لندن أمام اختبار جديد لطرح شركة تكنولوجيا قد ينسيها كارثة "ديلفرو"

عامل توصيل طلبات تابع لشركة ديلفرو
عامل توصيل طلبات تابع لشركة ديلفرو المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشهد لندن مؤخراً اختباراً حقيقياً لشهيتها تجاه أسهم شركات التكنولوجيا غير الرابحة، ولكن ذات إمكانات النمو العالية، ويستوفي الطرح الأولي قيد الإعداد لشركة الأمن السيبراني الناشئة "دارك تريس" (Darktrace Plc) العديد من المعايير التي لم يستوفيها الطرح المبالغ فيه لـ"ديلفرو هولدينغز"، ولكن المستثمرين لا يزال يطلب منهم غض الطرف عن مشكلات لم تكن على الأرجح لتشكل مصدر قلق في الولايات المتحدة.

وجعلت تجربة "ديلفرو" من الصعب قياس حماسة المستثمرين تجاه شركات النمو، وامتنعوا عن شراء أسهم الفئة المزدوجة، التي أعطت المدير التنفيذي، ويل شو، السيطرة على شركة توصيل الطعام، وأداروا ظهورهم لاعتماد الشركة على عمال الوظائف المؤقتة منخفضة الأجور، وكان طرحها في السوق بمثابة كارثة ويواصل السهم التداول دون سعر الإدراج بنسبة 30%.

وعلى النقيض، تعد "دارك تريس" شركة خاسرة ولكنها سريعة النمو وذات أعمال برمجيات عالية الهوامش الإجمالية وستلتزم بالتفضيلات التنظيمية في بريطانيا وهي إعطاء كل سهم صوت واحد، كما سلطت مجموعة الهجمات السيبرانية رفيعة المستوى في الآونة الأخيرة الضوء على أهمية أنظمة الأمن السيبراني الجيدة.

وتحاكي الشركة الواقعة في كامبريدج بإنجلترا نهج الشركات الرائدة التي تقدم البرمجيات كخدمة مثل "سيلزفورس دوت كوم إنك"، وتنفق بشدة على المبيعات والتسويق لتعزيز التبني المبكر لمنتجاتها التي في حالة "دارك تريس" تستخدم فرعا من الذكاء الاصطناعي يسمى تعلم الآلات لتحديد الهجمات على شبكات العملاء.

التسويق الجيد

وأنفق المدير التنفيذي، بوبي غوستافسون، 82% من الإيرادات على المبيعات والتسويق العام الماضي - ولا تصدر أي مجلة أعمال لامعة هذه الأيام بدون إعلان "دارك تريس"- ويزيد عدد العاملون في قسم المبيعات خمسة أضعاف عما توظف الشركة في قسم البحث والتطوير.

ويقول بعض المخضرمين في مجال التمويل إن غوستافسون قد يواجه صعوبة في إقناع المستثمرين بأن نموذجه، المجرب والمختبر في الولايات المتحدة، سيسفر عن نتائج، ورغم الإنفاق الكبير على المبيعات فإن وتيرة النمو تباطأت العام الماضي، ولا يزال نمو الإيرادات بنسبة 45% إلى 199 مليون دولار يمثل قفزة هائلة، ولكن في العام الذي يسبقه بلغت نسبة النمو 73%، وفي نفس الوقت، تتباهى الشركة بأن سوقها المستهدفة قيمتها 40 مليار دولار.

ويمكن مقارنة أدائها مع نظيرتها الأفضل في فئتها "كراود سترايك هولدينغز إنك" (Crowdstrike Holdings Inc)، والتي أنفقت أيضا ما متوسطه 75% من الإيرادات على التسويق في الثلاثة سنوات السابقة لطرحها الأولي للجمهور، ولكن الشركة الواقعة في كاليفورنيا ضاعفت مبيعاتها كل عام، ومنذ ذلك الحين حافظت على نفس مسار النمو.

وربما يعود تباطؤ النمو في "دارك تريس" إلى الوباء بالنظر إلى أن فرق التسويق تعتمد بشدة على العروض التقديمية وجها لوجه مع العملاء وعلى الأحداث التجارية لبيع برمجياتها، ومع ذلك، قد يشير التباطؤ إلى مشكلات في المنتج نفسه، فالشركة تنفق مبلغ قليل بشكل ملحوظ على البحث والتطوير، وتشكل ميزانيتها 12 مليون دولار العام الماضي 6% فقط من الإيرادات، ورغم أن غوستافسون يخطط لزيادة مخصصات البحث إلى ما يتراوح بين 10% و13% من المبيعات، فلا يزال ذلك أقل من الـ25% التي تنفقها عادة شركات الأمن السيبراني النظيرة على الابتكار.

منافسة القطاع

وتجادل "دارك تريس" أن تكاليفها أقل لأن منتجاتها تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأن فرق أبحاثها واقعة في كامبريدج حيث التكاليف أقل من سيليكون فالي، ومع ذلك يجب على فريق منتجها الأساسي - الذي يقوده ديف بالمر، الذي عمل في السابق في وكالات الاستخبارات البريطانية "إم آي 5" (MI5)، و"جي سي إتش كيو" (GCHQ) - أن يتوسع سريعا ويضيف خاصيات تسمح له بالمنافسة، وهناك بالفعل العديد من المنافسين فيما يعرف بسوق تحليل الشبكات ووضع الرؤية مثل "فيكترا إيه آي" (Vectra AI Inc)، وشبكات "لاست لاين" (Lastline)، و"فاير آي" (FireEye) و"اكستراهوب" (ExtraHop) الخاصة بشركة "في إم وير إنك" ( VMWare Inc)، وشركة "سيسكو سيستمز إنك"، وفقا للمحلل في شركة "فوريستر"، بول ماكاي. ومن المفترض أن يقدم الأداء المالي للشركة في الربع الأول بعض المؤشرات المفيدة عن الأداء.

كانت الهجمات السيبرانية على الحكومة الأمريكية في الآونة الأخير عززت الحاجة لأمن سيراني أفضل وقد تقدم مثل هذه الظروف دعماً للأرباح.

وعلى عكس "ديلفرو"، يبدو أن "دارك تريس" وعلى نحو صحيح تتخذ نهجا حذرا تجاه تقييمها، وتتراوح القيمة السوقية المطروحة ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار وهو ما سيمثل 18 مضاعف إيرادات في المتوسط، وهو ما يقل عن الأسهم المدرجة في نيويورك والتي تظهر إمكانات نمو مشابهة ولكن تنفق بقدر أقل على التسويق، وتقيم "كراود سترايك" على سبيل المثال بمضاعف 53 مرة.

وعلاوة على ذلك، هناك مخاوف بشأن روابط "دارك تريس" مع مؤسس شركة "أوتونومي كورب" (Autonomy Corp)، مايك لينش، والذي يقاوم الترحيل إلى الولايات المتحدة بسبب مزاعم احتيال، وتقول "دارك تريس" إنه لم يعد يلعب أي دور فعال في الشركة، ولكن لينش مستثمر مبكر ويملك حصة نسبتها 19% مع زوجته، وكانت المشكلات القانونية لتشكل مخاطر أكبر إذا كان الطرح في نيويورك.

وتشتكي شركات التكنولوجيا عادة من تجنب المستثمرين في لندن للأسهم ذات النمو المرتفع ولكنها تتكبد خسائر، ولكن "دارك تريس" هي مرشحة أكثر مصداقية من "ديلفرو"، وإذا تراجعت أيضا، فإن التداعيات ستكون أكثر حدة على جهود لندن لجذب طروحات شركات التكنولوجيا الهامة.