شركتان كنديتان تتنافسان على شراء خط سكة حديد "كانساس" الأمريكي

المنافسة تحتدم بين الشركات الكندية للاستحواذ على خط سكة حديد في أمريكا
المنافسة تحتدم بين الشركات الكندية للاستحواذ على خط سكة حديد في أمريكا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعيد مساعي "الوطنية الكندية للسكك الحديدية" للاستحواذ على "كانساس سيتي ساوثرن" أجواء التنافس الشديدة مع "الكندية باسيفيك للسكك الحديدية"، والتي بدأت منذ قرن من الزمان كما تضع زملاء عمل الأمس في مواجهة بعضهم بعضا.

يهدف جان جاك رويست الرئيس التنفيذي الكندي، إلى دخول معركة الاستحواذ، التي تبلغ قيمتها 30 مليار دولار، ومحاولة اقتناص الجائزة التي يسعى إليها منذ فترة طويلة كيث كريل الرئيس التنفيذي للكندية باسيفيك.

وعمل رويست في السابق كرئيس تنفيذي للعمليات في "الوطنية الكندية" مع زميله السابق كريل.

وتعد الصفقة واحدة من أكبر صفقات السكك الحديدية خلال العقدين الماضيين والتي ستمنح الفائز بها السيطرة على شبكة مترامية الأطراف تعبر البلدان الثلاثة في التحالف التجاري لأمريكا الشمالية.

عروض متنافسة

وتبادل الطرفين الاتهامات بعد أن كشفت "الوطنية الكندية" عن عرض شراء تزيد قيمته بنحو 20% عن العرض الذي تقدمت به "الكندية باسيفيك".

وقال رويست في مؤتمر مع المحللين عبر الهاتف إن "الوطنية الكندية" تعد "أفضل عرض وشريك ولديها خط السكك الحديدية الأفضل". وأضاف: "سينتج عن الصفقة خط سكة حديد أكثر أماناً وأسرع وأنظف وأقوى مقارنة بأية عروض شراء أخرى تلقتها كانساس سيتي ساوثرن".

في المقابل، وصفت "الكندية باسيفيك" عرض منافستها الأكبر بأنه "وهمي وأقل شأناً"، لأنه يخلق مخاوف كبيرة بشأن مكافحة الاحتكار.

كما هاجمت في بيان لها "الوطنية الكندية" والتي وصفت تاريخها بالذي لا يمكن الوثوق فيه قائلة: " أداء فريق إدارة "الكندية الوطنية" على مدار عقد من الزمان كان أقل من التوقعات كا يحمل سجل حافل من الأداء الضعيف مقابل توقعاته الخاصة".

صراع تاريخي ممتد

زادت حدة التنافس بين خطوط السكك الحديدية الرائدة في كندا منذ فوز بيل أكمان بشراء سكوير كابيتال مانجمنت في 2012 والسيطرة على مجلس إدارة الكندية باسيفيك.

وقام أكمان بتعيين هانتر هاريسون الذي اكتسب شهرة كبيرة خلال فترة عمله كرئيس تنفيذي للوطنية الكندية وقيادته عملية إعادة هيكلة الشركة خلال الفترة 2003 - 2009.

ودائماً ما تتصارع الشركتين في العلن وقد دفعت "الكندية باسيفيك" 25 مليون دولار كندي (19.8 مليون دولار) كمبلغ لتسوية مطالبة اتهامها باستخدام موظفين سابقين وقوائم عملاء لمساعدتها في الحصول على عملاء "الوطنية الكندية"، ولكن تلك المرة يبدو أن مخاطر التصعيد والصرع بينهما أكبر بكثير.

قال ديميتري أناستاكيس الأستاذ في كلية روتمان للإدارة بجامعة تورنتو في مقابلة: "إنه تصعيد حقيقي للتنافس المستمر منذ قرن من الزمان بين الشركتين ".

وأضاف أناستاكيس: "إنه حقاً يغير ديناميكية كلتا الشركتين سواء نجح أحدهم في الحصول على الصفقة أم لا حيث يمكن لذلك أن يغير قواعد اللعبة".

وتعرض الصفقة التوازن في المنافسة بقطاع السكك الحديدية الكندي للخطر. حيث تسعى "الكندية باسيفيك" الى اللحاق بمنافستها الأكبر للولايات المتحدة والوصول بشبكتها إلى المكسيك. أما في حالة فوز "الوطنية الكندية" بالصفقة ستعزل "الكندية باسيفيك" عن موطنها الأصلي، وسوف تتضخم أعمالها في الولايات المتحدة وتوسع نطاق وصولها إلى أحد أكبر الموانئ في جنوب المكسيك.

معارك قانونية

أثار تعيين "الكندية باسيفيك" هاريسون معركة قانونية بشأن استحقاقات التقاعد البالغة 40 مليون دولار كندي والمستحقة على الوطنية الكندية والتي تمت تسويتها بعد ذلك عندما وافق هاريسون على عدم توظيف نحو 60 من كبار المديرين التنفيذيين في الوطنية لمدة ثلاث سنوات.

فتحت تلك الصفقة الطريق لتوظيف "الكندية باسيفيك" كريل في عام 2013. وهو ما فتح بدوره الطريق أمام رويست ليصبح الرئيس التنفيذي بشكل المؤقت في مارس 2018 ليتولى بعد أربعة أشهرالمنصب بشكل دائم.

لكن الأمر لم يتوقف في ظل قيادة هاريسون "الكندية باسيفيك" وقامت الشركة بدفع قيمة تسوية دعوى قضائية في عام 2016 بشأن اتهامها بالحصول على عملاء "الوطنية الكندية" بشكل غير قانوني.

قال كارل مور أستاذ الإدارة في جامعة ماكغيل في مونتريال في مقابلة: "كانت إدارة "الوطنية الكندية" تنظر لهانتر على أنه خان الشركة". وأضاف "نحن لا نفعل هذا في كندا".

باع أكمان حصته في "الكندية باسيفيك" في عام 2016 وترك مجلس الإدارة. كما غادر هاريسون الشركة بعد فترة وجيزة ليتولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة "سي إكس" CSX Corp. ، لكنه توفي في ديسمبر 2017 عن عمر يناهز 73 عاماً.

رغم أن التنافس بين الشركتين قد بدأ منذ نحو قرن، إلا أن حقبة أكمان – هاريسون تعد بمثابة المعركة الأكثر حدة بينهما.

احتدام المنافسة

لعبت "الكندية باسيفيك" التي تأسست عام 1881 دوراً رئيسياً في تأسيس الدولة حيث كان خطها العابر للقارات محوريًا في إقناع كولومبيا البريطانية بالانضمام إلى الدولة المستقلة حديثاً وقتها. بينما تم تأسيس "الوطنية الكندية" في 1919 عن طريق تجميع مجموعة من السكك الحديدية المملوكة للحكومة.

قال أناستاكيس إن تأسيس "الوطنية الكندية" كان بمثابة "سكتة دماغية" لـ"الكندية باسيفيك" حيث أصبح يتعين عليها منافسة شركة حكومية تلقي دعم حكومي وهو ما جعل "الكندية باسيفيك" تعاني لعقود. حتى بعد خصخصة "الوطنية الكندية" في 1995 كان يديرها في البداية بول تيلير وهو مسؤول حكومي سابق رفيع المستوى.

ويقول مور إن التنافس بين الشركتين يعكس أيضاً التوترات الإقليمية والسياسية في كندا، حيث تمثل "الكندية باسيفيك" التي تتخذ من كالغاري مقراً لها الجزء الغربي والمحافظ من البلاد بينما تمثل "الوطنية الكندية" التي تتخذ من مونتريال مقراً لها الطابع النخبوي الأكثر ليبرالية في الشرق وكذلك طبيعة إقليم كيبيك ثنائي اللغة.

وقال أناستاكيس، إنه على الرغم من تجدد المنافسة فيما بينهما فإن إنشاء خط سكة حديد كندي واحد على الأقل الذي قد ينتج عن عملية الاستحواذ يعد أمراً إيجابياً للدولة التي عادة ما تقوم شركات دولية بالاستحواذ على شركاتها الوطنية.

وأضاف أناستاكيس: "لديك عملاقا كنديان يتنافسان للسيطرة على خط سكة حديدية أمريكي مهم". وأكمل "تمثل الصفقة تحول تاريخ الأعمال الكندية".