هل يمكن أن يساهم اللقاح في عودة السفر الدولي قريباً؟

هل يحقّق اللقاح الآمال بعودة السفر؟
هل يحقّق اللقاح الآمال بعودة السفر؟ المصدر: صور غيتي
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد أكثر من عام من البقاء في المنزل، يتوق الناس إلى السفر حول العالم مرة أخرى، بخاصة أولئك الذين يمتلكون أرصدة قديمة من رحلات الطيران الملغاة في عام 2020، كما أن شركات الطيران لا تريد شيئاً أكثر من إعادة فتح الحدود.

وفي حين أن الصناعة تدعم استمرار ارتداء الأقنعة الطبية واتخاذ تدابير التباعد الاجتماعي وغيرها من تدابير السلامة، فإنها تعتمد على اللقاحات لتخفيف المتطلبات الدولية الأكثر تعقيداً لاختبار الوباء والحجر الصحي.

وفي الولايات المتحدة دعت صناعة الطيران إدارة الرئيس جو بايدن لتحديث إرشادات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لإعفاء المسافرين الدوليين المحصنين من المتطلبات الحالية الخاصة باختبار الوباء.

أما في أوروبا، فيرى مايكل أوليري، الرئيس التنفيذي لشركة "رايان إير هولدينغز" (Ryanair Holdings)، أن الاختبارات الحاسمة للحفاظ على قيود السفر يجب أن تكون متعلقة بدخول المستشفيات وحالات الوفيات.

وقال أوليري: "بمجرد القضاء على هذا الخطر من خلال توفير اللقاح، أعتقد أن الناس سيتمردون، ولن يكونوا مستعدين لإجراءات إغلاق أخرى". وأضاف في مقابلة أجراها مع تليفزيون "بلومبرغ" الشهر الماضي: "كوفيد سيستمر، أعني أنه سيبقى معنا، ولكني أعتقد أنه سيكون مشابهاً بشكل أكثر للإنفلونزا السنوية أو الزكام السنوي، بسبب نجاح التطعيمات".

هل أوليري على حق؟ هل يمكن أن يكون اللقاح نقطة التحول التي تنتظرها شركات الطيران؟

ناقشت بروك ساذرلاند، كاتبة العمود المتخصصة في الصناعة لدى وحدة الرأي في "بلومبرغ"، هذا الأمر مع سام فاضلي، محلل صناعة الأدوية لدى "بلومبرغ إنتليجنس". وحُرّرت المحادثة واختُصرت.

إذا لُقحَت نسبة معينة من السكان المحليين، بخاصة كبار السن والفئات الأضعف، هل من الآمن إعادة فتح الحدود؟

من المؤكد أن الهدف الأساسي من التطعيم هو إعادة العالم إلى وضعه الطبيعي قدر الإمكان، لكنّ أمورا مجهولة كثيرة تتطلب تسريع الأمر. أوليري محقّ في ضرورة عدم تركيزنا على عدد الحالات كمقياس للنجاح، بخاصة أن اللقاحات ليست فعالة بنسبة 100% ضد العدوى.

ولا ينبغي أن نهتمّ كثيراً إذا أصبح هذا مجرد فيروس يتعرض له الناس كجزء من حياتهم الطبيعية، ما دامت اللقاحات تُبقي أي ظهور خطير للمرض تحت السيطرة، لكن علينا فعل ذلك ببطء لنتأكد أننا لا نسير دون علم نحو كارثة جديدة.

كما أنه لا يزال من السابق لأوانه إعلان الانتصار ضد الوباء وفقاً لمعدلات دخول المستشفى أو الوفيات. وينبغي الانتباه دائماً إلى أننا اكتشفنا هذا الفيروس قبل أكثر من عام بقليل، وما زلنا لا نعرف كثيراً عنه وعن كيفية تفاعله مع جهازنا المناعي.

وعلى سبيل المثال، اعتقد قليل من الناس أن المتغيرات ستتطور بأسرع ما يمكن، فقد تطور الفيروس بالفعل لنقطة أصبح فيها أكثر قابلية للانتقال وربما أكثر فتكاً، فضلاً عن أنه قد يكون قادراً على تجاوز المناعة التي توفرها اللقاحات. نحن نريد أن تنخفض معدلات الإصابة قبل إعادة فتح الحدود للسفر حتى لا نمنح الفيروس الفرصة ليصبح أصعب في إدارته.

أظهرت بيانات من دراسة أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض مؤخراً أن جرعتين من لقاح "فايزر–بيونتيك" ولقاح "موديرنا" توفران ما يصل إلى 90% من الحماية ضد العدوى، وبالتالي قد تساعدان على الحد من انتشار الوباء. هل تغيّر مثل هذه البيانات حسابات السفر؟

هذا بالفعل خبر ممتاز، ونعم، سيكون الأمر كذلك، فهذا ما نريده جميعاً. لقد رأينا قراءات مماثلة من إسرائيل والمملكة المتحدة، حيث تتشابه الفاعلية الواقعية للقاح "أسترازينيكا" إلى حد كبير مع "فايزر–بيونتيك"، لكن تذكر أن كل هذا يُقاس بعد وقت قصير جداً من الجرعة الثانية من اللقاح، عندما تكون الاستجابة المناعية عند أقصى حد لها. ومع مرور الأشهر، قد تبدأ لقاحات الحماية ضد الإصابة بالفيروس وانتشاره في التراجع، ولو كنت لا تزال أقلّ عرضة للإصابة بالمرض بنفسك. نحن فقط لا نعرف مدى سرعة حدوث ذلك وما إذا كان للمتغيرات تأثير في هذا التراجع بالمناعة.

وأظهرت ورقة بحثية نُشرت مؤخراً في دورية "ذا لانسيت" الطبية أن فاعلية لقاح "أسترازينيكا"ضد الالتهابات العرضية لمتغير كورونا المعروف باسم "B.1.1.7" الذي حُدّد لأول مرة في المملكة المتحدة انخفضت إلى 70.4%، مقارنة بـ81.5% لسلالات الفيروس الأقدم. كما شهد لقاح "نوفافاكس" انخفاضاً مماثلاً، لذا نحن بحاجة إلى أن نكون على أهبة الاستعداد حالياً وحتى نعرف مزيداً.

يعمل الاتحاد الأوروبي وبعض الكيانات الأمريكية على تطوير شهادات سفر رقمية من شأنها إظهار وضع التطعيم أو نتائج الاختبارات لمسؤولي الهجرة. ما الذي يجب إدراجه في "جوازات السفر الصحية" لجعلها فعالة في احتواء انتشار الوباء؟

هذا موضوع صعب جداً، رغم أنني أتوقع ظهور مثل هذه الشهادات بشكل أو بآخر. المشكلة أنه إذا كانت الوثائق تستند إلى حالة التطعيم، فهل يمكننا أن نعرف إلى متى تكون اللقاحات فعالة ووقائية؟ هل أحدها أفضل من الآخر؟ ماذا لو أراد شخص ما السفر إلى بلد لم يصل بعد إلى مستوى تطعيم مرتفع كفاية أو لديه ارتفاع نشط في حالات الإصابة؟

قد يكون اعتماد الشهادات على المناعة الكلية، سواء من خلال اللقاح أو لأن شخصاً ما أصيب بالفعل بالوباء، أسهل قليلاً، فهذا من شأنه إعطاء قراءة حول مدى حماية شخص ما بلا حاجة إلى القلق بشأن الجرعة التي أخذوها أو منذ متى أخذوها. لكننا ما زلنا بحاجة إلى إثبات أن مستوى الأجسام المضادة في الدم يُعتبر علامة جيدة على الحماية وتحديد المعيار الذي يجب أن تكون عليه المناعة. وأيضاً خطر الاحتيال، فأنا أعتقد أن من الضروري إمعان النظر في شهادات اللقاح لجعلها فعَّالة ومضمونة.

كيف يمكن موازنة المخاوف بشأن المتغيرات مع الإجهاد الناتج عن الإغلاق؟ هل ترى خطراً من اقتراح الرئيس التنفيذي أوليري أن يبدأ الناس-أو حتى الحكومات- التمرد؟ كانت اليونان خصوصاً صريحة بشأن رغبتها في إعادة فتح السياحة.

أعتقد أن الناس سيصطفّون للحصول على اللقاح فيما تُلقَّح عائلاتهم وأصدقاؤهم وتتلاشى مخاوفهم وأي عوائق أمامهم. وإذا كان الخضوع للتطعيم عبارة عن تذكرة ليس فقط للسفر، بل لحضور الأحداث الثقافية والرياضية المحلية، فسيكون لدى مزيد ومزيد من الأشخاص الدافع للحصول على جرعات اللقاح. علينا فقط أن نتأكد من أن الرسالة واضحة حول مخاطر ومزايا اللقاح، ويجب أن نحاول جاهدين أن لا نبالغ في تسويق فوائد اللقاح.

وينبغي أن لا يصاب أي شخص بالصدمة إذا سمع عن أشخاص تَلقَّوا اللقاح ثم ثبتت إصابتهم بالفيروس أو إحدى سلالاته أو غير ذلك، فاللقاحات توفّر درجة عالية من الحماية ضد أعراض المرض، لكن الحماية ليست بنسبة 100%، كما رأينا من التجارب السريرية.

ومع مرور الوقت وتراجع المناعة، من المحتمل أن نشهد مزيداً من الإصابات، لكن نأمل أن تكون الإصابات الخطيرة قليلة للغاية. المفتاح في هذه الحالة هو مراقبة الوضع النهائي، الذي يتمثل في انخفاض كبير في الأمراض الشديدة ودخول المستشفيات والوفيات وإثبات أن المتغيرات الوبائية تقع تحت السيطرة. لا أعتقد أننا سنشهد ذلك في الأشهر القليلة المقبلة، لكن بمجرد أن نفعل ذلك، وفقاً لتعليق أوليري، يجب أن نكون تَخلَّصنا أخيراً من عمليات الإغلاق.

متى تعتقد أن شخصاً ما من المملكة المتحدة قد يأمل بشكل معقول في زيارة أوروبا دون حجر صحي؟ وماذا عن المسافر القادم من الولايات المتحدة؟

أعتقد أن الصيف لا يزال وقتاً مبكراً للغاية للسفر غير المقيَّد، نظراً إلى جميع الشكوك التي ذكرتها مسبقاً. وقد يُستثنى أولئك الذين تلقوا اللقاح بالكامل ولديهم سبب وجيه للسفر، ويُحتمل أن يشمل ذلك حفلات الزفاف أو الجنازات أو زيارات مع أفراد العائلة المقربين. أنا أتطلع بعد ذلك إلى معرفة عدد الأقارب المقربين الذين لم أعرفهم من قبل، لأنني أعيش في الجنوب الغربي المشمس من فرنسا.

أجراه: Brooke Sutherland وSam Fazeli