اللقاحات تنشر الأمل عالمياً وتَعِدُ بصيف أكثر سفراً وانتعاشاً

العالم في انتظار موسم صيف مختلف بعد اللقاح
العالم في انتظار موسم صيف مختلف بعد اللقاح المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

على الرغم من استمرار انتشار جائحة كوفيد-19 في العديد من أنحاء دول العالم، إلا أن الأماكن التي نجحت في تطعيم أكبر قدر ممكن من السكان باللقاح، تخطط للخطوة التالية، والتي تكمن في كيفية السماح للأشخاص بالبدء في السفر مرة أخرى، سواءً لقضاء عطلات على الشاطئ، أو لحضور اجتماعات مجلس الإدارة.

وبحلول الصيف، تهدف دول الاتحاد الأوروبي وغيره من الدول الأخرى، إلى إصدار جوازات سفر اللقاح، والتي تسمح لمن تم تطعيمهم بعبور الحدود البحرية، وإمكانية السفر مرة أخرى. وتتحد بعض الأماكن بما في ذلك، أستراليا ونيوزيلندا، وسنغافورة، وهونغ كونغ معاً لخلق "فقاعات السفر"، والتي تسمح للمواطنين بالزيارة، دون المكوث في الحجر الصحي الإلزامي.

كما تعكف الحكومات حالياً على وضع قوائم باللقاحات والاختبارات، التي تعتبرها فعالة بالحد الكافي الذي يسمح بالدخول للبلاد.

تقوم شركات الطيران بإضافة الرحلات، وملء الجداول الزمنية، تحسباً لزيادة أعداد المسافرين. كما تقوم الفنادق بتهوية الغرف، وإزالة الغبار من على الأثاث، على أمل حدوث انتعاش بسيط ومتواضع على الأقل بعد عامٍ من العمل القليل جداً أو انقطاع العمل تقريباً.

ومن جانبها تقوم المطاعم، التي تمكنت من البقاء والاستمرارية، والتي تعد وجهات ومقاصد الأشخاص في العطلات، بإعادة تخزين المطابخ والبارات مرة أخرى، حيث يبدأ المترددون على المطاعم في العودة إلى طاولاتهم وأماكنهم الخارجية مرة أخرى.

يرى جون ستريكلاند، مالك شركة استشارات الطيران "جيه إل إس كونسلتنغ" في لندن، أن "هناك حالة من التفاؤل برؤية شكل من أشكال السفر هذا الصيف، لا سيما عبر المحيط الأطلسي"، مضيفاً أن "شركات الطيران قامت بالكثير من العمل على جوازات السفر الرقمية والاختبارات، كما أن هناك قوة ضغط كبيرة على الحكومات لبدء نشاط السفر مرة أخرى".

وهذا لا يعني أن الأمور ستعود إلى طبيعتها في أي وقت قريب، حيث تقع الهند في قبضة أسوأ موجة من جائحة كوفيد-19 مقارنةً بأي مكان آخر، إذ يتم الإبلاغ عن حوالي 300 ألف حالة جديدة يومياً. ولا يزال يتعين على عشرات البلاد تلقيح حتى 1% من سكانها، خاصةً في ظل ظهور متغيرات جديدة تهدد بجعل لقاحات اليوم غير فعالة. وفي سياق متصل، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية 80% من دول العالم على قائمة الحظر.

اشتراطات جديدة

يمكن القول أن أي شكل من أشكال "إعادة الفتح" المحتمل قد يتم إبطاؤه وتقنينه من خلال مجموعة من القواعد من قِبل بعض البلدان، التي تسمح للأشخاص الذين لديهم لقاحات معينة فقط بالدخول إليها.

ووفقاً لمسودة القواعد التي اطلعت عليها "بلومبرغ"، يقول الاتحاد الأوروبي، إنه سيضمن الدخول فقط لأولئك الذين لديهم لقاحات معتمدة من قِبل الهيئة الطبية للكتلة والاتحاد، على الرغم من أنه شجع الدول الفردية على قبول أي جرعة معتمدة من منظمة الصحة العالمية.

كما أن الصين ستقبل فقط الأشخاص الذين تم تلقيحهم باللقاحات المُنتجَة من شركات الأدوية التابعة لها، والتي لم تتم الموافقة عليها من أوروبا والولايات المتحدة والعديد من الأماكن الأخرى.

ومع ذلك، تراهن شركات السفر على أن هذا الصيف سيكون بمثابة تحسن كبير مقارنةً بحالة الكساد العام التي سيطرت العام الماضي.

ووفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ إن إيه إف"، تهدف شركات الطيران إلى زيادة سعة الرحلات الدولية بمقدار الثلث في الفترة الممتدة بين شهر أبريل ويوليو، على الرغم من أنها وضعت خططاً لتقليصها مرة أخرى بسبب قيود السفر الجديدة.

وعلى سبيل المثال تضيف شركة "يونايتيد إيرلاينز هولدينغ" (United Airlines Holdings Inc) وجهات موسمية جديدة إلى الأماكن التي من المتوقع أن تكون مفتوحة للسياح الأمريكيين هذا الصيف، بما في ذلك أثينا، ودوبروفنيك، وريكيافيك.

وتتوقع الخطوط الجوية الأمريكية (American Airlines) أن تحلّق طائراتها بمعدل إشغال يتخطى أكثر من 90% من سعة المقاعد المحلية لعام 2019، وبنسبة 80% للمقاعد الدولية هذا الصيف، أي ضعف المعدلات في صيف 2020.

انتعاشة الأسهم

أعطى هذا الاتجاه الإيجابي دفعة للأسهم الخاصة بشركات الطيران، حيث ارتفعت أسهم شركة "داتش لوفتهانزا" بنسبة 5% يوم الاثنين الماضي، بينما ارتفعت أسهم شركة "آي أيه غي" IAG SA المالكة للخطوط الجوية البريطانية بنسبة 4.9%، كما ارتفعت أسهم الخطوط المتحدة بنسبة 1.2% في تعاملات ما قبل السوق.

مع استمرار قلق الركاب من الازدحام بالطائرة، أصبحت مقاعد درجة رجال الأعمال خياراً أكثر شيوعاً لأولئك الذين يقررون السفر بالطائرة، ومع تراجع رحلات العمل خلال العام الماضي، قامت شركات الطيران بتخفيض الأسعار للمقاعد التي توجد في مقدمة الطائرة (درجة رجال الأعمال)، ويختارها المسافرون في كثير من الأحيان، سواء لمميزات المسافة بين المقاعد أو للمشروبات المجانية.

وقال شاي فايس، الرئيس التنفيذي لشركة "فيرجن أتلانتيك إيروايز" (Virgin Atlantic Airways)، علي تلفزيون بلومبرغ، "سنشهد انتعاشاً كبيراً لأسواق الترفيه المتميز"، مضيفاً أن "الناس وفرت الكثير من الأموال".

ارتفع مؤشر أسهم السفر والترفيه الأوروبية أكثر من 22% هذا العام، وسط توقعات بإعادة فتح الاقتصادات مرة أخرى. ومع ذلك، فإن حركة المرور ليست قريبة من المستويات العادية في أي مكان، وقد وسعت المجموعة الرئيسية في صناعة الطيران تقديراتها للخسائر هذا العام بنحو الربع تقريباً، مستشهدة بطفرة انتشار حالات كوفيد-19.

تخفيف القيود

يتمثل أحد المخاوف الأساسية في وجود طوابير انتظار طويلة على الحدود بسبب عمليات الفحص الصارمة للوثائق التي يجب معالجتها من قِبل الضباط، لذلك لا يمكن للمسافرين القادمين استخدام البوابات الإلكترونية التي تم تركيبها في السنوات الأخيرة.

ويعمل مطار "هيثرو" بلندن في طوابير مكاتب الهجرة لما يصل إلى ست ساعات، ويقول إنه تم استدعاء الشرطة لتهدئة المسافرين الغاضبين من فترات الانتظار الطويلة.

بحلول شهر مايو، من المقرر أن تعلن المملكة المتحدة عن ما يُسمى "بالقائمة الخضراء" للبلدان، والتي سيسمح لمواطنيها بالدخول إلى البلاد مع متطلبات أقل صرامة للحجر الصحي واختبار كوفيد-19. وكانت شركات الطيران تضغط من أجل إدراج الولايات المتحدة الأمريكية ضمن هذه القائمة، وتناقش حكومتا البلدين إنشاء ممر سفر محتمل من شأنه تخفيف القيود على الزوار.

على الرغم من أن التفاصيل لا تزال قيد التفاوض، إلا أن الاتحاد الأوروبي يهدف إلى إدخال "تصاريح خاصة للقاح" تهدف إلى تسهيل السفر بحلول شهر يونيو.

وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، لصحيفة "نيويورك تايمز" إن الاتحاد الأوروبي يخطط لفتح أبوابه أمام السياح الأمريكيين الذين تم تطعيمهم بالكامل.

شهادات رقمية

أما بالنسبة للسفر بين دول الاتحاد الأوروبي، ستصدر الدول الأعضاء "شهادات خضراء رقمية" تهدف إلى إثبات ما إذا كان حامليها قد تم تطعيمهم أو قد خضعوا مؤخراً لاختبار سلبي لكوفيد-19 أو تعافوا من فيروس كورونا. وقد تقبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شهادات التطعيم الصادرة عن دول خارج الاتحاد الأوروبي.

تسمح اليابان، على سبيل المثال، للمقيمين في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والإمارات العربية المتحدة، وإسرائيل، وصربيا بالزيارة دون المكوث في الحجر الصحي إذا كان بإمكانهم إثبات حصولهم على أي من اللقاحات التسعة على الأقل.

ويحذر سام فاضلي، المحلل في "بلومبرغ إنتيليجنس"، من أي أنظمة يتم تنفيذها، حيث يجب أن تكون آمنة بما يكفي لتجنب عمليات الاحتيال. والأهم من ذلك، أن السفر المتزايد سيتطلب وجود قواعد مخففة من البلدان التي سيتم السفر منها وإليها، بالإضافة إلى بعض محطات التوقف الوسيطة.

وقال فاضلي لتليفزيون "بلومبرغ": " قد تسعد المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بفتح حدودهما أمام الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل من الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن يجب أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية سعيدة بسفر مواطنيها إلى أوروبا".