مهارات القيادة لم تعد قاصرة على أصحاب المناصب العليا

رسم تعبير من يان باستارد لبلومبرغ بيزنس ويك.
رسم تعبير من يان باستارد لبلومبرغ بيزنس ويك. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يحتاج المديرون إلى رؤى جديدة فيما يتعلق بتشجع موظفيهم على العمل، حتى تكون الشركات أكثر استعداداً لمواجهة عالم مهني جديد فرضته الجائحة. فالقادة لم يعد بإمكانهم الاعتماد على التقاء الموظفين بالصدفة لتعزيز الإبداع لديهم وتنمية مهارات العمل، خاصة وأن العمل أصبح بشكل روتيني يتم من المنزل وزيارة المكاتب باتت أقل بكثير.

ويكمن أحد الحلول لتطوير الأداء، في أسلوب تدريب القيادة يعتمد على الحديث، إذ يقول أنصار هذا النوع من التدريبات إنه قادر على تكوين شخصية قادرة على حل المسائل الشائكة في العمل.

ولطالما كان التدريب على القيادة حكراً على الإدارة العليا، ولكن حان الوقت لإتاحته أمام أصحاب المناصب الإدارية الأقل بحسب ما يراه المدربين والقائمين على أنشطة تنمية مهارات القيادة.

تقول فيليبا توماس، مقدمة الأخبار في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وتعمل أيضاً كمدربة تنمية مهارات القيادة: "المؤسسات تأثرت سلباً في الآونة الأخيرة، ويمكن أن يفقد الأشخاص الثقة في فهم ما تمر به فرق العمل أو كيفية قيادتها". وشاركت توماس في دراسة أكاديمية محكمة حول التدريب على القيادة والعمل عن بعد مع باحثين من جامعة شرق لندن.

وقدمت الدراسة، التي نُشرت في 11 مارس في مجلة التدريب (journal Coaching)، عرضاً تدريبياً لموظفين في أحد شركات الخدمات المالية البريطانية حول علم النفس الإيجابي، الذي يركز على تحسين الأداء ومواطن القوة. ووجد معدي الدراسة أن المشاركين بالتدريب تغلبو على القلق بشأن كيفية جعل أصواتهم مسموعة والتحدث بشكل صريح عن قيادتهم وأدائهم.

وتقول توماس: "التدريب على القيادة يمنح الأشخاص مساحة واسعة من القدرة على إصدار الأحكام، كما أنه يساعد في تحديد المهارات الجديدة التي قد يحتاجونها وتلك التي يمتلكونها بالفعل".

طريقة التدريب على مهارات القيادة

غالباً ما يتجاوز التدريب على القيادة غيره من أنواع التدريبات السهلة، لأنه عادة ما يقوم على محادثة فردية تهدف إلى المساعدة على التعامل مع موقف محدد أو إيجاد حل له. ويمكن أن يتراوح هذا النوع من التدريبات بين التركيز على المهارات إلى نهج ديناميكي نفسي يشبه إلى حد كبير العلاج النفسي.

وكثيراً ما يتردد قدامى القادة، الذين يتبعون نهج "القيادة والسيطرة"، في تبني الفكرة لأن الأمر قد يستغرق وقتاً طويلاً لتحقيق النتائج المرجوة، وقد يصعب أيضاً قياس تلك النتائج.

ورغم أن الدراسة الجامعية تسلط الضوء على فوائد تدريبات القيادة للعاملين عن بُعد، فإن أعداداً متزايدة من الشركات الكبرى في بريطانيا تتبنى هذه الفكرة باعتبارها مجالاً لتحسين التعاون والإنتاجية حتى ولم تعتمد نظام العمل عن بعد.

وتتعاون توماس وأقرانها مع شركات كبرى أخرى، مثل "غلاكسو سميثكلاين"و "جون لويس بارتنر شيب"، التي تلتزم بتدريبات القيادة.

ويشير التحاق الأمير هاري مؤخرًا بشركة لتدريبات القيادة والتفكير السليم "بيتر أب" (BetterUp) إلى التيار السائد المتنامي بهذا المجال في الولايات المتحدة أيضاً.

وتخصص العديد من الشركات الكبرى ميزانية لتدريب كبار القادة، كما أن بعض الشركات الأصغر حجماً قد تكون قادرة على تدريب موظفيها بالكامل، لكن هذا الأمر قد يكون عبئاً على ميزانية معظم الشركات.

ووفقاً لهذا، أوصى كوستاس ماركيدس، أستاذ القيادة الاستراتيجية وريادة الأعمال في كلية لندن للأعمال، بتوزيع كبار المديرين المتمرسين في مجال القيادة لتقديم دورات للموظفين أو تقديمها على الأقل لفرق العمل ذات الطبيعة المهنية الخاصة التي تحتاج لتلك المهارة.

ويقول ماركيدس: "في العادة، لا يقضي القادة الداخليون الوقت لاكتشاف الخلافات الداخلية وفهمها، لكن هناك عنصر مفيد للتحدث بهذا الشأن، وهو المدربين الذين ييسرون الأمور".

تحديد الهدف من التدريب

وعلى المديرين المتعطشين لتعزيز الإنتاجية في عام 2021 أن يكون لديهم أهداف واضحة من تدريبات الموظفين على القيادة، وذلك حسبما قالت بينيلوبي جونز، مؤسسة برامج التدريب العملي (My So-Called Career). وتقول: "ذلك الأمر يضع العبء على عاتق الأفراد لحل المشكلة". كما أنها قارنت برنامج التدريب الذي لا يعالج القضايا الأساسية بما تسميه "يوغا الشركات" (corporate yoga).

وتقول جونز: "مكسب قادة الأعمال في هذه المرحلة يكمن في الاستماع بنشاط وتيسير المحادثات الهادفة، لذا عندما يعيدون بناء الشخصية لتكون قيادية، فإنهم يعيدون البناء بصورة مقصودة".

ويمكن أن يكون قرار تدريب العاملين قراراً صعباً لأنه يجبر المشاركين على تسليم سلعة ثمينة في مكان العمل- وهي الوقت- دون التفاؤل بنتائج قابلة للقياس بسهولة، لكن أنصار الفكرة يقولون إن الفوائد تصبح واضحة على المدى الطويل.

وبالنسبة للمدربة توماس، فإن نشر الدراسة التي أعدتها وأقرانها حول قيمة تدريب العاملين عن بُعد يعد خطوة أساسية نحو إثبات أهمية مثل هذه الممارسة.

وتقول: "غالباً ما تكون هناك شكوك بشأن تكلفة التدريب، لكن إذا كنت تبحث في قضايا العمل الجماعي الفعال، والتعاون الذي يساهم في ظهور تفكير جديد ويسمح للقائمين على العمل بإبداء آرائهم وأن يكونوا أكثر مرونة، فإن سؤالي لن يدور حول ما إذا كنت تستطيع فعل ذلك، لكن هل يمكنك تحمل عواقب عدم المخاطرة؟".