً مطروحاً.

وأضاف: "أولئك الذين توقَّعوا صفقات كبيرة سيصابون بخيبة أمل شديدة".

الوقت يمر

أما بالنسبة لمديري الصناديق المتعثِّرة، فإنَّ الوقت يمر، ولدى معظم الصناديق المبرمة فرصة سنتين أو ثلاث سنوات لطلب الأموال التي جمعتها، وإلا ستفقد الحق في تشغيلها. ولا يمكن للجميع الانتظار كل هذا الوقت لدفع كشوف المرتَّبات، والنفقات الأخرى.

وفي هذا السياق، أمام شركة "ستوكديل كابيتال بارتنرز" حتى شهر ديسمبر 2022 لاستثمار صندوق بقيمة 550 مليون دولار أبرمته في فبراير من العام الماضي، وذلك وفقاً لما قاله "دان مايكلز"، المدير الإداري لشركة عقارات الأسهم الخاصة، ومقرُّها لوس أنجلوس، التي تُركِّز على الفرص المتعثِّرة في جنوب غرب الولايات المتحدة. وقد يتعيَّن على الشركة أن تطلب من المستثمرين التمديد.

وأوضح "مايكلز": "تدرسون 1,000 صفقة لتعثروا على 100 مناسبة، وتعملون على 10 صفقات لتبرموا واحدة في نهاية المطاف".

ومع دخول عدد قليل من الصفقات إلى السوق، يتجه مديرو الصناديق إلى زوايا أكثر غموضاً للحصول على فرص، فقد قال "بات جاكسون"، الرئيس التنفيذي لشركة "سابال كابيتال بارتنرز" في إيرفين بولاية كاليفورنيا، التي ولدت 4 مليارات دولار على شكل قروض عقارية، إنَّ أحد المصادر المحتملة، البنوك التي تريد تنظيف ميزانياتها، لتكون جذَّابة لعمليات الاندماج.

هذا وتُجري "سابال" محادثات مع بنك إقليمي منذ ديسمبر بشأن شراء محفظة ديون بمئات الملايين من الدولارات، في حين يستعد البنك لعملية استحواذ. وقال "جاكسون"، إنَّ التحدي يكمن في تقديم عرض يرضي البائع، ويترك مجالاً لـِ "سابال" لتحقيق الربح.

أوضح قائلاً: "تقدِّمون عرضاً على صفقة، ومن ثم تربحونها، تهانينا! لقد فزتم! إلا أنَّكم تفكِّرون بعد ذلك: هل دفعتُ الكثير؟"