البيانات شرط أساسي لتحقيق العدالة في أماكن العمل

حان الوقت ليحاسب المستثمرون مجالس الإدارة لخلق أماكن عمل عادلة
حان الوقت ليحاسب المستثمرون مجالس الإدارة لخلق أماكن عمل عادلة المصدر: بلومبرغ
Chris Hughes
Chris Hughes

Chris Hughes is a Bloomberg Opinion columnist covering deals. He previously worked for Reuters Breakingviews, as well as the Financial Times and the Independent newspaper.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

التوجه نحو برامج التدريب المختصة في مناهضة التحيُّز غير الواعي آخذ في الازدياد، الأمر الذي كان يوماً ما عنصراً رئيسياً ضمن استراتيجيات أصحاب العمل في التنوع والاندماج، إلا أن تقريراً بريطانياً مثيراً للجدل حول عدم المساواة العرقية كان دعا المنظمات إلى إلغاء هذه الدورات التدريبية بالكامل.

وفي حين أنه قد يكون من السابق لأوانه شطب هذه الدورات، فإن ضغط المستثمرين قد يساعد على إيجاد بديل أفضل لتحسين قضايا التمييز.

معالجة طرق التفكير

وتسعى هذه الدورات التدريبية الخاصة إلى مناهضة التحيز غير الواعي، عن طريق معالجة طرق التفكير عميقة الجذور، التي تؤدي إلى ردود فعل انعكاسية تلقائية من الأشخاص وتقود إلى السلوك التمييزي. وفي حين يوجد كثير من الأدلة على تأصل الأحكام المسبقة، ولعبها دوراً هاماً في هذا الموضوع، فإن الدراسات وجدت صعوبة في تحديد ما إذا كانت هذه الجلسات، التي غالباً ما تنظم لمرة واحدة، تحدِث أي فرق يُذكر في تصرفات الأشخاص وأفعالهم.

والأمر الأكثر سوءاً في موضوع هذه الدورات، أنها في كثير من الأحيان قد تكون ضارة أكثر منها نافعة. وقد صرحت لجنة المساواة وحقوق الإنسان في بريطانيا بأن هذه الدورات يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، بإشارتها إلى أن الصور النمطية والتحيزات غير قابلة للتغيير. وقد يشعر الموظفون الذين التحقوا بمثل هذه الدورات بأن لديهم غطاءً منطقياً يبرّر لهم ممارسة التمييز.

وقد كانت إدارة الخدمة المدنية البريطانية قررت إنهاء دوراتها حول هذا الموضوع تدريجياً العام الماضي. وكان الرئيس السابق لشركة التدقيق والمحاسبة "كيه بي إم جي" (KPMG) في المملكة المتحدة قال للموظفين، وهو ما أصبح ذائع الصيت بعدها، إن التدريب لم يؤدِّ إلى أي تحسن يُذكر. بالتالي فإن مبدأ التحيز غير الواعي هو مبدأ "أحمق" حسب تعبيره. وهو أمر اعتذر عنه لاحقاً، مغادراً الشركة بعد أيام، قائلاً إن موقفه غير مقبول ولا يمكن الدفاع عنه.

العنصرية المؤسسية

أما لجنة بوريس جونسون حول العرق والتباين العرقي، التي ترأسها المستشار التربوي توني سيويل، فقد أحدثت ردود فعل عاصفة باستنتاجها حول مفهوم "العنصرية المؤسسية" الذي يُستخدم بإفراط ويصرف الانتباه عن العوامل الأخرى التي تساهم في عدم المساواة العرقية.

مع ذلك، لم تكن اللجنة راديكالية عندما قالت إن التدريب على التنوع لا ينفع، وإنه مجرد مثال على إعطاء المنظمات والشركات الأولوية للإجراءات والعمليات على النتائج.

ومن الواضح أن الجلسات المخصصة حول التحيز غير الواعي ليست حلّاً سحرياً في بيئة العمل، إلا أن الإجماع المتزايد ضد برامج التدريب التي ترفع وعي الموظفين حول تأثير أقوالهم وأفعالهم سلبياً في زملائهم من عرق أو جنس أو ميول جنسية مختلفة، هو الأمر الذي يتطلب الحذر.

مع ذلك، قد يكون من الصعب إثبات الفوائد المحتمَلة لهذه الدورات، لسبب بسيط، هو عدم وجود نموذج معياري لما يجب أن تتكون منه هذه الدورات. لذلك من الممكن القول إن شكلاً من أشكال التدريب على التحيُّز غير الواعي قد يكون فعالاً، إلا أنه لم يُطوَّر بعد.

وقد يكون لهذا التدريب دور يلعبه في تعزيز سياسات أخرى، وقد قال فريدريك هربرت مؤخراً، وهو عالم سلوكيات في مبادرة الشمول في كلية لندن للاقتصاد، إن التدريب على التحيز غير الواعي يرفع على الأقلّ مدى معرفة الناس "بالارتباطات الضمنية المتحيزة". وأضاف أنه على الرغم من أن هذا الوعي قد لا يكون كافياً لتغيير السلوك، فإنه شرط أساسي لحدوث ذلك.

نتائج قابلة للقياس

ولكن السؤال يدور حول الأمر الذي يجب أن نستبدل به التدريب على التحيز غير الواعي، أو كيف يمكن البناء عليه بأسلوب مؤثر قابل للقياس. وتدعو لجنة سيويل إلى منح موظفي الأقليات العرقية مزيداً من فرص الانفتاح على الأقران والمديرين وصناع القرار، وتقديم دعم عن طريق تعليم لـ"المهارات الروتينية"، وهو الأمر الذي يمكن أن "يفيد الفئات الأكثر حرماناً بشكل خاص".

كما أن اللجنة تفضّل اتباع إجراءات إعطاء "دفعة أو تنبيه" للموظفين. وقالت: "في بعض الأحيان تكون التغييرات بسيطة لدرجة إنها تبدو مبتذَلة، كاستخدام صور للزملاء الناجحين من الأقليات العرقية وتعليقها على الجدران على سبيل المثال".

وتقول اللجنة أيضاً إنه يجب فعل مزيد لتحديد ما يصلح حقاً لتعزيز العدالة في مكان العمل. فإذا كان الأمر كذلك، فقد يكون من غير المجدي تقييد أصحاب العمل بنهج توجيهي دقيق للتعامل مع التفاوتات والفوارق، بخاصة أنها قد تتحول إلى أمر شكلي.

في الوقت نفسه، لا شك في وجود قيمة تجارية من توظيف مجموعة متنوعة من المواهب وخلق ثقافة شاملة، ومن الأفضل للمستثمرين مساءلة مجالس الإدارة لتحقيق ذلك، والضغط على الشركات لإيجاد أفضل الحلول.

فجوة الأجور العرقية

ولكن سيحدث هذا أسرع إذا كان لدى المساهمين المعلومات اللازمة لتكوين وجهة نظر، وقد أظهر أحدث استطلاع لمبادرة الإفصاح عن القوى العاملة أجرته شركة "شير أكشن" (ShareAction)، وهي الشركة المسؤولة عن حملة الاستثمار، أن 4% فقط من الشركات قدّمَت بيانات عن فجوة الأجور العرقية (مما يسمح بفرض قيود قانونية على جمع البيانات)، مقارنة بـ57% في ما يخصّ فجوة الأجور بين الجنسين. كما أن 36% فقط من الشركات أجرى استطلاعاً حول التركيب العرقي لقوتها العاملة، مقارنة بنسبة 75% حول تركيبة القوى العاملة على أساس الجنس.

ويضع تقرير سيويل ضغوطاً إضافية قليلة على أصحاب العمل للكشف عن بيانات أكثر تفصيلاً عن الرواتب، في حال كانوا لم يفعلوا ذلك بالفعل. وهو يُقِرّ بالتحديات المتمثلة في الإفصاح عن الأجور العرقية بالنظر إلى التصنيفات المتعددة والاختلافات الجغرافية. ولكن هذا لا يعني أنه ينبغي أن تُعفى الشركات من تضمين هذه البيانات في تقاريرها السنوية، وتوفير سياق سردي إذا شعروا أن موقفهم ليس دقيقاً بناءً على ما تظهره الأرقام.

وكانت شركة "شير أكشن" صرّحَت بأنه دون بيانات تركيبة للقوى العاملة، لا يمكن للشركات تصميم مبادرات من شأنها الاستجابة لاحتياجات موظفيها. وقد تحتاج الدورات التدريبية إلى فعل كثير لتبرير وجودها ضمن مجموعة الأدوات المستخدمة لتحقيق الإنصاف والتكافؤ. ولكن لا عذر للشركات لتفادي ملاحظات حول ما تفعله للترويج لثقافة شاملة، في حال كانت هذه الملاحظات مدعومة بالبيانات.