أول تصنيف للاستثمارات الخضراء من الاتحاد الأوروبي

مزرعة لطاقة الرياح في مدينة ماينز الألمانية
مزرعة لطاقة الرياح في مدينة ماينز الألمانية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستعدُّ الاتحاد الأوروبي للموافقة على المعايير التي تحدد الاستثمارات الخضراء، في خطوة استباقية قد تضع معياراً ثابتاً لبقية العالم عندما يتعلَّق الأمر بتصنيف هذا النوع من الاستثمارات.

المخاطر كبيرة

ويسعى الاتحاد الأوروبي لجمع ما يصل إلى 250 مليار يورو (أي ما يعادل 301 مليار دولار) من خلال إصدار أولى سنداته الخضراء. ومن المرجَّح أن يتبع التمويل الخاص التوجه نحو الصناعات المعتمدة، التي تساعد الاتحاد الأوروبي في الوصول إلى هدفه المتمثِّل في القضاء على الانبعاثات.

وتوصَّل المشرِّعون في الاتحاد الأوروبي وحكومات الكتلة الأوروبية صباح الأربعاء، إلى اتفاق مبدئي لجعل هدف الحياد المناخي ملزماً بشكل قانوني، بالإضافة إلى تقليل الانبعاثات بنسبة 50% على الأقل من مستويات 1990، وذلك بحلول عام 2030.

ويعدُّ تشكيل هذا التصنيف ساحة للمعارك السياسية لدول الكتلة، إذ تضغط الدول الأعضاء لحماية مصالحها الخاصة. مما يكشف مدى صعوبة جعل الاقتصادات والأسواق صديقة للبيئة. وسوف ينتظر المستثمرون لمعرفة ما إذا كان الغاز الطبيعي والطاقة النووية قد أصبحا خارج حدود التصنيف الخاص بالاستثمارات المستدامة، إلا أنَّ تحريج الغابات والطاقة الحيوية لا تزالان ضمنه، في حين ستواجه الشركات متطلَّبات للإفصاح عن استدامتها.

كما أنَّ أيَّ إخلال للقواعد يخاطر بإلحاق الضرر بقيادة الاتحاد الأوروبي لقضايا المناخ، في الوقت الذي يدقق فيه المستثمرون فيما إذا كانت الأصول الخضراء الجيدة ترقى إلى المستوى المطلوب أم لا.

وتقول مايا غودمير، المحللة في "بلومبرغ NEF": "إذا كنت تريد تصنيفاً قائماً على العلم، فأنت بحاجة إلى الحفاظ على مستوى مرتفع. لكنَّ التغييرات نتيجة الضغط تدفع بعيداً عن ذلك الهدف". مضيفةً أنَّ الهدف هو توجيه الاستثمارات إلى حيث نحتاج بحلول عام 2050، متابعة أنَّ الجميع ينتظر هذا التصنيف، فمع أنَّ كلاً من الصين، وسنغافورة، والمملكة المتحدة أعلنوا عن تصنيفاتهم الخاصة، ولكنَّهم مع ذلك يتطلَّعون إلى الاتحاد الأوروبي كنموذج.

أسبوع مهم للاستثمارات الخضراء

وقد تلاشى الارتفاع في الأسهم المتجددة في المنطقة هذا العام، وهناك مخاوف بشأن الأهداف السلسة التي حدَّدتها الشركات التي تصدِّر سندات مرتبطة بالاستدامة. فقد ارتفعت السوق العالمية للديون الخضراء إلى أكثر من تريليون دولار، ومع ذلك هناك خليط من القواعد للإنفاق على المشاريع.

ويأمل المستثمرون أن يجلب تصنيف الاتحاد الأوروبي مزيداً من الوضوح على الأقل، وربما يقود إلى نهج عالمي أكثر ترابطاً. ومن المتوقَّع أن يعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن أهداف طموحة للانبعاثات قبل استضافة قمة تغيير المناخ مع قادة العالم يوم الخميس.

ويقول لويس غرانت، مدير محفظة الأسهم العالمية في "فيديراتيد هيرميس": "هذا أسبوع مهم للاستثمار الأخضر، وستدعم هذه التطورات المستثمرين في اختيار الاستثمارات المستدامة، على الرغم من أنَّ المشكلة تكمن في التفاصيل دائماً".

ويبدو أنَّ التصنيف سيسمح لمنتجي البطاريات القابلة لإعادة الشحن، ومعدَّات كفاءة الطاقة، والسيارات منخفضة الانبعاثات، بالإضافة إلى محطَّات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بالحصول على علامة خضراء رسمية، وذلك وفقاً لمسوَّدة رسمية اطَّلعت عليها "بلومبرغ".

وفي حين أنَّ إدراجها لم يكن مفاجئاً، إلا أنَّ الأمر الأكثر إثارة للجدل كان حول الطاقة من الغاز والطاقة النووية والوقود الحيوي. ومن المتوقَّع ألا تنجح ضغوطات اللحظات الأخيرة لعكس ذلك، من قِبل سياسيين ومؤيدين الغاز من ألمانيا، وبولندا، ودول أعضاء أخرى، تحاول تقليل اعتمادها على الفحم. وقد يتمُّ تعويض ذلك في إطار لاحق من القواعد للتعامل مع الطاقات المساعدة في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وذلك على الرغم من استمرار قلق المستثمرين.

ضغوط سياسية

ويقول رونالد فان ستينويغين، مدير الأصول في "ديغروف بيتاكرام لإدارة الأصول"، إنَّه سيكون متردداً في شراء سندات الاتحاد الأوروبي الخضراء في حال كانت هناك إمكانية لإدراج الغاز الطبيعي ضمن الاستثمارات الخضراء في وقت لاحق. مضيفاً أنَّ ارتفاع نسبة الديون الخضراء لتمويل مشاريع الغاز سيكون أضعف من المعدَّلات والمعايير الحالية. كما أضاف رونالد، أنَّه من المفترض أن يتمَّ توضيح ذلك قبل إصدار السندات في السوق، خاصةً إذا زادت الضجة حول الموضوع.

ووفقاً لـسيباستيان غودينو، الخبير الاقتصادي في مكتب السياسة التابع للصندوق العالمي للحياة البرية في بروكسل، فإنَّ التصنيف الذي يتضمَّن الطاقة الناتجة عن حرق الأخشاب لأغراض صناعية. فإنَّه من غير المستبعد أن لا يستسلم للضغوط من دول الشمال الأوروبي، ويضعف القوانين الخاصة بالتصنيف لصناعات أخرى.

ويقول باس إيكهوت، العضو الهولندي في البرلمان الأوروبي، إنَّ المعايير التي تمَّ وضعها من الممكن أن تصبح أكثر تحديداً في المستقبل، لكن بالنسبة للغابات "فإنَّها معركة شاقة" على حدِّ تعبيره.

ويقول سيباستيان ماك، زميل في "مركز جاك ديلور"، وهو مؤسسة فكرية، ومقرُّها برلين: "كانت الفكرة هي إرساء ما يُسمى "بالمعيار الذهبي"، وكلما استغرق الأمر وقتاً أطول، زاد إخضاعه للأمور السياسية، وفي النهاية سنرى دائماً أنَّ الطموح يتضاءل".