"إنتل" تتفادى غرامة بمليارات الدولارات حول براءات اختراع

شركة "إنتل" تواجه موجة من الدعاوى القضائية التي تتهمها بانتهاك براءات اختراع لتسريع تصنيع الرقائق
شركة "إنتل" تواجه موجة من الدعاوى القضائية التي تتهمها بانتهاك براءات اختراع لتسريع تصنيع الرقائق المصرد: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نجحت شركة "إنتل" في تفادي دفع غرامة تعويض آخر بمليارات الدولارات، بعدما برأتها هيئة محلفين فيدرالية في تكساس من مزاعم تفيد بأنَّ الشركة تنتهك براءات اختراع كانت مملوكة سابقاً لشركة "إن إكس بي سيمي كوندكتورز" (NXP)؛ إذ تقول الشركة المُدَّعية أنَّ "إنتل" استخدمت هذه الاختراعات لتسريع إنتاج أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها.

ووفقاً لحكم لهيئة التحكيم الفيدرالية في واكو، تكساس، فإنَّ "إنتل" لم تقم بانتهاك براءتي الاختراع المملوكتين حالياً لشركة "في إل إس آي تكنولوجي" (VLSI Technology).

وكان من اللافت للأنظار، أنَّ هذه المحاكمة الأخيرة، قد عقدت في قاعة المحكمة نفسها التي حكمت الشهر الماضي على شركة "إنتل" بدفع غرامة قدرها 2.18 مليار دولار لصالح شركة "في إل إس آي" على أثر اتهامها بانتهاك براءات اختراع أخرى.

موجة من الدعاوى القضائية

وهذه المحاكمة الأخيرة هي الثانية من بين ثلاث محاكمات مرفوعة من قبل شركة "في إل إس آي" ضد شركة "إنتل"، وتعود أسبابها لبراءات الاختراع التي كانت حتى أوائل عام 2019، مملوكةً سابقاً لشركة "إن بي إكس" لصناعة الرقائق الهولندية.

ومن المقرر أن تبدأ المحاكمة الثالثة، أمام قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية "آلان أولبرايت"، في يونيو القادم.

وفي المحاولة الأخيرة، كانت شركة "في إل سي آي" تسعى للحصول على تعويضات بقيمة 3 مليار دولار، مدَّعيةً أنَّ براءات الاختراع هذه كانت بالغة الأهمية، وأنَّ شركة "إنتل" استخدمتها لرفع قدراتها بتصنيع الرقائق بشكل أسرع، وبأقل متطلَّبات من الطاقة.

من جهته، ردَّ المحامي الخاص بشركة "إنتل" على هذه الادعاءات، بأنَّ التعويض المطلوب يزيد بـ 3 آلاف ضعف عن القيمة التي تمَّ تقييم براءات الاختراع عندها، في عملية الاستحواذ السابقة.

ونفت شركة "إنتل" استخدام أي من هذه الاختراعات، مدَّعيةً أنَّ مهندسيها قد أمضوا عقوداً في تطوير الرقائق التي تستخدمها الشركة، بدءاً من أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى الطائرات المقاتلة العسكرية. كما أضافت "إنتل" أيضاً أنَّ براءات الاختراع التي تدَّعي "في إل سي آي" أنَّ "إنتل" استخدمتها، لم تحمل أي أفكار جديدة للصناعة حتى عند إصدارها قبل عقدين من الزمن.

وكانت شركة "في إل سي آي" تسعى للحصول على تعويضات من "إنتل" منذ الأول من شهر مارس لعام 2019، أي قبل رفع الدعوى مباشرةً.

ووفقاً للبيانات التي جمعتها "قانون بلومبرغ"، فإنَّ إحدى براءات الاختراع، الصادرة عام 2002، انتهت صلاحيتها في نوفمبر، في حين صدر الاختراع الآخر في عام 2003، وتنتهي صلاحيته في شهر مايو.

"إنتل" و"أبل" ترفعان دعوى ضد "فورتريس"

وأعلنت شركة "إنتل" عن صافي ربح بلغ 20,9 مليار دولار أمريكي العام الماضي. في حين بلغت إيراداتها 77,9 مليار دولار أمريكي.

ويُذكر أنَّه تمَّ إنشاء شركة "في إل سي آي" في عام 2016 من قِبل مجموعة "فورتريس إنفستمنت غروب"، المملوكة لشركة "سوفت بانك غروب". وذلك وفقاً لمعلومات من دعوى مكافحة الاحتكار التي رفعتها شركة "إنتل"، وشركة "أبل" ضد شركة "فورتريس".

وقالت كلٌّ من شركتي "أبل"، و"إنتل" في الشكوى، التي مازالت معلَّقة في المحكمة الفيدرالية في ولاية كاليفورنيا حتى الآن، أنَّ شركة "فورتريس" قامت بنشر براءات الاختراع في عدد من الدعاوى القضائية ضد أهدافها، دون الأخذ في الاعتبار موضوعية الادعاءات.

وقد قوبلت قضية مكافحة الاحتكار في البداية بالرفض من قِبل قاضٍ فيدرالي، لكنَّ "أبل"، و"إنتل" عادتا، ونقَّحتا الدعاوى، وذلك بعد إصدار حكم تغريم بقيمة 2,18 مليار دولار بأسبوع واحد، بحجة أنَّ المحاكمة ومطالبة شركة "في إل سي آي" بمليارات الدولارات على براءات الاختراع الأخرى هو إثبات على أنشطة شركة "فورتريس" الممانعة للمنافسة. ومن المقرر أن ترد شركة "فورتريس" على هذه الدعاوى بحلول 26 أبريل.

وقد طلب محامي شركة "في إل سي آي"، مورغان تشو، من مكتب "آي ريل آند مانيلا"، هيئة المحلفين بألا تلتفت لهذا الموضوع، وذلك لأنَّ شركة "في إلي إس آي"

لا تمتلك أي منتجات، وإيراداتها المحتملة الوحيدة ستأتي من التقاضي ضد شركة "إنتل".

وقال "تشو" للمحلفين في المرافعات الختامية، إنَّ هذه هي التكنولوجيا التي ظهرت قد غيَّرت الطريقة التي صمَّمت بها شركة "إنتل" رقائقها، وأضاف أنَّه يعلم أنَّ قيمة التعويض كبيرة، لكنَّ شركة "إنتل" هي الشركة المهيمنة التي تبيع هذا المنتج الذي تمَّ الاستيلاء عليه".

رقائق ذات خلفية تاريخية

ويرجع أصل براءات الاختراع للتقنيات المتنازع عليها إلى شركة "سيغما تيل"، التي اشترتها شركة "فري سكيل سيمي كوندكتورز"، مقابل 110 مليون دولار في عام 2008، ثم اشترتها فيما بعد شركة "إن إكس بي" في عام 2010 في صفقة بقيمة 12 مليار دولار.

وخلال صفقة شراء شركة "فري سكيل"، بلغت قيمة الأصول غير الملموسة لشركة "سيغما تيل"، التي تضمَّنت المئات من براءات الاختراع، 7 ملايين دولار، طبقاً لما قاله محامي الشركة، ويليام لي، من مكتب "ويلمر هيل" في بوسطن.

وقال "لي" في المرافعات الختامية، إنَّ شركة "في إل سي آي" قدَّمت مطالبات غير عادلة ولا أساس لها، بما في ذلك مطالبتها بقيمة 3 مليار دولار. وأضاف أنَّه تمَّ تعزيز هذه الادعاءات بواسطة خبير مدفوع الأجر، واصفاً المطالبة بالتعويضات بأنَّها غير منطقية من الناحية الموضوعية.

ومع أنَّ شركة "إن إكس بي" ليست طرفاً في هذه القضية، إلا أنَّ محامي شركة "إنتل"، لي، قال إنَّ "صانع الرقائق سيحصل على جزء من أيِّ تعويض عن الضرر".

ومن جانبها قالت شركة "أيندهوفن"، ومقرّها هولندا، إنَّها لن تعلِّق على الدعاوى القضائية الجارية باعتبارها مسألة تتعلَّق بسياسة الشركة".

"إنتل" تضخ الاستثمارات لدعم التصنيع

وخلال المحاكمة، سلَّط شهود شركة "إنتل" الضوء على تاريخ الشركة الطويل في سانتا كلارا، كاليفورنيا، ودورها في تطوير الرقائق التي تعمل على تشغيل الأجهزة التي غيَّرت جميع جوانب الحياة، وجهودها المبذولة للجيل القادم من الإلكترونيات. ويتعلَّق رهان شركة "إنتل" الجديد بضخِّ 20 مليار دولار على التصنيع في الولايات المتحدة الأمريكية.

وأعلنت الشركة عن إنفاق مليارات الدولارات على المصانع الجديدة، بالإضافة إلى إنشاء شركة لتصنيع الرقائق تعمل لصالح شركات أخرى، في إطار دَفعة قوية لاستعادة ريادتها الصناعية.

وتحظى هذه الخطوة بدعم من إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، التي تدعو إلى دعم تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة للتعامل مع النقص العالمي في رقائق الكمبيوتر الناجم جزئياً عن الوباء، واعتماد العالم على شركتين آسيويتين في هذا المجال فقط.

وفي الإطار ذاته، كانت براءات الاختراع هذه ساحة للتقاضي بين شركة "سيغما إنتل" وشركة تصنيع الرقائق الصينية "أكشنز سيمي كوندكتور كو" أيضاً، ولكن تمَّت تسوية هذه النزاعات في عام 2007. ووفقاً لبيانات "قانون بلومبرغ" فإنَّ الدعوى الأخرى الوحيدة التي تنطوي على براءات الاختراع، هي الدعاوى ضد شركة "إنتل".

والقضية الحالية مرفوعة من شركة "في إل إس آي تكنولوجي" ضد شركة "إنتل"، برقم (21-299)، في المحكمة الجزئية الأمريكية للمنطقة الغربية، واكو، في تكساس.