لا داعي لاستخدام العضلات.. الذكاء الاصطناعي سيُحصِّل الديون

تطبيق إلكتروني في الهند يساعد المزارعين على سداد الديون في مواعيدها ويتبنأ بسلوكهم عبر استخدام البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي
تطبيق إلكتروني في الهند يساعد المزارعين على سداد الديون في مواعيدها ويتبنأ بسلوكهم عبر استخدام البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي المصدر: غيتي إيمجز
Andy Mukherjee
Andy Mukherjee

Andy Mukherjee is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies and financial services. He previously was a columnist for Reuters Breakingviews. He has also worked for the Straits Times, ET NOW and Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد لا يكون لإصدار 2021 الجديد من فيلم "غيت شورتي" (Get Shorty) فائدة كبيرة لشخصية "جون ترافولتا" رجل العصابات في ميامي، فقد تؤول مهمة محصِّل الديون إلى الروبوت.

يمكنك اختبار هذه الفرضية في مكان غير محتمل لطرح تقنية جديدة؛ إنَّه الريف الهندي، فربما لا يكون الوضع غريباً كما يبدو، إذ لا يسدد حوالي 5% إلى 10% من المزارعين في البلاد قروض الجرارات في الوقت المحدد.

وتتراوح تفسيرات التأخير من المحاصيل السيئة، إلى حالات الطوارئ الطبية، والتخلُّف عن السداد، تحسُّباً لإعفاءات الديون التي تفرضها الدولة، وهي سمة منتظمة للاقتصاد السياسي.

لكنَّ التأخر في السداد غالباً ما ينبع من أسباب دنيوية، وينسى المقترضون تواريخ الاستحقاق، أو يفشلون في سحب النقود لدفع الأموال للمموِّلين غير المصرفيين الذين يقدِّمون الجزء الأكبر من القروض لشراء المعدات الزراعية.

وكما هو الحال في معظم الأسواق الناشئة، تشكِّل حواجز الخطوة الأخيرة تحدِّياً معقَّداً بشكل محبط لدائني الهند. كما أنَّها تزيد من علاوة المخاطر الإجمالية للسُلف الريفية.

ازدهار خدمات الدفع الرقمي

تغيَّرت ثلاثة أشياء في الآونة الأخيرة. أولاً، نَشرت أسعار خدمة البيانات الأرخص في العالم الهواتف الذكية في كل مكان. ثانياً، شهدت الدفعة القوية من أجل الشمول المالي فتح أكثر من 400 مليون حساب توفير في السنوات السبع الماضية.

أخيراً، أصبحت البنوك الآن على شبكة دفع عبر الهاتف المحمول على مستوى الدولة تتسم بالسرعة، والملاءمة، وتدعم تطبيقات مثل "غوغل باي" (Google Pay)، و"فون بي" (PhonePe) التابع لشركة "ولمارت" (Walmart)، حتى أنَّ "غوغل" أوصت الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للنظر في تكرار هذه التجربة بالولايات المتحدة.

وبرغم المساعدة التي توفِّرها التكنولوجيا، لا يزال تحصيل الديون صعباً في القرى، بسبب حواجز اللغة، والتعليم، والاستخدام النقدي الراسخ.

ببساطة لا يعرف المزارعون كيفية استخدام الأدوات الرقمية الجديدة. أو قد يفوتهم الموعد النهائي للسداد بسبب عدم تطابقه مع موعد التدفق النقدي.

وعندما يستجيب الدائنون بتسليم المقترضين إلى وكلاء تحصيل تابعين لجهة خارجية، تظهر الفضائح.

إنَّها مشكلة عالمية. ففي إندونيسيا، أدَّت وفاة رجل أعمال صغير يعاني من ضائقة مالية في جاكرتا عام 2011 بعد مضايقات مزعومة من قبل محصِّلي الديون إلى حظر شركة "سيتي غروب" لمدَّة عامين من الحصول على عملاء بطاقات ائتمان جدد في البلاد. حتى عندما لا تصل الأمور إلى مثل هذا المستوى، فعادة ما يتبعها سوء العلاقات مع توتُّرها.

يقول سوميت سريفاستافا، كبير المديرين التنفيذيين لشركة ناشئة عمرها خمس سنوات تهدف إلى تعزيز التحصيل دون اتصال بشري: "إنَّ أفضل طريقة ليخسر بها البنك أو المؤسسة المالية عميلاً، هي تفويض وكالة تحصيل بالحساب. يمكنك القيام بالتحصيل بدون محصِّلين".

"كيسان باي"

قبل إنشاء "سبوكتو سولوشنز"، ومقرُّها مومباي، عمل "سريفاستافا"، في شركتي "جنرال إلكتريك" و"مونسانتو" (Monsanto) عملاق البذور والكيماويات الزراعية التي استحوذت عليها شركة "باير" (Bayer) لاحقاً.

إنَّ "كيسان باي" (Kisan Pay) -وهي المرادف الهندي لكلمة المزارع يدفع- ليس تطبيقاً، ولكنَّها مكالمة صوتية آلية، تتيح للمزارعين اختيار متى يمكنهم سداد القروض، وكيف؟.

تقوم الاختيارات بتشغيل رسائل نصية مع روابط الدفع عبر الإنترنت. ويبقى الروبوت على المكالمة لمساعدة المقترضين على التنقل في العالم غير المألوف لتحويل الأموال عبر الإنترنت.

يبدو الأمر بسيطاً إلى حدٍّ ما، إلى أن تفكر في أنَّه في بلدٍ كبير متعدد اللغات مثل الهند، مع أكثر من 146 مليون حيازة من الأراضي التشغيلية، يجب تقديم الخدمة بأكثر من 100 لهجة.

وتعمل "سبوكتو" على 1.2 تريليون روبية (16 مليار دولار) من محافظ القروض الموزعة على بعض أكبر البنوك الهندية، والمموِّلين غير البنكيين.

ويصل معدَّل استردادها في الحالات التي يتخلَّف فيها المقترضون عن قسط واحد إلى 85%، مقارنة بـ 70% للقنوات التقليدية. يقول "سريفاستافا"، إنَّ التوفير في التكلفة بالنسبة للدائنين يتراوح بين 30%، و 40%.

تأتي القيمة بالنسبة للمقرضين من الأدلة السلوكية التي تلتقطها "سبوكتو" في عملية حثِّ العملاء على الدفع في الوقت المحدد.

من خلال تدريب خوارزمياته على استخراج البيانات، يستطيع "سريفاستافا" التنبؤ بأيٍّ من العملاء، وعلى الأرجح، سيستأنف الدفع بعد تفويت عدَّة أقساط، ومن هو العميل الذي من المحتمل أن يتخلَّف عن السداد.

إنَّ تحويل مجموعة أصغر بكثير من القروض المتعثِّرة إلى وكالات التحصيل يعني أنَّ العملاء الجيدين لن يبتعدوا بسبب التكتيكات القوية.

بالنسبة للدائنين، تنخفض نسب القروض المعدومة، ومخصَّصات الخسارة، وتتحسَّن الربحية.

الاهتمام بتكنولوجيا التحصيل

تعمل التكنولوجيا المالية على تعطيل التمويل التقليدي من خلال التحويلات المالية، وتمويل رأس المال العامل إلى التأمين الصغير والشراء الآن، والدفع لاحقاً. لكن تلقَّت تكنولوجيا التحصيل اهتماماً واستثماراً أقل بكثير.

ومن المتوقَّع أن يتغيَّر ذلك، لأنَّ تحليل البيانات الضخمة لأوجه الخلل والمراوغات في السداد يكمل قرارات نعم / لا الخاصة بخوارزميات الاكتتاب. كما يمكن أن يتحد الاثنان للتحقق من العملاء الجيدين، والاحتفاظ بهم.

قبل عشر سنوات، كانت هناك حوالي 10 آلاف شركة تحصيل في الولايات المتحدة. أما الآن، فقد انخفض عددها إلى أقل من 7 آلاف. ويعمل في أكثر من 70% منها أقل من خمسة موظفين، وهذه الوكالات الصغيرة هي التي يتمُّ دمجها.

وقالت "ترانس يونيون" في تقرير التحصيل لعام 2020: "في حين أنَّ الرسائل والمكالمات الهاتفية لا تزال الأكثر شيوعاً في جميع أنحاء الصناعة، فقد تمَّ اعتماد الرسائل النصية، وروبوتات الدردشة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي وغيرها من الأدوات الآلية من قبل الشركات الكبرى".

وأظهر استطلاع مؤسسة إعداد التقارير الائتمانية أنَّ 9% من المشاركين في الصناعة يتوقَّعون أن يتمَّ توجيه نفقات كبيرة خلال العام أو العامين المقبلين للاستثمار في البرمجيات.

وهذا هو ما يجذب فريق الزوج والزوجة المؤلَّف من سوميت، وبوجا سريفاستافا، لاختبار الوضع مع بطاقات الائتمان والديون الأخرى غير المضمونة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

أما في الهند، فيفكِّر "سريفاستافا" في وضع أمواله لتطبيق ما يقوله. إنَّه يريد تمويل الأقساط المتأخرة، إذ يُظهر تحليل (Spocto) أنَّ التأخر في السداد من المحتمل أن يكون مؤقتاً.

قد يكون تحمُّل مخاطر الميزانية العمومية قفزة بالنسبة لبدء التشغيل، لذلك قد يتشارك "سريفاستافا" مع أحد البنوك. لكنَّه يخبرنا إلى أين يتجه تحصيل الديون؛ نحو عضلات أقل، مع المزيد من الذكاء من النوع المصطنع.