تفشي "كورونا" في الهند يعرقل انتعاش قطاع السفر العالمي

تفشي فيروس كورونا في الهند يصيب قطاع السفر العالمي
تفشي فيروس كورونا في الهند يصيب قطاع السفر العالمي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أدت الزيادة الشرسة في حالات الإصابة بفيروس كورونا الجديد التي حولت الهند إلى نقطة ساخنة لوباء فيروس كورونا عالمياً إلى إبطال إحدى أكبر عمليات تعافي السفر في قطاع الطيران.

وصلت شركات الطيران في الهند إلى 87% من سعة مقاعدها قبل انتشار فترة تفشي وباء فيروس كورونا حتى أوائل شهر أبريل الجاري، بناءً على تحليل وكالة "بلومبرغ" لبيانات من شركة "أوفيشيال إيرلاينز جايد" لتتبع الرحلات الجوية. وقد انهار هذا التقدُّم الآن، فقد أدت زيادة الإصابات إلى تراجع الرحلات الداخلية، التي تشكِّل الغالبية العظمى من السوق.

تآكل الطلب

وأظهرت البيانات أنَّه منذ بداية هذا الأسبوع، تراجعت السعة إلى 71% بالمقارنة مع مستويات 2019، بانخفاض 16 نقطة مئوية على مدى ثلاثة أسابيع.

وحدث مزيد من تآكل الطلب مع تحرُّك من قبل دول، بما في ذلك سنغافورة، وأستراليا، والمملكة المتحدة، والإمارات العربية المتحدة لفرض قيود على الزوار من الهند.

وباستخدام بيانات شركة "أو أيه جي" الأسبوعية، بنت وكالة "بلومبرغ" أداة تعقب الرحلات لمراقبة حركة عودة السفر الجوي العالمي. ويُظهر التحديث الأخير تقدُّماً مستمراً في الصين، في حين أنَّ خطط زيادة السعة في الولايات المتحدة وأوروبا لم تترسخ بعد. ومع استمرار الشركات المشغِّلة في إلغاء الرحلات الجوية من الهند، ربما انخفض عدد المقاعد المعروضة على مستوى العالم بشكل طفيف عن الأسبوع الماضي.

ماذا يحدث في السفر الجوي هذا الأسبوع؟

جعلت الشبكة المحلية الواسعة في الهند منها واحدةً من أسرع دول العالم نمواً في مجال الطيران قبل تفشي وباء فيروس كوفيد-19 الأخير. ودفعت شركات النقل لمسافات قصيرة مثل "إنديا جو" الهند إلى ثالث أكبر سوق في العالم.

وفي وقت سابق من تفشي الوباء، نالت الدولة الواقعة في جنوب آسيا التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار شخص الاستحسان لفرضها قواعد صارمة للتباعد الاجتماعي أدت إلى خفض معدل الإصابة. لكنَّ نظام الصحة العامة في البلاد يعاني الآن من ارتفاع حادٍّ في عدد الحالات، مع تجاوز عدد الإصابات اليومية 300 ألف.

قال "روب موريس"، رئيس الاستشارات في شركة استشارات الطيران البريطانية "سيريوم"، إنَّه نظراً لأنَّ تفشي المرض طغى على قدرة المستشفيات، ومحارق الجثث في البلاد، فلن يحدث ارتفاع في السفر الجوي حتى يجري احتواء الأزمة الأخيرة.

وأضاف موريس: "يبدو أنَّ الأمور ستزداد سوءاً بالنسبة لقطاع الطيران الهندي قبل أن يعود للتحسُّن مرة ثانية".

الطريق إلى الأمام

ومن بين الاقتصادات الكبرى، لم تشهد سوى تايلاند وتركيا انتكاسات أكبر، على الرغم من أنَّ أياً منهما لم يصل إلى حدٍّ بعيد إلى مستويات تفشي الفيروس في الهند نفسها.

ويعتقد "جون جرانت"، كبير المحللين في شركة "أو أيه جي"، أنَّه مع استمرار شركات الطيران في إلغاء الرحلات الجوية، وإلقاء مزيد من الحواجز، يمكن أن ينخفض ​​سوق الهند إلى ما لا يزيد على 25% من المعدل الطبيعي.

وفي استجابة لتزايد الحالات، فرضت تركيا إغلاقاً لمدة ثلاثة أسابيع. وقد تضطر تايلاند، أيضاً، إلى تشديد القيود على الشركات والسفر نظراً لأنَّ تفشي المرض الذي بدأ من أماكن الحياة الليلية في "بانكوك" يطغى على قدرة المستشفيات، ومرافق الرعاية الصحية.

هشاشة انتعاش قطاع السفر

وقال "جرانت": "إنَّ ردَّة الهند عن مسار التعافي يسلِّط الضوء على مدى هشاشة الانتعاش، وسيتكرر في الأشهر المقبلة، إذ ستجري مثل هذه الأحداث في أماكن أخرى".

وفي حين أنَّ القطاع يمر بأوقات متقلِّبة، فإنَّ العودة كانت قوية للغاية، وستكون قوية مرة أخرى بحسب "بوركو جيريس"، المدير المالي لشركة "تي أيه في هافاليمانلاري هولدينغ أيه إس" المشغِّلة للمطارات في إسطنبول في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ".

لقد امتدت مشكلات الهند بالفعل إلى الأسواق المتصلة بها، فقد تلاشت الآن التجارة المزدهرة للرحلات الجوية إلى جزر المالديف. وحدث الشيء نفسه مع الرحلات المباشرة بدون توقُّف، التي كانت قد أضافتها شركات الطيران الأمريكية، مثل: شركة "يونايتد إيرلاينز هودلينغ"، وشركة "أمريكان إيرلاينز غروب" في وقت سابق قبل تجدد الأزمة.

وقال "لاري كولب"، الرئيس التنفيذي لشركة "جنرال إلكتريك" لصناعة المحرِّكات، يوم الثلاثاء في مقابلة: "ما يحدث في الهند ليس أقل من أزمة إنسانية، ونتابع ذلك ".

أضاف قائلاً: "إنَّها ثاني أكبر مصدر للقيمة لشركة "جنرال إلكتريك"، لذلك لدينا للأسف رؤية جيدة جداً لكلِّ ذلك".

تستخدم شركات الطيران الأمريكية الرحلات الجوية لتحل محل جزء بسيط من الأعمال التجارية الدولية التي فقدتها بسبب تفشي وباء فيروس كورونا. وفي بداية تفشي المرض العام الماضي، علَّقت الهند تطبيق قواعد السفر الدولية المنتظمة التي من شأنها أن تسمح للعديد من المسافرين لمسافات طويلة بتوجيههم عبر محاور ربط، مثل: الدوحة، ودبي.

ضربة لشركات الطيران

لم تكن شركات الطيران الأمريكية فقط هي التي كانت تأمل في استعادة بعض الأعمال التجارية الدولية بمساعدة الهند. وتنافست شركات الطيران الثلاث الكبرى في الخليج العربي، وهي شركة "طيران الإمارات" التي تتخذ من دبي مقرَّاً لها، وشركة "الاتحاد للطيران" ومقرُّها أبوظبي، وشركة "الخطوط الجوية القطرية" في الدوحة، للحصول على حصة سوقية في الهند على مرِّ السنين.

ولكن في أعقاب تفشي المرض في الجولة الأخيرة، أوقفت الإمارات - موطن شركتي "طيران الإمارات"، و"الاتحاد"- الرحلات القادمة من الهند. وفي غضون ذلك، واصلت شركة الخطوط الجوية القطرية رحلاتها، بما يتفق مع استراتيجيتها في استخدام فترة تفشي وباء فيروس كورونا لاكتساب حصة أكبر في السوق، لا سيَّما من منافستها الإماراتية الأكبر.

وقال "جرانت": "سيحبط ذلك تعافيهم بالتأكيد، خاصة أنَّ هذه الأسواق فيها نسبة كبيرة من حركة المرور المحلية، وبالتالي لم تكن تحتاج متطلَّبات سفر معقَّدة مرتبطة".