العالم يبحث عن بديل للصين لتدوير النفايات

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هل تستحق صناعة تدوير النفايات كل هذا الجدال المثار حولها؟ عندما بدأت عملية تدوير النفايات قبل أربعة عقود، كان تدوير النفايات واحداً من أعظم نجاحات حركة الحفاظ على البيئية؛ وسرعان ما تحولت إلى تجارة عالمية ضخمة، إذ عادت شركات الشحن التي تنقل صادرات الصين للخارج إلى بلادها محملة بنصف نفايات الكوكب الورقية والبلاستيكية في حاوياتها التي كانت ستعود فارغة، لولا ذلك.

ثم عدلت الصين عن رأيها، تاركة مدنًا وبلداتٍ حول أنحاء العالم في مأزقٍ مع أكوام متزايدة من النفايات، وقد أرغمهم ذلك على إعادة النظر في تكلفة الحفاظ على البيئة.

الوضع الحالي

شهدت أسواق تدوير النفايات تراجعاً ملحوظاً في عام 2017 عقب إعلان الصين توقفها عن استيراد المنتجات البلاستيكية والورقية المستعملة، في إطار حملة مكافحة التلوث. ويعد تلوث الكثير من النفايات القابلة للتدوير، بمواد خطرة كالرصاص والزئبق في بعض الأحيان. من أحد الأسباب التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار.

وقد أدى هذا القرار إلى تراجع أسعار النفايات الورقية والبلاستيكية، مما تسبب في أزمة للبلديات التي كانت تعتمد على هذه المبيعات لدعم عمليات إعادة تدوير النفايات.

وفي الولايات المتحدة، انخفض متوسط سعر الكرتون المُضلع المستعمل بنسبة 36 في المئة، ولم يكن من السهل العثور على مشترين آخرين للبلاستيك المستخدم؛ لأن انخفاض أسعار النفط، جعل البلاستيك الخام أرخص من إعادة تدويره.

وفي حين أن دولًا أخرى كالهند وفيتنام، تستورد المزيد من المواد القابلة لإعادة التدوير، إلا أنّ الكميات التي تستوردها لا تُقارن بتلك التي كانت تستهلكها الصين ذات يوم. ولا تمتلك سوى بعض الدول الصناعية القدرة الكافية لإعادة تدوير جميع المواد بنفسها.

لم يعد هناك لدى بعض المجتمعات أي مجالٍ لتخزين الكميات المتزايدة من هذه المواد، وتوقفت عن جمع المنتجات البلاستيكية أو الورقية أو الزجاجية، في حين لجأت بعض المناطق في أستراليا وكندا إلى دفن قمامتها في مكبات للنفايات أو إحراقها.

وفي الوقت نفسه، تعهدت العديد من الشركات المعروفة، تحت ضغط المستهلكين، باستخدام المزيد من السلع المعاد تدويرها والقابلة للتحلل. وفي عام 2018، قالت شركات مثل كوكاكولا (Coca-Cola) ويونيليفر (Unilever) ولمارت (Walmart) "إنها تهدف إلى استخدام العبوات القابلة لإعادة الاستخدام بنسبة 100 في المئة، أو القابلة للتدوير، أو التي يمكن تحويلها إلى سماد بحلول عام 2025.

الخلفية

أُعيد تدوير المعادن لاستخدامها في الأسلحة والمركبات، خلال الحربين العالميتين، إذ تم جمع الورق للحفاظ على الأشجار لاستخدامها في البناء وصناعة السفن. وبعد ذلك، ترسل النفايات في معظم الدول إلى المحارق التي تنبعث منها الأدخنة، أو إلى مكبات النفايات، حيث تتعرض المياه الجوفية لمخاطر تسرب السموم.

كان إقرار قانون الهواء النظيف، وقانون المياه النظيفة في أوائل سبعينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية، يوجب على المجتمعات البحث عن حلول أخرى؛ فبدأ الكثيرون بتقديم برامج تدوير النفايات، لتكون وسيلة للحد من تراكم القمامة.

بدأت تجارة تدوير النفايات الصينية في التسعينيات، حين شهدت صادراتها من المنسوجات والألعاب زيادة غير مسبوقة، وكانت الشركات المصنعة لهذه المنتجات متعطشة للمواد البلاستيكية والمعادن لتحويلها إلى منتجات جديدة، واستخدمت الورق لصنع صناديق من الورق المقوى لتعبئتها فيها. وقد وجدت الجهات المسؤولة عن جمع القمامة في بقية دول العالم، أن بيع نفاياتها في هذه السوق أكثر اقتصادًا من بيعها لمنشآت إعادة التدوير المحلية بشكل كبير. في حين بدأت الدول الأوروبية في التخلص من بعض الأعباء خلال منتصف التسعينيات عبر سن قواعد تُلزم الشركات المصنعة لعدد من السلع، بدايةً من الصناديق الكرتونية، وصولًا إلى الفرش، كي تكفل بإعادة تدوير نفاياتها بنفسها.

النقاش الدائر

باتت تكلفة تدوير النفايات أعلى من التخلص منها، ففي عام 2016، زادت تكلفة جمع ومعالجة الطن الواحد من المواد القابلة لإعادة التدوير بمقدار 18 دولارًا في نيويورك، بالمقارنة مع حالة التخلص من النفايات بالطرق العادية.

ويؤدي تدوير النفايات بالطرق غير الصحيحة إلى رفع التكلفة؛ فوجود علبة بيتزا واحدة فقط في كومة نفايات ورق مقوى، سيعاد تدويرها، يمكن أن يفسد حمولة كاملة، إذ لا يمكن فصل الزيوت الموجودة فيها عن الألياف الورقية.

أضف إلى ذلك أن تدوير النفايات البلاستيكية والإلكترونية، قد يكون مسألة بالغة الخطورة، إذ يعرض العمال لمخاطر صحية كبيرة. كما أن هناك حدودًا طبيعية، فلا يمكن إعادة تدوير الورق إلا من 5 إلى 7 مرات قبل أن تصبح ألياف السليلوز قصيرة جداً، إذ لا يمكن إعادة استخدامها؛ ولا يمكن تحويل معظم الزجاجات البلاستيكية الشفافة إلى زجاجات جديدة.

ومع ذلك، يوفّر تدوير النفايات الطاقة، فصنع علب الصودا من الألومنيوم المعاد تدويره، يحتاج طاقة أقل بنسبة 95 بالمئة بالمقارنة مع استخدام الألومنيوم الخام. كما أن تدوير النفايات يسهم في منع تسرب المواد السامة إلى التربة في مكبات النفايات.

وقد أدّت الاضطرابات التي أعقبت قرار الصين إلى ظهور دعوات بحظر استخدام البلاستيك، أو فرض رسوم على استخدامه؛ وشرعت بعض البلديات في تحميل تكاليف تدوير النفايات المرتفعة لأصحاب المنازل والشركات. في حين أعلنت العديد من المناطق عن خطط بناء مصانع جديدة لتدوير النفايات بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، المدعومة بالتمويل المقدم من الشركات التي تعهدت بتدوير النفايات، بمساندة هذه الجهود من خلال تقديم قروض منخفضة التكلفة. ولايزال دعاة حماية البيئة يشجعون على تدوير النفايات، لكنهم يقدمون أيضاً حلولًا أخرى: "اشترِ أشياء أقل في المقام الأول، وابحث عن منتجات تدوم طويلاً ".