محطات شحن السيارات الكهربائية تتوسع في أمريكا لكن الأرباح لا تزال بعيدة المنال

شركات شحن السيارات الكهربائية لا تزال تبحث عن كيفية تحقيق الأرباح
شركات شحن السيارات الكهربائية لا تزال تبحث عن كيفية تحقيق الأرباح المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتطلب خطة الرئيس جو بايدن لإبعاد أصحاب السيارات في الولايات المتحدة عن الوقود الأحفوري استثمارات ضخمة في محطات الشحن العامة لإشعال ثورة السيارات الكهربائية. ولكن حتى الآن، لم تكتشف أي شركة من الشركات التي تنشر المحطات كيفية تحقيق ربح من أنشطتها.

تتلخص المعضلة في الطلب، وهناك معضلة من أولاً، الدجاجة أم البيضة؟. يشحن معظم سائقي السيارات الكهربائية سياراتهم في المنزل، لذا فإن العديد من محطات الشحن العامة لا تُستخدم كثيراً.

لكن الكثير من الناس الذين ما زالوا يقودون سيارات تعمل بالبنزين لن يفكروا في استخدام الكهرباء حتى يروا محطات الشحن منتشرة على نطاق واسع، خوفاً من نفاد الطاقة على الطريق.

تفاؤل بخطط بايدن

يتكدس المضاربون في هذه الصناعة، بما يحملون من قناعات بأن أوقات الازدهار وشيكة، بينما يحذِّر البائعون على المكشوف وغيرهم من المشككين من أن بعض هذه الشركات ستنطلق قبل وقت طويل من اكتشاف كيفية جني الأموال.

تغذي خطة بايدن لإنفاق 15 مليار دولار للمساعدة في إنشاء 500 ألف محطة عامة إضافية بحلول عام 2030 التفاؤل، حيث يتدفق المستثمرون على شركات شحن السيارات الكهربائية منذ انتخابه.

ويكمن الخطر في أن أوائل المتحركين سيتضررون بشدة، ما قد يؤدي إلى توتر أسواق رأس المال في الصناعة لسنوات قادمة.

قال كريس نيلدر، الذي درس اقتصاديات الشحن لصالح معهد "آر إم آي" لأبحاث الطاقة: "سيتطلب الأمر بالتأكيد سنوات من الاستثمار قبل أن يحصلوا على أي عائد".

الأرباح قادمة في المستقبل

يحمل "نيلدر" يقيناً بأن شحن السيارات الكهربائية سيكون مربحاً في النهاية. ولكن توقيت الوصول إلى نقطة التحول هذه، يعد من بين أكبر الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات بالنسبة لشركات الشحن.

وبعد عقد من وجودها، لا تزال هذه الصناعة تبحث عن نموذج أعمال ناجح. حقق اثنان من أكثر الأسماء شهرة، وهما "بلينك تشارجينغ"، و"بيم غلوبال" أقل من 10 ملايين دولار من العائدات في العام الماضي.

لم يمنع ذلك المستثمرين من رفع أسهم "بلينك" بأكثر من 500% بعد فوز بايدن في نوفمبر، ورغم أنها حلت بعيداً عن الشركات الأعلى تقييماً في السوق، إلا أنها لا تزال تساوي أكثر من 1.6 مليار دولار. وقفزت "بيم" بأكثر من 300%، رغم أنها فقدت حوالي نصف قيمتها هذا العام.

تم طرح "تشارج بوينت هولدينغز"، أكبر شركة أمريكية، للاكتتاب العام من خلال شركة استحواذ للأغراض الخاصة، ومن المتوقع أن تحذو حذوها شركات أخرى مثل "إي في غو سيرفسيز"، و"فولتا إندستريز".

لطالما كان تزويد السيارات والشاحنات بالوقود عملاً منخفض الربح، حيث تجني محطات البنزين الكثير من أموالها من بيع الوجبات الخفيفة والقهوة والسجائر.

ويصبح العمل أكثر صعوبة عندما يتعلق الأمر بالمركبات الكهربائية. يقوم السائقون بأغلب عمليات الشحن في المنزل ما لم يكونوا يعيشون في مدن كثيفة مثل نيويورك أو سان فرانسيسكو، حيث يمثل المرآب الخاص بهم محطة وقودهم.

ونادراً ما يستخدمون أجهزة الشحن العامة، حيث تقدم معظم المركبات نطاقاً أكثر من كافٍ لإكمال المهام اليومية دون الحاجة إلى إعادة الشحن.

تقدر وزارة الطاقة الأمريكية أن 80% من شحن المركبات الكهربائية يحدث في المنزل.

ونجد أن طبيعة استخدام أماكن مواقع للشحن كمواقف للسيارات من المشاكل الأخرى المزعجة. فإن أوقفت إحدى العميلات سياراتها في مجمع سيارات المبنى الذي تقطن فيه عند الساعة 9 مساءً، ووضعتها للشحن لشراء ما قيمته بضعة دولارات من الكهرباء، فإنها غالباً ما ستترك سيارتها هناك حتى الذهاب إلى العمل في اليوم التالي. وعندها لا يمكن لأي شخص آخر استخدام هذا الشاحن لمدة 10 ساعات قادمة، بغض النظر عن وقت انتهاء شحن سيارتها.

انتشار السيارات الكهربائية لا يزال ضعيفاً

ثم إن هناك عدد قليلاً نسبياً من المركبات الكهربائية فقد اشترى الأمريكيون 259 ألف سيارة كهربائية جديدة في العام الماضي، وهو رقم قياسي وفقاً لبلومبرغ إن إي إف، لكنه لا يزال لا يمثل إلا 2% فقط من إجمالي مبيعات السيارات والشاحنات.

صنعت "تسلا" 79% من بين تلك السيارات الكهربائية الجديدة، والتي تمتلك شبكتها الخاصة من "محطات الشحن الفائقة" التي لا يمكن لأي سيارة كهربائية أخرى استخدامها.

قال رايان فيشر، محلل بلومبرغ إن إي إف:"إن سائقي "تسلا" متصلون بشبكة تسلا. فأين هو الطلب على التوصيل بالشبكات الأخرى؟ إنه غير موجود".

تأمل إدارة بايدن أن تتمكن من تعزيز بعض هذا الطلب من خلال الإنفاق المقترح، وهو جزء من خطة البنية التحتية الخاصة بها المعروضة الآن على الكونغرس.

وستذهب بعض الأموال نحو المنح وبرامج الحوافز لتركيب أجهزة الشحن، وفقاً لورقة قدمها البيت الأبيض، وسيذهب البعض الآخر نحو البحث في خفض تكلفة أجهزة الشحن نفسها.

البحث عن نموذج للأرباح

تعمل شركات الشحن على التموضع لتحقيق الربحية بطرق مختلفة، فمثلا تبيع "تشارج بوينت" المحطات وتقدم درجات مختلفة من الدعم التشغيلي، ولكنها لا تحصل على أموال من الشحن نفسه. قد يكون العميل النموذجي شركة "سيليكون فالي" التي تقدم لموظفيها شحناً مجانياً في العمل كميزة. تستمر "تشارج بوينت" في تقاضي أجورها حتى في حال الاستخدام البسيط لمحطة معينة.

قال باسكوال رومانو، كبير المديرين التنفيذيين لشركة "تشارج بوينت" في مقابلة معه: "لا أريد عملاء من السائقين، لأنني أعتقد أنني سأموت جوعاً حينها. ليس هناك عائد مالي كثير في الكهرباء".

بينما تمتلك شركات أخرى، مثل "إي في غو"، أجهزة الشحن التي تنشرها وتكسب المال في كل مرة يتم استخدامها فيها.

في هذه الأثناء، تسلك "بلينك" كلا النهجين في وقت واحد. تفضل الشركة امتلاك وتشغيل أكبر عدد ممكن من محطاتها، ولكن إذا أراد مالك العقار شراء أجهزة الشحن من "بلينك" مباشرة، فلا بأس أيضاً.

تكمن الأولوية الأكبر في إشغال المواقع الجيدة في المناطق ذات الطلب المرتفع، وفقًا لما قاله كبير المديرين التنفيذيين مايكل فاركاس.

قال فاركاس في مقابلة معه: "إنه استيلاء على الأرض في الوقت الحالي. بالنسبة لنا، يتعلق الأمر بالحصول على أكبر عدد ممكن من المواقع، وسنتعامل مع الربحية لاحقاً".

أفكار مبتكرة

تعتزم "فولتا إندستريز"، التي تخطط للطرح للاكتتاب العام في صفقة مع شركة استحواذ لأغراض خاصة، هذا العام، إضافة الإعلانات إلى مجموعة الخدمات. تأتي شواحنها مع شاشات رقمية بحجم 55 بوصة. يمكن لمتجر البقالة وضع أجهزة الشحن في ساحة انتظار السيارات الخاصة به وغمر العملاء بإعلانات لمنتجات معينة بالداخل.

تقدم "بيم غلوبال" (Beam Global) وحدة قائمة بذاتها مع مظلة من الخلايا الشمسية تعمل ببطارية وشاحن. لا يتطلب الأمر إجراء حفريات في مواقف السيارات لتركيب خط كهرباء.

وقال كبير المديرين التنفيذيين ديزموند ويتلي في مقابلة معه: "يمكنك إخبار العالم بأنك تقود سيارتك في ضوء الشمس مجاناً".

هناك سبب وجيه يجعل شركة "بيم" تركز على التثبيت السهل والطاقة المولدة ذاتياً. إذ يمكن أن يكون الوقت والتكلفة اللازمين لتركيب محطة شحن متصلة بالشبكة كبيراً، وغالباً ما يتضمن ذلك تصاريح البناء والتوصيل بالمرفق المحلي.

يمكن أن يتراوح ثمن المعدات نفسها أقل من 2000 دولار لشاحن أساسي بطيء إلى أكثر من 100 ألف دولار لأقوى الموديلات، وفقاً لبلومبرغ إن إي إف.

يجب أن تؤدي زيادة الإنتاج إلى خفض تكاليف الأجهزة، ولكن في الوقت الحالي، يعد هذا سبباً آخر لبعض الشركات التي تكافح من أجل جني الأرباح.

وقال كولين روش، كبير المحللين الذي يغطي الصناعة في شركة "أوبنهايمر وشركاه": "ما زال الوقت مبكراً، كما هو الحال مع أي صناعة في مراحلها الأولى، يجب أن نمنحها بعض الوقت، حتى تصل إلى نطاق واسع".