الهند تعطي درساً للدول النامية في كيفية التحول للطاقة الشمسية

باتت الهند اليوم تضيف قدرات كهربائية معتمدة على الطاقة الشمسية أكثر من الفحم
باتت الهند اليوم تضيف قدرات كهربائية معتمدة على الطاقة الشمسية أكثر من الفحم المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قبل عشرة أعوام، كانت الطاقة الشمسية توجد بالكاد في الهند، في حين تضيف البلاد اليوم قدرة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية أكبر من تلك المولَّدة من الفحم.

وتوضح الهند للدول النامية الأخرى التي تغمرها الشمس كيفية نشر طاقة أنظف سريعاً، بالرغم من وجود تحديات مثل الفساد، والإجراءات الروتينية، وضعف الموارد المالية.

قصة ريادة

ويمكن أن يُعزى الكثير من نجاح الهند في تنفيذ عملية الانتقال الصعبة للطاقة إلى رواد الأعمال، مثل سومانت سينها. وهو رجل يبلغ من العمر 56 عاماً، ويشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة "رينيو باور" (ReNew Power)، أكبر مطوِّر للطاقة المتجددة في البلاد.

وجاء ظهور شركة "رينيو باور" بالتزامن مع معاناة الهند من مشاكل عديدة، مثل انتشار الفساد، والبيروقراطية المثيرة للإحباط، وارتفاع تكاليف رأس المال. وعندما تأسست الشركة الهندية في عام 2011، شغلت الهند المركز 134 في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال التجارية الصادر عن البنك الدولي، بعد الصين وروسيا.

وسرعان ما نشبت أزمة أخرى، ففي الفترة بين عامي 2006 و2008، وافقت البنوك على سلسلة من القروض لبناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم استناداً إلى وجهة النظر القائلة بأنَّ الطلب على الكهرباء سيرتفع في الهند.

وعندما لم يرقَ الطلب إلى التوقُّعات بعد أعوام، اضطرت العديد من محطات توليد الطاقة بالفحم للعمل لساعات أقل مما كان مخطَّطاً لها، كما أنَّ بنوك القطاع العام في البلاد تُركت في حالة معاناة من كميات هائلة من الديون المعدومة.

وهذا الأمر صعَّب على شركات، مثل "رينيو باور"، جمع الأموال محلياً، مما أدى إلى زيادة المخاطر بالنسبة لسينها. الذي يقول: "كنت في الأساس أضع كلَّ مدخرات حياتي في هذا المشروع".

لكنَّ سينها يتمتع بخبرة مالية مناسبة. فقد كان قبل إنشاء "رينيو باور" يعمل مصرفياً استثمارياً في الولايات المتحدة، ثم عمل كمدير العمليات في صانع توربينات الرياح الهندي، ومشغل الطاقة المتجددة "سوزلون إنرجي".

وتقول كانيكا تشاولا، مديرة البرنامج في منظومة الطاقة التابعة للأمم المتحدة، التي تنسق العمل بشأن قضايا الطاقة عبر مختلف هيئات الأمم المتحدة: "لقد فهم، على الفور، أنَّ مصادر الطاقة المتجددة كانت قضية مالية بقدر ما كانت قضية تقنية". وكانت تشاولا تعمل في السابق مع مؤسسة فكرية بيئية عملت عن كثب مع "رينيو باور" بشأن نماذج الطاقة والتمويل.

خطة تمويلية ناجحة

وكان سينها بحاجة لاتخاذ خطوتين كبيرتين لتوسيع نطاق شركته، وهما الاستفادة من التمويل الدولي، وتأمين العملاء المحليين. فقد كانت مجموعة "غولدمان ساكس" تبحث عن استثمارات في سوق ناشئة بعد جني مليارات الدولارات من طاقة الرياح في الولايات المتحدة في عام 2007.

وقدَّم سينها عرضاً رابحاً لـ "غولدمان ساكس"، التي استحوذت على أكبر حصة في "رينيو باور" مقابل 470 مليون دولار، وبدأت الاستثمارات بالتدفق في 2011. وكانت ثقة "غولدمان ساكس " في الشركة الهندية قد ساعدت سينها في جمع الأموال من المستثمرين المؤسسيين في كندا، واليابان، والإمارات العربية المتحدة.

وفي حين أنَّ الأموال كانت تأتي من الداعمين، كان لزاماً على سينها ضمان وجود مستهلكين محليين لدفع ثمن الطاقة النظيفة لصالح "رينيو باور".

وفي قطاع الكهرباء ذي الإجراءات التنظيمية العالية في الهند، كان العملاء، الذين وجدهم سينها، يتمثَّلون في المرافق الحكومية، وليس المنازل السكنية. وتماماً مثل البنوك، كانت هذه المرافق مثقلة بالديون منذ أعوام بسبب سوء الإدارة، وسوء إنفاذ اللوائح التنظيمية، لذا أنشأت "رينيو باور" فرق عمل حول البلاد من أجل ضمان عمل المرافق بشكل جيد.

وساعد هذا التركيز والتصميم "رينيو باور" في الهيمنة على السوق، حتى في ظلِّ نمو المنافسة. وفي فبراير، وافقت الشركة على الاندماج مع شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة "آر إم جي أكويزيشن"، وتمَّ إدراجها في البورصة الأمريكية بقيمة تقدَّر بــ 8 مليارات دولار.