لماذا لا ينبغى على العالم الاكتراث بمقترح جواز السفر الصحي؟

العالم ينتظر عودة السفر
العالم ينتظر عودة السفر المصدر: بلومبرغ
Stephen L. Carter
Stephen L. Carter

Stephen L. Carter is a Bloomberg Opinion columnist. He is a professor of law at Yale University and was a clerk to U.S. Supreme Court Justice Thurgood Marshall. His novels include “The Emperor of Ocean Park,” and his latest nonfiction book is “Invisible: The Forgotten Story of the Black Woman Lawyer Who Took Down America's Most Powerful Mobster.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تدخَّلت منظمة الصحة العالمية في الجدل حول جوازات السفر الصحية، أو وثيقة إثبات التطعيم، معلنة معارضتها لهذا الإجراء، قائلة، إنَّه لا يُعرف الكثير حول ما إذا كانت اللقاحات تمنع انتقال العدوى أم لا.

ولن تكون جوازات سفر اللقاح عادلة للبلدان الفقيرة، وذلك لأنَّ عملية التطعيم تسير ببطء، كما أنَّ الأمر قد يمثِّل تمييزاً ضد الأشخاص الذين لا يمكن تطعيمهم بهذه الطريقة.

وعلى الرغم من أنَّ مشاركتها كانت متأخرة باستمرار على صعيد فيروس كوفيد -19، لكن هذه المرة، ربما قد تكون منظمة الصحة العالمية على حق، وإن لم يكن ذلك تماماً للأسباب التي قدَّمتها.

صحيح أنَّ جوازات سفر اللقاحات سترسخ بالتأكيد عدم المساواة الناجمة عن التوزيع في المراحل الأولي للتطعيم. إذ اشترت الدول الأكثر ثراء، كما هو متوقَّع لدى أي شخص، نصيب الأسد من الجرعات المتاحة، في حين تجد الدول الأفقر صعوبة في توفيرها.

وتعدُّ المطالبة بنوع من البيانات البيومترية، كالبصمات، أو رمز الاستجابة السريعة كدليل على التطعيم كشرط للسفر الدولي إعلاناً سيئاً بالنسبة لالتزام الغرب المفترض بمبادئ المساواة.

غوريلا ضد كونغ

ومع ذلك، يمكن التغلب على ادعاء عدم المساواة إذا كانت هذه الجوازات ضرورية حقاً للانتعاش الاقتصادي، وهو ما يصرُّ عليه قطاعا السفر والضيافة، لكن هل هم محقون؟.

ربما لا، إذا ما أخذنا فيلم "غوريلا ضد كونغ " بعين الاعتبار.

بشكل جدي؛ فقد حقَّق الفيلم ما يقرب من 50 مليون دولار محلياً في عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية له، وهو رقم لم يتوقَّعه أحد في وقت كان من المفترض أن يخشى فيه الجمهور الذهاب إلى السينما.

في جميع أنحاء العالم، حقَّق فيلم يتناول قصة محاولة التصدي لـ" وحش " ما يقرب من 300 مليون دولار من الإيرادات في الأسبوع الأول من إطلاقه.

لكن ربما لا ينبغي أن نتفاجأ. إذ تتزايد الأدلة على أنَّ خوف الجمهور أقل بكثير مما كان عليه قبل بضعة أشهر. ومع إعادة فتح المطاعم، أصبح الناس يتناولون الطعام في الخارج بأعداد كبيرة. كما أنَّ مراكز التسُّوق مزدحمة، و الطلب الشعبي على عيش الحياة بحرية أخيراً يضعف من القيود التي ميَّزت الكثير من الاستجابة للجائحة.

لا أقول هذا في سياق انتقادات لمسؤولي الصحة العامة، ولكن للإشارة إلى أنَّ الأشخاص يمكنهم في كثير من الأحيان اتخاذ قرارات بأنفسهم تتعلَّق بالمخاطرة مقابل مكافأة.

دروس الماضي

صحيح ، كما يقترح الكثيرون، بأنَّ قبولنا للمخاطر قد يشكِّل مخاطر للآخرين، لكن عبء إثبات أنَّ هذه العوامل الخارجية تستحق أعباء جوازات السفر الخاصة يقع على عاتق المؤيدين للفكرة. وقد يواجهون صعوبة في إثبات صحة موقفهم.

لقد كانت اللقاحات موجودة بشكل كثير، وكان الناس يجدون صعوبة في كيفية إظهار أنَّ شخصاً ما قد تلقَّى التطعيم بالفعل. في عام 1880، وصلت رسالة إلى إحدى المجلات الطبية تشتكي من أنَّه من المستحيل معرفة ما إذا كان التطعيم ضد مرض " الجدري " ناجحاً، لأنَّ الدليل الوحيد على التطعيم هو الندبة التي خلَّفتها الجرعة، وهي ندبة قد تجعل ظهور المرض غير مرئي، ومع ذلك فقد نجا العالم.

لأكثر من قرن من الزمان؛ قبلنا كدليل على تلقيح أطفال المدارس إرسال قصاصة من الورق عليها توقيع مكتوب (إلى أولياء الأمور)، أو حتى، في وقت واحد، نجد توقيعاً من والدي الطفل لأذن كتابي بسيط.

وكثيراً ما كان المسافرون في الخارج على دراية بالشهادة الدولية الصفراء للتطعيم؛ وعادة ما يجري تعبئتها باليد دون الحصول على الجرعة. وإذا كان إثبات التطعيم مهماً، فلماذا نحتاج الآن إلى رمز الاستجابة السريع المقترح؟

شيوع التزوير

نعم، يبدو من السهل تزوير البطاقات الصغيرة المعتمدة من مركز السيطرة على الأمراض (CDC) التي تظهر أنَّ الشخص تلقَّى لقاحاً مضاداً لفيروس كوفيد -19. أو حتى تعرَّضت البطاقة للسرقة، ففي الموقع الذي تلقيت فيه أنا وزوجتي جرعتينا، لاحظت وجود حزمة من البطاقات الجديدة لا تحمل بيانات على رفٍّ غير محمي بالقرب من المخرج الخلفي.

لكنَّ حقيقة إمكانية تزوير أو سرقة البطاقات لا تثبت وجود شيوع لعملية التزوير أو السرقة بطريقة وبائية. أشعر هنا بالطريقة نفسها التي أفعلها حيال قوانين تحديد هوية الناخب، فقبل أن نسير أكثر على الطريق نحو مجتمع نثبت فيه باستمرار هوياتنا، يجب أن يكون المؤيدون على الأقل قادرين على إظهار شيء أكثر من مجرد أدلة سردية تتعلَّق بمشكلة موجودة فعلياً.

وعلى الرغم من أنَّنا نجونا لأكثر من قرن بأدلة بسيطة نسبياً على التطعيم ضد مجموعة متنوعة من الفيروسات الخطيرة، إلا أنَّني لم أتمكَّن من العثور على حالة واحدة جرى الإبلاغ عنها تتعلَّق بتزويرها.

صحيح أنَّه في الأزمة الحالية، قد جرى عرض شهادات مزيفة للبيع على شبكة الإنترنت المظلمة مقابل 250 دولاراً أو أكثر، لكنَّنا لا نعرف عدد المستفيدين، ومن الصعب تخيل أنَّه مهما كان حجم الطلب الذي يلبونه أنه سيستمر في ظلِّ الانتشار الواسع للقاح نفسه، وهو مجاني.

وهذا بدوره يشير إلى أنَّ توزيع المزيد من الجرعات على مستوى العالم (تقدَّر تكلفتها في جميع أنحاء العالم بـ 27 مليار دولار، بالكاد تشكِّل قطرة بالنسبة لنفقات الولايات المتحدة هذه الأيام)، هو أرخص وأسهل طريقة لمنع أيِّ تزوير محتمل. وسيكون لذلك فائدة كبيرة تتمثَّل في مساعدة البلدان الفقيرة على هزيمة الوباء.

كان هناك العديد من الملاحقات القضائية بتهمة تزوير المستندات اللازمة للحصول على التطعيم؛ والعديد من الآخرين بسبب الادعاء الكاذب بأنَّ مادة ما كانت لقاحاً مضاداً للفيروس، في حين لم تكن كذلك. أما بالنسبة للادعاءات الكاذبة بالتطعيم، فإنَّ أقرب حالة وجدتها كانت متعلِّقة بكوليرا الخنازير(معروفة باسم حمى الخنازير الكلاسيكية)، ولكن حتى الحالات التي جرى فيها تطعيم الحيوانات بالفعل؛ كان الاتهام الكاذب يدعي أنَّهم لم يمرضوا قبل تطعيمهم.