ماذا يعني اندماج أكبر شركتين للسكك الحديدية في أمريكا الشمالية؟

الاندماج من المرجح أن يكون الأكبر من نوعه بين اثنتين من أكبر شركات سكك الحديد في أمريكا الشمالية
الاندماج من المرجح أن يكون الأكبر من نوعه بين اثنتين من أكبر شركات سكك الحديد في أمريكا الشمالية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وجدت شركة "كنديان باسيفيك ريل واي" أخيراً هدفها المناسب لتحقيق رؤيتها في إدماج خطوط سكك الحديد، إذ وافقت الشركة في مارس الماضي على شراء شركة "كانساس سيتي ساوثرن"مقابل 275 دولاراً أمريكياً للسهم، أو نحو 29 مليار دولار أمريكي شاملة الديون. وإذا اكتملت الصفقة بالفعل كما هو معلن، فهذا الاندماج من المرجح أن يكون الأكبر من نوعه بين اثنتين من أكبر شركات سكك الحديد في أمريكا الشمالية، بل وأول صفقة ناجحة منذ تسعينيات القرن الماضي.

المحاولات غير الناجحة لشركة "كنديان باسيفيك" في الأعوام الأخيرة أولاً لشراء شركة "سي إس إكس" ثم شركة "نورفولك ساوثرن"، يوضّح سبب أن اكتمال صفقة شراء شركة "كانساس سيتي ساوثرن" تحوم حوله بعض الشكوك بشأن إبرام الصفقة نهائياً. غير أنه من بين كل عمليات اندماج خطوط سكك الحديد الممكنة، تُعتبر هذه الصفقة أكثرها منطقية من الناحية الاستراتيجية والأكثر ترجيحاً من حيث تلقّيها الاعتماد من السلطات التنظيمية المسؤولة.

شبكة مترابطة

وتجدر الإشارة إلى أن خطوط السكك الحديدية المُدمَجة ستشكّل "شبكة مترابطة" تمتد من خطوط سكك حديد "كانساس سيتي ساوثرن" مترامية الأطراف داخل المكسيك، مروراً بالغرب الأوسط الأمريكي، وبطول الحدّ الكندي من المحيط الهادئ إلى الأطلنطي. وهذه فرصة متاحة لتعزيز العلاقات من خلال تمرير اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، التي أُعيدَ التفاوض بشأنها مؤخراً، بالإضافة إلى مواجهة تحديات نقل السلع والبضائع التي تعقدت بسبب الوباء العالمي، فهذه الصفقة ستعزّز الهدف المرجوّ من تصنيع المنتجات بالقرب من البلاد، مما سيوفّر بدوره فرصاً جديدة لتحقيق الإيرادات لشبكة سكك الحديد الوحيدة القادرة على نقل وشحن السلع والبضائع بسهولة بين الدول الثلاث. علاوة على ذلك، فالميزات والتسهيلات التي تقدّمها هذه الخطوط الحديدية المدمجة من المرجح أن تساعد أيضاً على حثّ شركات الشحن على الابتعاد عن النقل بالشاحنات الذي يتسبب في انبعاث ملوثات أكثر بكثير للصناعة ككل.

لا تعقيدات بين خطوط سكك الحديد، مما يعني أن العملاء سيحصلون على خيارات متاحة لهم من هذا الإدماج. وتجدر الإشارة إلى أنه عندما سعت شركة "كنديان باسيفيك" لشراء شركة "نورفولك ساوثرن"، واجهت ضغوطاً شديدة من جهات الشحن، متضمنة شركة "فيديكس" ومجموعات تجارية لصناعة السيارات، إذ أثارت قلقها بشأن ارتفاع الأسعار وانخفاض الخدمات. ورغم المعارضة السابقة من جهات رئيسية محددة لمحاولات الإدماج السابقة وتشكيكها فيها، فأكثر من 300 كيان، بما في ذلك شركة "كوناجرا براندز" وشركة "كرافت هينز"، كتبوا توصيات لمجلس النقل السطحي لدعم وتمرير هذه الصفقة.

الأصغر من حيث الإيرادات

حتى إنه بعد اكتمال الصفقة من المرجح أن يكون الاندماج بين "كنديان باسيفيك" و"كانساس سيتي ساوثرن" هو الصفقة الصغرى بين شركات السكك الحديدية الكبرى في أمريكا الشمالية من حيث الإيرادات. ونظراً إلى صغر حجم شركة "كانساس سيتي ساوثرن"، فقد منحتها السلطات التنظيمية الرسمية إعفاءً من قوانين تعد أكثر صعوبة اعتُمدت في 2001، تُلزِم شركات سكك الحديد إثبات أن عمليات الإدماج تخدم الصالح العامّ. إلا أن شركاتٍ منافسةً وبعض مجموعات الشحن الكبيرة طالبوا برفض هذا الإعفاء، مبررين بأن حجم صفقة الإدماج ونموّ أعمال شركة "كانساس سيتي ساوثرن" في العقدين الماضيين يستلزمان الفحص والتدقيق بمزيد من التفصيل.

من جانبهم، يقول المسؤولون التنفيذيون بشركتَي "كنديان باسيفيك" و"كانساس سيتي ساوثرن" إن الصفقة تقدم ميزات للعملاء فضلاً عن مراعاة حماية البيئة، ووجهة نظرهم معقولة، وإن الصفقة لا تخالف أيًّا من معايير الصالح العام الأكثر صرامة. كما أن أي محاولة لإبرام صفقة إدماج أخرى بين خطوط سكك حديدية كبرى في أمريكا الشمالية من المرجح أنها ستثير جدالاً أكثر حدة. ورغم أنه لا يمكننا أبداً استبعاد إبرام أي صفقات أخرى، فبلا إعادة تفكير من منظور عامّ في المتطلبات التنظيمية، قد تكون هذه الصفقة آخر صفقة إدماج كبرى بين شركات السكك الحديدية.