عاصفة القروض الرديئة قد تجتاح بنوك الصين

موجة القروض الرديئة قادمة
موجة القروض الرديئة قادمة المصور: برايان بيلمان/ أ.ف.ب
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتجه أنظار المحللين وخبراء الاقتصاد، في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد Covid-19 إلى قروض البنوك الرديئة، خاصة في الصين التي تعد البؤرة الأولى للوباء، وفي الحقيقة، فإن واقع الأمر أسوأ بكثير مما يبدو.

فقد أعلن أكبر المقرضين في الصين عن أرباحه ربع السنوية، في أولى الأرقام التي تعلن منذ أن تسبب تفشى فيروس كورونا في إغلاق مساحات شاسعة من القطاع الاقتصادي، ارتفع معها رصيد القروض المتعثرة في جميع القطاعات الاقتصادية.

أنواع القروض المتعثرة

بالرغم من ارتفاع رصيد القروض المتعثرة في بعض القطاعات أكثر من بعضها الآخر، لكن إجمالي رصيد هذه القروض قد ارتفع بشكل عام أيضاً.

وكانت القروض المتعثرة في الأساس ثابتة من حيث النسبة، في حين تسبب عدم وجود العديد من التحليلات الاقتصادية لأنواع القروض المتعثرة في حيرة المستثمرين نظراً لقلة توافر المؤشرات التي من شأنها توضيح حقيقة الأمور.

ويظهر الفحص الدقيق لحسابات القروض الحالية أن المزيد من المتاعب في انتظارنا، إذ يذهب ثلث الإقراض المصرفي الصيني إلى القروض الشخصية دون ضمانات، بما في ذلك بطاقات الائتمان، والشركات الخاصة والمؤسسات الصغيرة، أو متوسطة الحجم.

ويشكل هؤلاء المقترضون 77% من إجمالي القروض المتعثرة، كما يميلون عادة ليكونوا الحلقة الأضعف خلال الأزمات، ومن ثم سيكونون أكثر الخاسرين في أعقاب جائحة فيروس كورونا المستجد Covid-19.

ومن المتوقع أن تشهد الشركات الصناعية الخاصة انخفاضاً في أرباحها، في ظل تراجع الصادرات والطلب العالمي.

ووفقًا لما ذكرته مجموعة "سي إل إس إيه" الاستثمارية المحدودة، سيتولد حوالي 2.5 تريليون يوان (353.1 مليار دولار) من القروض الجديدة المتعثرة داخل النظام المصرفي الصيني على مدى الـ12 شهرًا القادمة.

وبحسب المجموعة، سيعاني الموظفون وأصحاب الأعمال وستتأثر دخول الأسر الصينية، مما سيؤدي إلى إضعاف الائتمان الاستهلاكي.

لقد اعتادت الشركات أن تستمد قدرتها على البقاء من بكين فقط، بما يكفي للحفاظ على توازنها، في حين يسمح للبنوك بالتجاوز عن استحقاقاتها، بالرغم من أن الصورة ستصبح أكثر قتامة فترة من الوقت.

ميزانيات المستهلكين تعكس حقيقة الوضع:

قد تكون ميزانيات المستهلكين أكثر دلالة على ما يحدث، فقد ارتفعت قروض الرهون العقارية المتعثرة لشركة "بينج أن بانك"، التي تشمل الرهون العقارية، بنسبة 59% خلال الربع الأول مقارنة بالعام السابق، وفق مجموعة "جولدمان ساكس".

وتعتبر القفزة في نسبة القروض المتعثرة للأوراق المالية المدعومة بديون البطاقات الائتمانية بأكثر من 4% في مارس بحسب ما ذكرته مجموعة "سي إل إس إيه"، إحدى الدلالات المقلقة.

وكانت قدرة خدمة ديون الأسر مقيدة بالفعل في ظل ارتفاع الاقتراض بشكل أسرع من الدخول، وبما أن شطب قروض التجزئة يشكل تحديًا كبيرًا، إلا أن تمديد أجل ملايين القروض المتعثرة سيكون أمراً صعباً أيضًا.

ويأتي السؤال ههنا حول ما سيتم الاعتراف به من الديون المتعثرة، فمن جانبها، تدفع الجهات التنظيمية المقرضين لتسهيل عمليات السداد، وتمديد آجل القروض، وهذا يعني أنه سيتم تخصيص حصة لفئات مثل القروض المتأخرة والمجدولة وقروض الموجودات الخاصة (تصنف القروض المصرفية كموجودات خاصة عندما يفشل المقرض في الإشراف على القرض بشكل صحيح أو يحتفظ بمستندات كافية، أو ينحرف عن ممارسات الإقراض المقبولة والحكيمة) قبل أن يتم الإعلان عنها كأصول غير عاملة.

وغالبًا ما تبقى هذه القروض مدرجة تحت هذه التصنيفات لفترة طويلة، حتى لو كانت سيئة، ومع استخدام تعريف أوسع يشمل المجموعات السابقة؛ فإن إجمالي القروض المتعثرة يصبح أقرب إلى 2.5 تريليون يوان، منه إلى الإجمالي البالغ 1.5 تريليون يوان، المذكور في التقارير المالية لجميع البنوك الـ 49 المدرجة، وفق تقديرات مجموعة "روديوم" لأبحاث السياسة والاقتصاد، وهي التقديرات التي سبقت تفشي الفيروس. وفى غضون ذلك، كانت البنوك غير المدرجة، تبلغ بالفعل عن ارتفاع معدلات القروض المتعثرة بنحو 10%.

وبحسب مجموعة "روديوم" فإنه سيتعين على البنوك تخصيص الأموال حتى يتسنى لها تسهيل عمليات السداد، أو تمديد أجل القروض، فقد أشارت المجموعة الأمريكية في تقديراتها إلى أن تريليون يوان إضافية من القروض المتعثرة تتطلب 1.5 تريليون يوان من المخصصات، وهو أمر من شأنه أن يسحق نصف الأرباح السنوية للنظام المصرفي، ويتسبب في تآكل رأس المال.

فلا عجب من البنوك التي سارعت إلى جمع المليارات من رؤوس الأموال في الأسابيع الأخيرة من خلال سندات رأسمالية دائمة وإضافية من الدرجة الأولى. وفى تلك الأثناء، سيبدأ التدهور في الضغط على البنوك لزيادة الأرباح، وهو موقف خطير تصل إليه.

ومن ناحية أخرى، فقد زادت مخصصات خسائر القروض لدى معظم المقرضين الكبار خلال الربع الأول. وبموجب القواعد المحاسبية المعتمدة العام الماضي، فإنه من المفترض أن يستند هذا المصدر إلى الخسائر المتوقعة قبل ظهور الخسائر الفعلية. ومن غير الواضح توقع المقرضين لكنه لا يبدو كافياً، ولذلك فإنه يتعين على المستثمرين الانتباه لما يحدث.