قرارات "أوبك+" بزيادة إنتاج النفط تدريجياً تعكس ثقة في تعافي الاقتصاد

أوبك بلس يوافق على زيادة تدريجية في الإنتاج وسط مؤشرات على تعافي الطلب
أوبك بلس يوافق على زيادة تدريجية في الإنتاج وسط مؤشرات على تعافي الطلب المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أعرب تحالف "أوبك+"، الذي يضم الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بالإضافة إلى منتجين أخرين بقيادة روسيا، عن ثقة متزايدة في تعافي الاقتصاد العالمي من خلال الموافقة على زيادة إنتاج النفط تدريجياً في الأشهر المقبلة.

وقبل اجتماع أمس الخميس، كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحافظ التحالف على موقفه الحذر من خلال تمديد خفض الإمدادات الحالية، تماماً كما فعل في بداية مارس.

ومع ذلك، أظهرت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها أنهم مقتنعون أكثر حالياً بأن الطلب على الوقود يتلقى دعماً قوياً، بعد اضطرابات خلال عام بسبب فيروس كورونا.

ومع قيام دول مثل الولايات المتحدة بتوسيع برامج التطعيم لديها بسرعة، هناك إشارات متزايدة على تعافي سوق النفط.

وفي الأسبوع الماضي، عالجت مصافي التكرير الأمريكية أكبر كمية من النفط الخام منذ بدء تفشي كورونا، في الوقت الذي تستعد لمواجهة الطلب على الوقود في مجالي القيادة والطيران.

وعلى الرغم من ضعف استهلاك النفط في أوروبا، مع قيام فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا بتمديد أو فرض عمليات إغلاق جديدة، إلا أن مؤشرات الطلب من الصين لا تزال قوية.

كما وصل المتوسط العالمي للرحلات الجوية التجارية التي تقلع يومياً على مدار سبعة أيام إلى أعلى مستوى بعد الوباء عند 77,708 يوم الأربعاء، وفقاً لبيانات من "فلايت رادار 24".

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "أوبك+" عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، "حتى في تلك القطاعات التي تضررت بشدة مثل السفر بالطائرة، هناك مؤشرات على تحسن ملموس".

ضخُّ المزيد من النفط

يعتزم تحالف "أوبك+" ضخَّ أكثر من مليوني برميل يومياً إلى إمدادات النفط العالمية في الفترة بين مايو ويوليو 2021. وسيؤدي ذلك إلى استعادة حوالي ربع النفط الخام المحجوب عن الأسواق بعد إجراء تخفيضات كبيرة قبل عام لمواجهة تداعيات تفشي وباء كورونا.

ومع ارتفاع أسعار النفط بثبات فوق 60 دولاراً للبرميل، تعرَّض التحالف لضغوط لزيادة الإنتاج. وارتفعت تكاليف السلع الأخرى أيضاً، مما ترك البنوك المركزية من الولايات المتحدة إلى الصين تواجه خطر ارتفاع التضخم، إذ تضخ الحكومات تريليونات الدولارات في صورة حزم تحفيز مالي.

ودعت كبرى الدول المستهلكة للنفط، بما في ذلك الولايات المتحدة والهند، "أوبك+" إلى إبقاء الأسعار تحت السيطرة. واتصلت وزيرة الطاقة الأمريكية، جينيفر جرانهولم هاتفياً بنظيرها السعودي قبل اجتماع التحالف لتسليط الضوء على أهمية توفير الطاقة بأسعار معقولة. وقال الأمير عبد العزيز للصحفيين إنهما لم يناقشا تطورات سوق النفط.

بينما قالت الوزيرة الأمريكية في تغريدة لها يوم الخميس: "لقد أجريت مكالمة مثمرة مع وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان آل سعود اليوم. وأكدنا من جديد على أهمية التعاون الدولي لضمان مصادر الطاقة بأسعار معقولة وموثوقة للمستهلكين".

تقليل التخفيضات الطوعية للمملكة

وفي أعقاب اجتماع "أوبك+"، قال الأمير عبد العزيز للصحفيين، إن التحالف الذي يضم 23 دولة سيزيد الإنتاج بمقدار 350 ألف برميل يومياً في مايو، ويضيف نفس الحجم مرة أخرى في يونيو وبمقدار 450 ألف برميل يومياً في يوليو.

وعلاوة على ذلك، ستعمل المملكة العربية السعودية على التراجع عن خفضها الطوعي بمقدار مليون برميل يومياً، لتضيف 250 ألف برميل يومياً في مايو، و350 ألف برميل يومياً في يونيو، و400 ألف برميل يومياً في يوليو، بحسب قول الوزير السعودي.

وفي تعليق على قرار التحالف، قالت آن لويز هيتل، نائبة رئيس شركة "وود ماكينزي" لشؤون اقتصادات النفط في مذكرة: "وافق أوبك+" يوم الخميس على زيادة حصص الإنتاج بحذر.. الاتفاقية داعمة لأسعار النفط، ومع ذلك ينبغي أن تساعد أيضاً في تجنب الارتفاع الحاد للأسعار، في ضوء ارتفاع الطلب على النفط".

وارتفعت أسعار خام برنت بعد قرار "أوبك بلس" وصعدت 3.2% إلى 64.75 دولاراً للبرميل في لندن.

أوقات الاختبار

وقال الوزير السعودي إن "أوبك+" يقوم حالياً "باختبار" السوق، ولديه فرصة لعكس المسار إذا لزم الأمر في اجتماعه المقبل في 28 أبريل.

وباعتبارها أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، تتمتع المملكة العربية السعودية بنظرة فريدة إزاء صحة الاقتصاد العالمي. وتمتلك شركة أرامكو رؤية واضحة للطلب على النفط قبل شهرين وهي الفترة الزمنية التي تتلقى فيها بشكل غير رسمي طلبات من مصافي التكرير العالمية. وبالتالي، فإن قرار زيادة الإنتاج يشير إلى أن الرياض تشهد طلباً كافياً على الإمدادات التي ستستعيدها في مايو ويونيو.

وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "أوبك+": "نحتاج إلى إبقاء أصابعنا على نبض السوق وعدم السماح بزيادة المعروض، أو حدوث عجز كبير".

وعلى مدار الشهرين الماضيين، عززت روسيا وكازاخستان إنتاجهما؛ بينما أبقى جميع أعضاء التحالف إنتاجهم دون تغيير، أو خفضوا إنتاجهم بشكل أعمق.

ويمثل اتفاق التحالف أمس الخميس أيضاً بمثابة محاولة للحد من التوترات الداخلية، بسبب سياسة السماح لروسيا وكازاخستان بزيادة الإنتاج بخلاف باقي أعضاء التحالف.

وقال أحد المندوبين، إن أبوظبي أصبحت غير سعيدة بشكل متزايد بالمعاملة التفضيلية التي تلقاها أحد أقوى أعضاء التحالف، في إشارة إلى روسيا. وحالياً، يتقاسم جميع الأعضاء في التحالف مزايا تعافي الطلب على النفط.