الصين وإيلون ماسك.. لا غنى لأحدهما عن الآخر لماذا؟

إيلون ماسك مؤسس تسلا
إيلون ماسك مؤسس تسلا المصدر: بلومبرغ
Anjani Trivedi
Anjani Trivedi

Anjani Trivedi is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies in Asia. She previously worked for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا تستطيع شركة "تسلا" أن تخسر الصين؛ كما لا تستطيع بكين السماح لـِ "إيلون ماسك" بالرحيل، ففي هذا الأسبوع، كانت شركة السيارات الكهربائية الأمريكية في خضم احتجاج عام في الصين حول الطريقة التي تتعامل بها الشركة مع شكاوى العملاء.

وفي يوم الإثنين، نظمت مالكة لسيارة "تسلا" احتجاجاً في معرض شنغهاي للسيارات، وهو معرض سنوي ضخم للسيارات يميل إلى جذب كبار المديرين التنفيذيين والمتحمسين للسيارات على مستوى العالم؛ حيث زعمت العميلة غير الراضية أن الفرامل في سيارة عائلتها من طراز 3 سيدان كانت معيبة وتسببت في حادث أسفر عن دخول والديها إلى المستشفى.

وكانت هذه العميلة قد قدمت نفس الشكوى الشهر الماضي، والتي ردت عليها "تسلا" بالقول إن والدها كان مسرعاً وقت الحادث، مستشهدة بتقرير الشرطة. وفي شنغهاي، اعتقل الأمن العميلة؛ لكن لم تكن تلك قصة جيدة بالنسبة لشركة "تسلا".

وبعد أن قالت لجنة قانونية رفيعة المستوى تابعة للحزب الشيوعي إنه "يتعيّن على "تسلا" أن تواجه عذاب عملائها الصينيين"، أصدرت الشركة يوم الثلاثاء الماضي اعتذاراً عن عدم حل مشكلة مالكة السيارة. وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت شركة "إيلون ماسك" إنها ستبذل قصارى جهدها "لتعلم الدروس المستفادة من هذه التجربة".

غيمة عابرة

ومع تدخل الجهات التنظيمية، صرّحت "تسلا" أنها "تحترم وتلتزم بقرارات الوكالات الحكومية، وتحترم المستهلكين"، وأنها "ستتعاون مع الوكالات ذات الصلة في جميع التحقيقات". وفي الواقع بدأ "ماسك" يظهر وكأنه يُشبه "جاك ما".

ومع ذلك، فإن هذا الجدل مع المستهلكين والجهات التنظيمية هو غيمة عابرة في مسيرة نجاح "تسلا" في الصين؛ وقد يؤدي إلى انخفاض الحماس إزاء الشركة إلى حد ما، لكن حتى لو بدأ التحقيق، فإن العلاقة مفيدة للطرفين ومتشابكة مالياً بحيث لا يمكن حلها أو تقويضها.

وتمنح الصين "تسلا" أكثر من مجرد قدر من الإيرادات المتزايدة؛ حيث وسعت بكين أكواماً من رأس المال للشركة بأسعار مواتية، وقدمت أراضٍ مدعومة في منطقة صناعية، لذا يمكن لـِ "إيلون ماسك" (الذي يقول إنه خاض "جحيم الإنتاج" في الولايات المتحدة) الاعتماد على براعة الإنتاج الصناعي في الصين، وقبل كل شيء، يمكن له الاستفادة من سوق مليء بعشاق السيارات الكهربائية.

علاوةً على ذلك، تستفيد "تسلا" أيضاً من معدل ضرائب مفيد يبلغ 15% حتى عام 2023. وفي عام 2018، وقعت الشركة صفقتين مع حكومة شنغهاي لبناء مصنع متطور واتفاقية استثمار "لتعزيز تسويق نتائج الابتكار التكنولوجي". أما في عام 2019، فقد تم تمديد حد ائتماني بشروط فضفاضة نسبياً.

مصلحة متبادلة

في المقابل، تستفيد بكين أيضاً من استراتيجيات شركة "تسلا"، فعندما فتحت الصين سوق السيارات الكهربائية أمام الاستثمار الأجنبي، كانت "تسلا" أول من دخل إليه؛ مما يعني أن السيارة الكهربائية الأكثر رواجاً في العالم ستكون "صنع في الصين"؛ وقد أضاف ذلك شرعية على طموحات السيارات الكهربائية في بكين والسياسات التي وضعتها لتعزيز السوق.

وحتى الآن، لم تظهر أية شركة محلية لصناعة السيارات الخضراء كفائز واضح.

وساعدت شركة "ماسك" في تحسين صورة الموردين الصينيين؛ فمع دخول "تسلا" إلى البلاد، ارتفعت أسعار أسهم موردي قطع السيارات مثل "تشجيانغ سانهوا إنتلجنت كونترولز" (Zhejiang Sanhua Intelligent Controls Co) وشركة "شنغهاي باولونغ أوتوموتيف" (Shanghai Baolong Automotive Corp). وفي الحقيق تأمل الصين أن تُستخدم قطع السيارات التي تنتجها مثل هذه الشركات - صمامات الحرارة وأنظمة مراقبة ضغط الإطارات - في سيارات "تسلا" المصنوعة في الصين.

وعلى سبيل المثال، يستخدم الطراز 3 من "تسلا" المصنوع في الصين بطاريات من صنع شركة "كونتمبوراري أمبيركس تكنولوجي" (Contemporary Amperex Technology) العملاقة المحلية، والتي تستحوذ على أكثر من 20% من سوق بطاريات السيارات الكهربائية؛ وفي الواقع، فإن وضع شركة "تسلا" في مأزق من شأنه أن يضر أيضاً بمجموعة من الشركات الصينية.

كبوة مؤقتة

بالإضافة إلى ذلك فإن مشكلات "تسلا" مع شكاوى المستهلكين ليست جديدة؛ ففي الولايات المتحدة، توقفت دراسة موثوقية السيارات السنوية التي تصدرها تقارير المستهلك عن التوصية بطراز "أس" (S) من "تسلا" العام الماضي؛ كما احتلت الشركة المرتبة ما قبل الأخيرة في الدراسة؛ علاوةً على ذلك، دخلت "تسلا" في مواجهات مع الجهات التنظيمية.

وعندما سحبت الشركة أكثر من 36,000 سيارة في الصين في وقت سابق من هذا العام، قالت وسائل الإعلام الحكومية إنه "لا ينبغي لشركة "تسلا" أن تكون متعجرفة إزاء أسئلة المستهلكين"؛ كما أشارت إلى أن الشركة "أبدت احتراماً لإمكانيات السوق الصينية، ولكنها لم تمنح نفس المستوى من الاحترام للمستهلكين الصينيين".

وقد تأتي التحقيقات وتذهب، إلا أن علاقات "إيلون ماسك" مع الصين موجودة لتبقى - أو على الأقل، طالما استمر الاعتماد المتبادل؛ كما أن حصول كبوة في مسيرة شركته لا يعني أنه خرج من السباق.