"الرافعة المالية" كيف تهدد استقرار أسواق الأسهم؟

بيل هوانغ مالك شركة "أركيغوس كابيتال مانجمنت"
بيل هوانغ مالك شركة "أركيغوس كابيتال مانجمنت" المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أدَّى انهيار "أركيغوس كابيتال" في الولايات المتحدة، وهو مكتب استثمار عائلي لصاحبه بيل هوانغ الذي اضطر إلى تصفية أكثر من 30 مليار دولار من الأسهم التي استخدمت الرافعة المالية من البنوك الاستثمارية، والبنوك الخاصة لخدمة العملاء بحسب "وول ستريب جورنال". إذ تواجه البنوك الكبرى خسائر فادحة قد تصل إلى 10 مليارات دولار بحسب جيه بي مورغان.

عمل بيل هوانغ، في شركة "تايجر" لصاحبها جوليان روبرتسون في عام 2001، وكان روبرتسون عراب بيل هوانغ. وفي عام 2012 تورَّط هوانغ في الاطلاع على بيانات داخلية، واعترف بذنبه بقيامه بتداولات داخلية معتمداً على تلك البيانات، واعتبرته شركة "غولدمان ساكس". بمثابة مخاطرة لدرجة أنَّ الشركة رفضت التعامل معه حتى أواخر عام 2018.

وتاريخياً قام معلمه روبرتسون بشراء الأسهم عبر الرافعة المالية أيضاً، ولكن لم تكن هناك قدرة على إدارة الدَّين حتى انهارت شركته في عام 1998، مما اضطر روبرتسون إلى التصفية بعد تراكم الديون التي لم يستطع ضبطها من خلال تغطية "المارجن كول" عندما انخفض السوق.

ويفسر هذا ما يمكن أن يتعرَّض له المستثمرون عند شراء الأسهم بالرافعة المالية، وزيادة الحيازات أيضاً برافعة مالية.

وهنا يجب على المستثمر أن يبيع الأسهم التي حقق مكاسب فيها، فيقلِّل من انكشاف حسابه، وتقليص الرافعة المالية الى النصف قبل أن تتدهور الأمور بسرعة كبيرة، ويبدو أنَّ هذا هو الحال مع "أركيغوس"، فقد اشترت أسهماً برافعة مالية تعادل 1: 8 مرات.

حيثيات الرافعة المالية

عندما يبدو أداء السوق صاعداً، فإنَّ زيادة الرافعة بشكل متكرر يبدو فكرة رائعة. ولكن عندما يتغيَّر الاتجاه عكساً قد يجد المستثمر أنَّ محفظته الكبيرة سابقاً تشبه الآن كرة كبيرة فيها العديد من الثقوب، وفي هذا المناخ لا يوجد من يشتري عبر الهامش. هذا صحيح سواء كنت تدير صندوق تحوُّط لمكتب عائلي أو محفظتك الخاصة. تبدو الرافعة المالية الكبيرة دائماً فكرة جيدة، عندما تكون الأسهم في مناخ سوق تصاعدي الأداء، ولكنَّها قد تكون مدمِّرة عند هبوط السوق. فعندما تحرَّكت الأسواق ضد رهانات بيل هوانغ على الأسهم الصينية، امتدَّت إلى شركات التكنولوجيا في الصين والولايات المتحدة. والشركتين الأمريكيتين، فياكوم ViacomCBS Inc،. و ديسكفري Discovery Inc، فتمَّ تشغيل نداء لتغطية الهامش "مارجن كول".

إنَّه لأمر محيّر للغاية؛ كيف وفَّرت تلك البنوك الاستثمارية المتقدِّمة هذا القدر من الرافعة المالية للأسهم المتقلِّبة وغير النشطة، ولا تحظى بدعم كبير من المستثمرين المؤسسيين.

يبدو أنَّ "غولدمان" هو أوَّل المراقبين الداخليين الذين قرعوا جرس الإنذار للتخارج من هذه الأسهم، وبالتالي بدأ تفريغ الأسهم للتقليل من الخسائر، ولكنَّ بنك "كريدي سويس"، و"نومورا"، و"مورغان ستانلي" كانوا أبطأ في الخروج من مراكزهم، وقد يكونون الأكثر تضرراً.

إنَّ الافتقار إلى الشفافية كان أحد العوامل المهمة التي أدَّت الى هذه المشكلة، إذ كان من المفترض أن يرى المنظِّمون هذا السلوك، ويتوقَّعون أن ينفجر هذا الوضع، لأنَّهم سمحوا للمستثمرين ببناء حصص ضخمة في الشركات باستخدام المشتقات المخفية عن أبصار المنظِّمين والمراقبين الذين يستخدمون الأموال المقترضة من البنوك الاستثمارية من الدرجة الأولى.

ويضع القيام بذلك المسؤولية على عاتق حفنة من المسؤولين في "وول ستريت" لمراقبة المخاطر الخاصة، لأنَّ متطلَّبات رأس المال التي أُدخلت بعد الأزمة المالية في عام 2008 جعلت أعمال الإقراض لصناديق التحوُّط الأكثر كلفة، ولم يتبقَ سوى نخبة من الشركات في هذا المجال.

وهنا نرى كيف يمكن للسوق الذي يتمُّ فيه تمويل الصفقات المزدحمة من قبل مجموعة صغيرة أن يزيد من حدَّة التهديد للاستقرار المالي. بطريقة ما، يصبح كونك بنكاً تقليدياً صغيراً نعمة في بعض الأحيان، لأنَّه بطبيعته غير قادر على توفير مثل هذه الأنشطة، وبالتالي؛ الإنقاذ من الانهيار سيكون أسهل.