أحلام واشنطن لتصنيع الرقائق بحاجة إلى التمويل

واشنطن تسعى لتأمين احتياجاتها من الرقائق الإلكترونية عبر تنمية الصناعة
واشنطن تسعى لتأمين احتياجاتها من الرقائق الإلكترونية عبر تنمية الصناعة المصدر: بلومبرغ
Tim Culpan
Tim Culpan

Tim Culpan is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. He previously covered technology for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا كانت الولايات المتحدة تريد استعادة مكانتها في صناعة أشباه الموصلات العالمية، فإنها قد تحتاج إلى مساعدة المصرفيين بقدر ما تحتاج إلى مساعدة المهندسين.

وتعتبر خطة شركة "إنتل" الجديدة الجريئة لتوسيع نطاق أعمالها والدخول في مجال المسابك، وكذلك تعهد شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات ببناء مصنع جديد في ولاية أريزونا، أخباراً مرحباً بها.

هذا هو الحال بشكل خاص في واشنطن، حيث تحدد الإدارة والمشرعون خططاً لاستعادة الصدارة وسط المنافسة المتزايدة من بكين، لكن ربما لا تكون مشاريع المصانع المتفرقة هذه كافية لرفع حصة البلاد في القدرة التصنيعية العالمية، والتي تحتل حالياً المرتبة الخامسة بعد تايوان وكوريا الجنوبية والصين واليابان.

وقد يكون هذا هو المجال الذي تستطيع "وول ستريت" لعب دور فيه، فالاستحواذ المحتمل على شركة "كيوكسيا هولدينغز" اليابانية (Kioxia Holdings) يعد بالتحديد نوع التحرك الذي يجب ألّا يتخلف عنه رجال الأعمال والسياسيون الأمريكيون.

وفي الواقع تستكشف كل من شركتي "مايكرون تكنولوجي" (Micron Technology)، ومقرها بويسي، وهي أكبر صانع لرقائق الذاكرة في البلاد، و"ويسترن ديجيتال" (Western Digital Corp.)، الرائدة في مجال التخزين والأقراص الصلبة، فكرة شراء "كيوكسيا هولدينغز"، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مؤخراً.

صفقات متنافسة

واقترح تقرير لاحق من "بلومبرغ" أن الشركة المستهدفة تفضل طرح أسهمها للاكتتاب العام بدلاً من الاستحواذ عليها، مما يشير إلى أن محاولة أي شركة أجنبية لشراء "كيوكسيا هولدينغز" لن تكون سهلة.

وكتبت "وول ستريت جورنال" أن هذه تبدو وكأنها صفقات متنافسة، وإذا نُفذ أي منها، فيمكن أن تقدر قيمة ما كان يُعرف سابقًا باسم شركة "توشيبا ميموري" (Toshiba Memory Corp) بحوالي 30 مليار دولار.

ويمكن أن تمنح هذه الصفقة أيضاً أياً من المشترين 20% إضافية من السوق للرقائق المستخدمة لتخزين البيانات. وستكون عملية الشراء هذه فرصة نادرة بالنسبة لقدرة تصنيع أشباه الموصلات في صناعة كانت فيها عمليات الاستحواذ البالغة 300 مليار دولار على مدار العقد الماضي بين شركات تصميم وبيع رقائق أشباه الموصلات.

ومن المهم ملاحظة أن شراء صانع رقائق أجنبي لا يعيد القدرة التصنيعية تلقائياً إلى أرض الوطن. فقد أعلنت شركتا "كيوكسيا" و"ويسترن ديجيتال"، على سبيل المثال، عن توسيع مرافقهما المشتركة في مدينة يوكايتشي بوسط اليابان، لكن هذا الأمر من شأنه وضع المزيد من الإمدادات العالمية تحت السيطرة الاسمية للشركات الأمريكية.

اعتراض اليابان

إن امتلاك الشركات الأمريكية المزيد من القدرة العالمية ليس مجرد استراتيجية تُتبع لتحسين الأوضاع، بل يمكن القول إن الإدارة لديها نفوذ أكبر على الشركات الأمريكية من نفوذها على الشركات الأجنبية، والتي يمكن أن تدفع أرباحاً بينما يواصل الرئيس جو بايدن سياسة سلفه في جذب سلسلة التوريد التقنية للعودة إلى الوطن.

وتمتلك كل من شركتي "ماكرون" و"إنتل" كميات كبيرة من الصناعات في الخارج، مما يقلل من أي حجة قد تُطرح حول تفضيل السياسات الأمريكية. ويمكن أن تلعب المناورات الدبلوماسية دوراً أيضاً، في ظل احتمالية اعتراض طوكيو على عملية الاستحواذ.

لكن هذه الشركات الأمريكية لم تعد بعيدة عن التلويح بالأعلام، فقد بدا العرض التقديمي الذي قدمه الرئيس التنفيذي لشركة إنتل، بات غيلسنجر، في 23 مارس، والذي أعلن خلاله انتقال الشركة، التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، إلى سبك الرقائق المصنوعة حسب الطلب، بمثابة ممارسة وطنية. وبدا الأمر كما لو أنه كان يخاطب واشنطن بقدر ما كان يخاطب المساهمين والموظفين.

وإذا نجحت "ماكرون" أو "ويسترن ديجيتال" في شراء "كيوكسيا"، فيمكننا أن نتوقع من الفائز بالصفقة أن يحشو مادته الإعلانية بإشارات تتحدث عن التصنيع وأمن سلسلة التوريد في الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يلي ذلك دعوة إلى العاصمة واشنطن وعواصم الولايات لطلب الحوافز.

وللوصول إلى ذلك، تحتاج الصفقات إلى مصدر لتأمين التمويل. ومع ازدهار العالم بالنقود، وسهولة الحصول على كل من الديون والأسهم، يصبح المصرفيون في وضع يسمح لهم بتحقيق أحلام الساسة.