تكنولوجيا.. كلمة فقدت معناها في اللغة الإنجليزية

رسم تعبيري
رسم تعبيري المصدر: بلومبرغ بيزنس ويك
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو أنَّ كلمة "تكنولوجيا" قد فقدت معناها، ولم تعد لها فائدة في عملية «الوصف» في اللغة الإنجليزية، فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ فإنَّ "فيسبوك"، و"دورداش"، و"كوالكوم" كلها تعدُّ شركات تكنولوجية في استخدامات اللغة اليومية، ولكنَّها في واقع الأمر تقدِّم أعمالاً وخدمات مختلفة تماماً. فالشركة الأولى تربح أموالها عن طريق بيع مساحات إعلانية على الإنترنت، والثانية تعمل في توصيل الطعام، والثالثة تعمل في أشباه الموصلات، وتصمِّم وتسوِّق منتجات وخدمات الاتصالات اللاسلكية. وفي الوقت الذي تمتلك فيه "فيسبوك"، و"دورداش" عدداً كبيراً من برامج "السوفت وير" الخاصة بهما، فإنَّ "كوالكوم" هي الشركة الوحيدة- بين الشركات الثلاث- التي تعدُّ التكنولوجيا منتجها الفعلي.

الكثير من الشركات أقدمت على إضافة مقطع "-tech" في نهاية الكلمة الرئيسية التي تعبِّر عن نشاط الشركة أو الصناعة التي تقوم عليها العلامة التجارية، وكأنَّ هذا المقطع يضفي مزيداً من البريق على اسم الشركة، فأصبح لدينا الآن ذرية كبيرة من عائلة "تيك" مثل: adtech، وbiotech، وCleantech، وfintech، وfoodtech ، وproptech، وأكثر من ذلك.

لم يكن استخدام اللاحقة المذكورة في اللغة الانجليزية واسع الانتشار أو الاستخدام بهذا الشكل. وفي الثلاثينيات من القرن الماضي، وتماشياً مع أصل الكلمة في اللغة اليونانية القديمة، فقد تمَّ استخدام اللاحقة بشكل أساسي للإشارة إلى الدراسات التقنية، وفقاً للمؤرخ "إريك شاتسبيرج". وبعدها تمَّ تأسيس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في العام 1861 لدراسة وتعليم العلوم التطبيقية والهندسة فضلاً عن دراسة "التكنولوجيا" وتعليمها.

الاختلاف بين اللغات الأجنبية

ولكن اللغة الإنجليزية تفتقر إلى ما يعادل كلمة "technique" في اللغة الفرنسية، وكلمة "Technik" بالألمانية. ولم تواكب الكلمة الإنجليزية "technique" ابتكارات الثورة الصناعية في أوروبا، وما تزال تُطلق فقط على الطريقة التي يؤدي بها فنان أو حرفي مهارة ما. لذلك، عندما نتحدَّث باللغة الانجليزية عن الرسم الزيتي كـ "أسلوب فني" artistic technique، فإنَّ "لوفتهانزا تكنيك" "Lufthansa Technik" هو القطاع الهندسي المسؤول عن صيانة وإصلاح أسطول طائرات الخطوط الجوية الألمانية. ويتضح من المثال السابق الفرق الشاسع في استخدام الكلمة نفسها في اللغتين الإنجليزية والألمانية.

وفي غياب المصطلح المناسب، بدأ المنظِّرون الاجتماعيون في أوائل القرن العشرين بمنح كلمة "التكنولوجيا" تعريفاً أوسع جعلها مرادفة لممارسات الصناعة التي تعبر عنها وعن مبادئها. بعدها، وبالتحديد في عشرينيات القرن الماضي، بدأ المؤرخ "تشارلز بيرد" في ربط كلمة "تكنولوجيا" بمفهوم "التقدُّم"، وهو المعنى الذي استقر في أذهاننا عن هذا المصطلح في العصر الحديث.

وانتشر استخدام كلمة "تكنولوجيا" في كلِّ ركن من أركان الاقتصاد على مدار الثلاثين عاماً الماضية، إذ تضمَّنت "الكلمة" بالفعل معاني: التصنيع، والصناعة، والاختراع، والعلوم التطبيقية، والآلة، واستخدمتها أي شركة أرادت اللحاق بركب النمو السريع. ويمتلك مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، الذي يضمُّ أسهم أكبر 500 شركة مالية أمريكية من بنوك ومؤسسات مالية، الآن 74 شركة لتكنولوجيا المعلومات، تمثِّل مجتمعة 25% من المؤشر المرجح، بعد أن كانت 35 شركة فقط أي 6.6% فقط من الترجيح في العام 1990. وتعدُّ القطاعات الفرعية، التي شملت شركات أشباه الموصلات، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والبرمجيات، السبب وراء زيادة عدد شركات تكنولوجيا المعلومات التي انضمَّت للمؤشر من العام 1990 إلى الآن.

وأخيراً، نحن بحاجة إلى طريقة أو مصطلح أكثر دقة للتعبير عن أحدث الابتكارات. وذلك لأنَّ وصف شركة ما على أنَّها "شركة تكنولوجيا" لا يخبرنا شيئاً عن أعمالها، لأنَّنا عندما نصف كل الأشياء بأنَّها "تقنية"، فإنَّ الوصف يفقد معناه، ويصبح بلا قيمة.