الانبعاثات.. أكبر مشكلة تواجه سفن الحاويات الضخمة

تبنت العديد من شركات الشحن أهدافاً طموحة لعملياتها، إلا أن إزالة الكربون من قطاع الشحن يبقى أمراً صعباً. ومن المحتمل أن تستمر حصته من إجمالي الانبعاثات في الارتفاع لبضع سنوات، بينما تعمل القطاعات الأخرى على تقليل انبعاثاتها الكربونية بسرعة أكبر
تبنت العديد من شركات الشحن أهدافاً طموحة لعملياتها، إلا أن إزالة الكربون من قطاع الشحن يبقى أمراً صعباً. ومن المحتمل أن تستمر حصته من إجمالي الانبعاثات في الارتفاع لبضع سنوات، بينما تعمل القطاعات الأخرى على تقليل انبعاثاتها الكربونية بسرعة أكبر المصدر: بلومبرغ
Peter R. Orszag
Peter R. Orszag

Peter Orszag is CEO of Financial Advisory @Lazard and a columnist at @bopinion

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حولّت دراما سفينة "ايفر غيفن" في قناة السويس انتباه العالم إلى شحن الحاويات على الفور، ما يُعجّل البحث عن حلول أكثر استدامة لمعالجة أخطار هذه السفن الحيوية على المناخ.

يمثل قطاع الشحن البحري 3% من انبعاثات الكربون في العالم، ولو كان هذا القطاع دولة، لوجدنا أنه سادس أكبر مُصدر للانبعاثات في العالم.

على مدار السنوات الخمسين الماضية، أدى شحن الحاويات إلى خفض تكاليف النقل البحري بشكل كبير، كما لعب الدور الأكبر في التجارة العالمية أكثر من كافة الاتفاقيات التجارية. ومع ذلك، تعمل تلك السفن بالوقود الرخيص، والذي ينبعث منه عند حرقه كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، إلى جانب الكربون الأسود، وهو الجسيم الدقيق الذي يمكنه امتصاص طاقة ثاني أكسيد الكربون بمليون ضعف، وقد يمثل ثاني أكبر مساهم في التغير المناخي.

وحددت المنظمة البحرية الدولية هدفاً يتمثل في خفض انبعاثات الكربون من السفن إلى 50% دون مستويات عام 2008 بحلول عام 2050، فيما تمكن "تحالف الوصول إلى الصفر" من حشد ما يزيد عن 150 شركة ومنظمة من القطاع البحري كأعضاء. وفي حين تبنت العديد من شركات الشحن أهدافاً طموحة لعملياتها، إلا أن إزالة الكربون من قطاع الشحن يبقى أمراً صعباً. ومن المحتمل أن تستمر حصته من إجمالي الانبعاثات في الارتفاع لبضع سنوات، بينما تعمل القطاعات الأخرى على تقليل انبعاثاتها الكربونية بسرعة أكبر.

طرق خفض الانبعاثات

يُعد خفض الانبعاثات أمراً صعباً بشكل خاص بسبب المسافات الطويلة التي تقطعها السفن والبضائع الضخمة التي تحملها. ونظراً لكبر حجم كثافة الطاقة في وقود السفن، فإن الوقود البديل الأنظف يكون إما أكثر تكلفة أو قد يشغل مساحة كبيرة للغاية على متن السفن، ما يجعله غير عملي. ويُقدّر "بيل غيتس" (رئيس شركة مايكروسوفت) الارتفاع الكبير الحالي في تكلفة البدائل الخضراء لوقود السفن بما بين 300 إلى 600%؛ ويشير إلى أن "أفضل سفن الحاويات التقليدية يمكنها حمل ما يزيد 200 مرة عن أي من السفينتين الكهربائيتين العاملتين حالياً، ويمكنها تشغيل خطوط ملاحية أطول بـ400 مرة".

ورغم هذه الصعوبات، هناك العديد من الطرق لخفض الانبعاثات، ولا تنتظر الصناعة حلاً سحرياً للقيام بذلك. وتتمثل إحدى الإستراتيجيات في التبخير البطيء، والذي يعني الإبحار بسرعات أقل من قدرة محرك السفينة القصوى. واستناداً لإحدى التقديرات، يمكن أن يؤدي إبطاء سرعة السفينة بنسبة 10% إلى خفض الانبعاثات بنسبة 19%، بعد احتساب عدد السفن الإضافية اللازمة لتسليم نفس الكمية من البضائع في نفس الفترة الزمنية.

الهيدروجين.. الحل والتحدي

إلا أن التطورات الكبرى ستأتي من بدائل وقود السفن. فإلى جانب السفن التي تعمل بخلايا الوقود التي ذكرها "غيتس"، أُطلقت بالفعل سفن حاويات تعمل بالغاز الطبيعي المسال. كما يجري العمل على تطوير سفن محايدة الكربون يغذيها الميثانول؛ وإن كانت مخصصة لمسافات أقصر.

ويمكن أن يلعب الهيدروجين أيضاً دوراً رئيساً في شحن الحاويات الأكثر مراعاة للبيئة. ولكن نظراً لقلة كثافة طاقته عن وقود السفن، فإن الرحلات الطويلة ستحتاج مساحات أوسع لتخزينه، ما قد يشكل عائقاً.

وتتمثل إحدى الأفكار أيضاً في بناء سلسلة من محطات التزوّد بوقود الهيدروجين السائل، بحيث لا تحتاج السفن إلى تخزين نفس القدر منه؛ وإن كان ذلك على حساب الرحلات الطويلة التي ستضطر للتوقف من أجل التزوّد بالوقود. وبدلاً من ذلك، يراهن البعض على استخدام الهيدروجين لإنتاج الأمونيا الخضراء من خلال الجمع بين الهيدروجين والنيتروجين. إلا أن الأمونيا أيضاً لديها كثافة طاقة تقل بكثير عن وقود السفن.

ويأتي الاقتراح الأكثر راديكالية وإثارة للجدل من "بيل غيتس"، إذ يقول في كتابه الجديد حول تغيّر المناخ: "يجب أن نستكشف أيضاً سفن الحاويات التي تعمل بالطاقة النووية. المخاطر هنا حقيقية (على سبيل المثال، عليكم التأكد من عدم تسرب الوقود النووي إذا غرقت السفينة)، ولكن تم بالفعل حل العديد من التحديات التقنية. والنتيجة هي أن الغواصات العسكرية وحاملات الطائرات تعمل بالطاقة النووية بالفعل".

كانت سفن الحاويات أساسية لتوسيع سلاسل التوريد ونمو التجارة العالمية. وعلى الرغم من إضافة تكاليف التحول نحو البدائل الخضراء، ستظل السفن تُمثّل إلى حد بعيد الطريقة الأقل تكلفة لنقل البضائع لمسافات طويلة. وفي المستقبل، وبعد فترة طويلة من عودة حركة المرور في قناة السويس إلى طبيعتها، ستكون تلك السفن أساسية أيضاً في عملية التحول إلى الصافي الصفري للانبعاثات الكربونية.