"بلاك روك" تتعهد بنهج أكثر مسؤولية تجاه البيئة والمجتمع

لاري فينك رئيس شركة "بلاك روك"
لاري فينك رئيس شركة "بلاك روك" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا كان لدى لاري فينك، من شركة "بلاك روك"، أي تردد بشأن إقحام صوته في قضايا ثقيلة مثل تغير المناخ وحقوق التصويت، فهو لم يعد كذلك بعد الآن.

فخلال مقابلة أجريت معه في "قمة بلومبرغ الخضراء" قال "فينك"، وهو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك": "لقد كنت صاخباً جداً فيما أقوله، وسأعود بصوت عالٍ مرة أخرى، فعلى مدار الاثني عشر شهراً الماضية، حصلنا على 527 مليار دولار، لذا فإنَّ صوتنا يتردد في قلوب عملائنا."

وتشجَّع "فينك" بالمبالغ القياسية من الأموال المتدفِّقة على شركته، وهو من بين أبرز القادة في مجال التمويل لتبني المثل العليا لرأسمالية حملة الأسهم، وقد مارس النفوذ الذي يأتي من خلال الإشراف على 9 تريليون دولار لدفع الآخرين في الاتجاه نفسه.

وفي رسالته السنوية إلى الرؤساء التنفيذيين في يناير، شدد على حاجة الشركات للردِّ على الظلم العنصري، وعدم المساواة الاقتصادية، والتدهور البيئي، وكل القضايا التي كانت تُترك تقليدياً للحكومة.

حق التصويت

وفي الآونة الأخيرة، وقَّعت شركة "بلاك روك"، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، و"فينك" نفسه خطاباً يدافع عن حقِّ التصويت، ويعارض أي "إجراءات تقيِّد أو تمنع أي ناخب مؤهل من الحصول على فرصة متساوية وعادلة للإدلاء بصوته". وجاءت رسالة 14 أبريل عقب إقرار قانون في جورجيا في مارس الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنَّه يحدُّ من إمكانية تصويت الناخبين في الولاية.

وفي هذا السياق، قال "فينك": "أعتقد أنَّ صوتنا ضروري في المجتمعات التي نعمل فيها، إذا نظرت إلى الشركات التي تملك أصواتاً، تلك الشركات التي لديها رأسمالية قوية لحملة الأسهم كجزء من مبادئها، فإنَّ تلك الشركات تعمل بشكل أفضل من تلك التي كانت صامتة."

وفي حين يقرُّ "فينك" بأنَّ صوته هو "الصوت الأكبر" في صناعة إدارة الأصول، فهو بالكاد يكون الرئيس التنفيذي الوحيد الذي يتحدَّث عن ذلك، فقد تمَّ التوقيع على الرسالة الخاصة بحقوق التصويت من قبل المئات من قادة الشركات، بما في ذلك كين فرايزر من شركة "ميرك آند كو"، وشاري ريدستون من شركة " فاياكوم سي بي إس"، ومايكل ديل من شركة " ديل تكنولوجيز".

وأصبح نشاط الشركات في القضايا الاجتماعية قوياً لدرجة أنَّ زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، حذَّر الرؤساء التنفيذيين قائلاً "ابتعدوا عن السياسة"، وهو ما جاء رداً على الاحتجاج على قانون الناخبين في جورجيا. في حين خصَّصت مجلة "ذي إيكونوميست" غلافها في 17 أبريل إلى "المدير التنفيذي السياسي".

وحتى الآن، ما يزال المستثمرون غير محبطين بسبب مواقف "فينك"، فقد ضخوا 171.6 مليار دولار من الأموال الجديدة في "بلاك روك" خلال الربع الأول.

التحول البناء

و يعمل "فينك" على تهيئة الشركة للاستفادة مما يسميه "التحول البناء" نحو الاستثمارات الحساسة تجاه للمناخ. وقال، إنَّ العملاء يعيدون تخصيص رأس المال للاستدامة، وبعيداً عن الاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري، بوتيرة أسرع من أيِّ شيء شهده خلال 44 عاماً في "وول ستريت".

وعززت شركة "بلاك روك" أصولها المستدامة طويلة الأجل إلى أكثر من 200 مليار دولار من حوالي 137 مليار دولار في نهاية الربع الثالث، وتخطط للوصول إلى تريليون دولار على الأقل بحلول نهاية العقد. وخلال الشهر الجاري شكَّلت شراكة مع شركة "تماسيك القابضة" السنغافورية للقيام باستثمارات في رأس المال الاستثماري في تقنيات خفض الكربون.

وجمعت الشركة 4.8 مليار دولار لشراء مرافق للطاقة المتجددة، و1.5 مليار دولار أخرى لصندوقين متداولين في البورصة من الأسهم التي من المتوقَّع أن تستفيد من التحول منخفض الكربون.

في المقابل هناك انتقادات من قبل الجانب الآخر، إذ يتمُّ انتقاد "بلاك روك" بانتظام لاتباعها نهجاً تدريجياً تجاه القضايا البيئية والاجتماعية، وقضايا الحوكمة، وعدم تخليها الكامل عن شركات تعدين الفحم، ومنتجي النفط، على سبيل المثال، أو بسبب حجبها الدعم لمبادرات الجهود التي يقودها المساهمون لتحسين الاستدامة.

من جهة أخرى، نظَّم النشطاء مظاهرات في مدن من بينها نيويورك، وميامي، وسان فرانسيسكو، ولندن، وزيورخ، مطالبين شركة "بلاك روك" باستخدام أصواتها بالوكالة لفرض تغييرات في القيادة في الشركات التي لا تتعامل مع ظاهرة الاحتباس الحراري بالسرعة الكافية.

كما أنَّ طارق فانسي، الرئيس السابق للاستثمار المستدام في شركة "بلاك روك"، رفض جهود الشركة لتطوير البيانات المناخية، والأدوات التحليلية للمستثمرين لأنَّها "تسويق"، ووصف مقاييس (الحوكمة البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات) باعتبارها "دواءً وهمياً اجتماعياً عملاقاً".

وفي مقابلة حديثة مع "كلايمت آند كابيتال ميديا"، قال إنَّ الحكومة وحدها هي التي يمكنها فرض تغييرات على النطاق المطلوب لمعالجة أزمة المناخ.

الاستثمار الخاص

و يرفض "فينك" فكرة أنَّ شركات الوقود الأحفوري لا يمكن أن تلعب دوراً في الانتقال إلى اقتصاد صديق للمناخ. وقال، إنَّ بإمكانهم استخدام آبار النفط والغاز المستنفذة لتخزين الكربون بتكلفة أقل من البدائل الأخرى.

وفي هذا الصدد، قال "فينك": "هذا هو الأمر الذي يختلف معي فيه بعض الناس، سيكون هناك مزيج من الصناعة القديمة التي ستصبح حديثة، وتقنيات جديدة ستغير عالمنا."

ومن المتوقَّع أن يتمَّ تقييم جميع الاستثمارات من ناحية استدامتها، تماماً كما يتمُّ تقييمها لمخاطر مثل الائتمان أو السيولة، وتزامناً مع ذلك قال "فينك"، إنَّ شركة "بلاك روك" تصوِّت لصالح قرارات الاستدامة "بتواتر أكبر بكثير".

و في يناير، طلب "فينك" من الشركات العامة اعتماد المعايير التي وضعتها فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلِّقة بالمناخ، أو(TCFD) ، وحثَّ الشركات الخاصة على الامتثال أيضاً.

ويريد "فينك" في الوقت الحالي أن توافق الحكومات على مجموعة مشتركة من قواعد إعداد التقارير من أجل الاستدامة، حتى لا يكون لدى مصدِّري الشركات أي حافز للتجول بحثاً عن لوائح بسيطة، وذلك لأنَّهم غير معرَّضين لمخاطر متزايدة بشأن قيام دعاوى قضائية جماعية، كما يأمل في أن تتضمَّن خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن الطموحة للحدِّ من انبعاثات الكربون الاستثمار الخاص، وليس المال العام فقط.

وفي هذا السياق أضاف "فينك": "ليست لدينا فرصة كافية للاستثمار في الاستدامة في الولايات المتحدة، فالسؤال هو: متى سنرى المشاريع؟، وما مدى سرعة السماح بهذه المشاريع، والبدء في البناء؟".