وول ستريت للجميع.. كيف يقاوم حشد العملات المشفرة في الهند؟

عملات رقمية
عملات رقمية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أخيراً حصلت صناعة سلاسل الكتل "بلوكتشين" المحاصرة في الهند على بعض الدعم القوي لضمان بقائها، مع وجود مبشر مؤثر في الصناعة يستحضر رؤية مليار هاتف ذكي جميعها تعمل كبوابات نحو عالم جديد وشجاع للتمويل اللامركزي.

وحول ذلك، كتب في مدونة المستثمر الملاك بالاجي سرينيفاسان، وهو كبير مسؤولي التكنولوجيا سابقاً في "كوين بيس"، وهي أكبر بورصة عملات مشفرة في الولايات المتحدة على وشك طرحها للاكتتاب العام، إنه: "يمكننا تحويل كل هاتف ليس فقط إلى حساب مصرفي ولكن إلى شيء ذو نية حسنة يشبه بلومبيرغ تيرمينال".

وبالفعل ظهرت الخدمات المصرفية التي تتم عبر الهاتف المحمول كوسيلة لإنهاء الاستبعاد المالي، وهي مشكلة مزمنة في جميع الأسواق الناشئة. ففي الهند، تجرى الآن مدفوعات بقيمة 60 مليار دولار تقريباً كل شهر عبر الأجهزة اللاسلكية، أي أكثر بثلاثة أخماس عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي. بينما قبل عام، كانت السيولة متقدمة 37%. وفي ظل هذا المعدل من التبني الرقمي، قد تتلاشى قريباً تلك الريادة التي تتمتع بها الشيكات.

ولكن نظراً لأن الهند حققت أداءً جيداً للغاية في مجال المدفوعات عبر الهاتف المحمول، فقد طورت البيروقراطية مقاومة شديدة للأفكار الجديدة. إذ يساء فهم الـ"بتكوين" والعملات المشفرة الأخرى على أنها أدوات لغسيل الأموال لا تقدم أي فوائد حقيقية.

المحفظة الرقمية

ويمكن القول، إن صناعة "بلوكتشين" الناشئة في الهند - التي نجت من محاولة اغتيال في عام 2018 - تنمو في وسط الخوف. لكن وفقاً لتقارير وسائل الإعلام، قد يحظر قانون جديد جميع التمثيلات الرمزية للأموال - ما لم تكن النقد الإلكتروني للبنك المركزي.

وهكذا جاءت دعوة سرينيفاسان في وقت حرج. ستنتهي المحفظة الرقمية التي يمكنها التعامل مع كل من النقود الإلكترونية والعملات المشفرة الصادرة عن البنك المركزي "بإعطاء كل هندي القدرة على إجراء المعاملات المحلية والدولية ذات التعقيد التعسفي، وجذب رأس المال المشفر من جميع أنحاء العالم، وتخطي النظام المالي للقرن العشرين بشكل تام" كما قال في تدوينته.

ويذكر أن سرينيفاسان كان في السابق محاضراً في جامعة "ستانفورد" في قسم البيولوجيا الحاسوبية والإحصاء وهو أحد مؤسسي شركة ناشئة في علم الجينوم، وهو إنسان معروف في مجال العقود الذكية سريع النمو. وتعمل سطور الرموز المشفرة هذه على سلاسل كتل "إيثيريوم"، ويمكن أن تحل محل الاتفاقيات الورقية، وحسابات من يدين لمن وبماذا، وإنفاذ الاستحقاقات عبر المحاكم. إنها في أيامها الأولى، ولكن إذا استطاعت الارتقاء إلى مستوى الضجيج التي يحيط بها، فإن العقود الذكية يمكن أن تقلب التمويل التقليدي.

ويقترح سرينيفاسان وضع هذه القدرة الحديثة في متناول مستخدمي الإنترنت في الهند، الذين سيقترب عددهم من أن يتخطى حاجز المليار بحلول عام 2023. والأكثر من ذلك، فإن "آي سبيريت" (iSPIRT)، وهي مؤسسة فكرية ابتكرت الكثير فيما يتعلق بالهوية الرقمية وهندسة المدفوعات في الهند، قد وضعت ثقلها وراء فكرة سرينيفاسان، والتي تقول إنها يمكن أن تساعد في سد فجوة تمويلية بقيمة 250 مليار دولار للشركات الصغيرة والمتوسطة.

وفي هذا السياق، كتب باحثو مركز الأبحاث هذا الذي يتخذ من بنغالور مقراً له في ورقة مصاحبة لمقال سرينيفاسان: "إن الشركات الجديرة بالتقدير التي لا تمتلك ملفات تعريف وطنية غير قادرة على الوصول إلى رأس المال الذي تحتاجه".

الرسالة واضحة إذاً. تلتقط صناعة التكنولوجيا الهراوات نيابة عن رواد أعمال "بلوكتشين"، إذ قام ناندان نايلكاني، أحد مؤسسي شركة "إنفوسيس المحدودة"تصدير البرمجيات ومهندس برنامج التعريف العالمي في الهند، بتضخيم حالة "آي سبيريت" في تغريدة له.

كيف تصبح الهند اقتصاداً بقيمة 5 تريليونات دولار؟ سنحتاج إلى سد فجوة التمويل البالغة 250 مليار دولار للشركات الصغيرة في الهند من خلال جذب رؤوس الأموال العالمية التي تتحمل المخاطر - بحسب تفاصيل (iSPIRT) قد يكون اقتصاد التشفير سريع النمو أحد الطرق الرئيسية

ويتعين على الحجج المقدمة أن تعطي صانعي السياسة وقفة، قبل أن يفرضوا نوعاً من الحظر غير العملي والمستحيل على العملات المشفرة. فلقد تبنى جيل الألفية بالفعل الرموز المميزة، ومؤخراً غدت الهند تقدم حجماً أكبر مما تقدمه الصين على منصات الند للند الشهيرة لنقل "بتكوين" والأصول الرقمية الأخرى.

ومما لا شك فيه أن البيروقراطية ستتراجع، ومن المرجح أن يرى بنك الاحتياطي الهندي، الذي حاول في عام 2018 قطع روابط صناعة الأصول الرقمية بالحسابات المصرفية المحلية، في مقترحات سرينيفاسان للوصول الديمقراطي إلى التمويل الدولي نهاية لضوابط رأس المال. (حتى الطلاب، كما يقول، يجب أن يُسمح لهم بإصدار الرموز الشخصية، مما يضمن قيمة وقتهم في المستقبل). وقد يتعين على السياسة النقدية عندئذٍ التخلي عن محاولة إدارة سعر الصرف تماماً.

الانتكاسات الكبيرة

ولربما ستقترح السلطات حلاً وسطاً: التجريب عبر القيام بخطوات صغيرة. سيكون ذلك لا بأس به، مع الأخذ في الاعتبار أن صناعة التمويل اللامركزية المتواضعة البالغة 50 مليار دولار سوف تحتاج إلى وقت لكي تنضج. فكما أظهر الإخفاق الذريع لشركة "غرينسيل كابيتال"، فإن الابتكارات الواعدة في التمويل التقليدي الخاضع للإشراف عن كثب، مثل تمويل سلسلة التوريد، لا تخلو من الانتكاسات الكبيرة.

وكحد أدنى، يقدم التمويل اللامركزي خياراً ثالثاً، فالبنوك التقليدية بطيئة ومكلفة، في حين أن التمويل من قبل شركات التجارة الإلكترونية الكبيرة قد يكون مهيمناً للغاية. وحول ذلك يقول باري إيتشنغرين، الخبير الاقتصادي في "جامعة كاليفورنيا": "يمكن لشركات التكنولوجيا الكبرى استخدام منصاتها لتوليد كميات كبيرة من بيانات العملاء، وتوظيفها في تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم، وتحديد القروض عالية الجودة بكفاءة أكبر من المنافسين الذين يفتقرون إلى نفس تلك المعلومات".

ومن الجدير بالذكر أن الصين تعمل على كبح جماح عمالقة التكنولوجيا، وقد تطلق عملتها الرقمية الرسمية (e-CNY)، العام المقبل. وفي الوقت نفسه، لا تزال الهند تناقش ما إذا كان بإمكانها استخدام تقنية "بلوكتشين" في المشاريع الاجتماعية مثل تسجيل الأراضي مع منع الرموز المميزة من التداول كأموال. ومع وجود مؤيدين مثل سرينيفاسان ونيلكاني، نأمل أن يصبح الحوار أكثر واقعية.