التنازل عن براءات اختراع لقاح لن يكون الدواء الفعال

قوارير لقاح كورونا من أسترازينيكا في ثلاجة بمركز الصحة العامة بمنطقة Nowon في سيول ، كوريا الجنوبية
قوارير لقاح كورونا من أسترازينيكا في ثلاجة بمركز الصحة العامة بمنطقة Nowon في سيول ، كوريا الجنوبية المصدر: بلومبرغ
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مع وفاة المرضى في الهند في الشوارع وعدم قدرة محارق الجثث على الوفاء بالطلب الهائل عليها للاستخدام، يتزايد الضغط على الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى للتنازل عن براءات الاختراع، حتى يتمكن أي شخص في أي مكان من إنتاج لقاحات فيروس كوفيد-19. ليس هناك شك في أن تعزيز التصنيع العالمي وتوزيع اللقاحات يجب أن يكون أولوية قصوى، ولكن الجدل حول حقوق الملكية الفكرية يفتقد إلى نقطة حاسمة، وهي أن التنازلات عن هذه الحقوق، في حد ذاتها، لن تنجز المهمة.

حقوق الملكية الفكرية

وستحتل هذه القضية مركز الصدارة في اجتماعات منظمة التجارة العالمية المنتظرة الأسبوع. وتطالب الهند وجنوب أفريقيا، وأكثر من 50 دولة أخرى بتنازل مؤقت عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات وعلاجات فيروس كوفيد-19. ويقولون، إن الدول الغنية حاصرت وصول إمدادات اللقاح إلى السوق، بينما أجرت عملية تطعيم لسكانها بمعدل 25 مرة أسرع من البلدان الفقيرة، ورفضت توزيع المخزونات لديها من اللقاح حتى يجري تلبية احتياجاتها الخاصة.

وفي الوقت نفسه، فإن الهند، التي أجرت عملية تطعيم بنسبة 2 % فقط من سكانها بشكل كامل، تسجل أرقاما قياسية عالمية، حيث وصلت حالات الإصابة الجديدة إلى 400 ألف حالة يومياً.

يعتبر سد هذه الفجوة واجب أخلاقي، كما أنه يصب في مصلحة الجميع، حيث إن انتشار فيروس كورونا المتحور المتسبب في ارتفاع الإصابات في الهند وصل بالفعل إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأماكن أخرى. وستظهر طفرات أخرى، إذا لم تتم السيطرة على وباء فيروس كورونا.

تكمن المشكلة في أن مجرد السماح لصانعي الأدوية الآخرين بإنتاج لقاحات كوفيد-19، لا يعني أنهم يستطيعون ذلك. حتى لو كانوا قادرين على تحليل هندسة وفهم تقنيات إنتاج اللقاحات، وهو أمر غير مرجح، خاصة بالنسبة لتقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال ( mRNA) الأحدث، فإنهم لا يزالون يفتقرون إلى الموظفين والتكنولوجيا المتخصصة والمدخلات الهامة وتقنيات التصنيع لإنتاجها على نطاق واسع.

ويتمثل التحدي الحقيقي في حث وتمكين صانعي اللقاحات مثل شركة "فايزر إنك" وشركة "موديرنا إنك" وشركة "جونسون آند جونسون" وغيرهم لتوسيع إنتاجهم الخاص أو الشراكة مع الآخرين، وإعطاء الترخيص باستخدام تقنيتهم ​​ونشر النطاق الكامل للمعرفة الداعمة لتصنيع اللقاح.

كلا النهجين ليس أمراً سهلاً، فسواء كمنتجين أو كشركاء مع الآخرين، فإن المطورين الرئيسيين يعانون بالفعل من ضغوط شديدة، وهم مهتمون بحق بشأن الحفاظ على مراقبة الجودة. كما أن المدخلات الرئيسية محدودة الإمدادات، وسيستغرق الأمر شهوراً، في أحسن الأحوال، لتجهيز وتشغيل مرافق جديدة. يقول المصنعون، إنهم سيصنعون 12 مليار جرعة هذا العام. وقد يتساءلون عما إذا كان الطلب سيعوض الاستثمار الإضافي.

عملية السرعة القصوى

الشيء الرئيسي، هو أن حقوق الملكية ليس عنق الزجاجة الوحيد، أو حتى العقبة المركزية، حيث تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى العمل كشركاء مع الشركات لإزالة جميع العوائق الأخرى، التي تحول دون زيادة الإنتاج والتوزيع، من خلال ابتكار مكافئ عالمي لـ"عملية السرعة القصوى" أو Operation Warp" Speed" (هي شراكة بين القطاعين العام والخاص أطلقتها الحكومة الأمريكية لتسهيل وتسريع تطوير وتصنيع وتوزيع لقاحات فيروس كوفيد 19 وعلاجاته ووسائله التشخيصية في أوائل أبريل عام 2020، بعد اجتماع مع المديرين التنفيذيين للقطاع في البيت الأبيض في 2 مارس 2020).

يجب أن يكون الدعم المالي السخي للمطورين الرئيسيين لتوسيع إنتاجهم وتوزيعهم في البلدان منخفضة الدخل هو الخط الأول للهجوم. ولكن غالباً ما تكون أسرع طريقة للتوسع هي إعادة توظيف المصانع الحالية للشركات الأخرى، بموجب ترخيص وتحت إشراف المطورين الرئيسيين. وسيستغرق بناء مرافق جديدة بالكامل وقتاً أطول.

يتعين على حكومات الدول الغنية أن تُسرّع مثل هذه الترتيبات ليس فقط من خلال الدعم المالي، ولكن أيضاً من خلال التخفيف في العديد من النقاط الأخرى المعرقلة ذات الصلة. ويجب أن يساعدوا في العثور على شركاء التصنيع المحتملين في العالم النامي وبذل العناية الواجبة لذلك، وتوفير التمويل لإعادة تجهيز المنشآت والموظفين، كما اتفقت الولايات المتحدة واليابان بالفعل على القيام به في الهند والاستثمار في المصانع لإنتاج المدخلات الرئيسية وضمان تدفقها بحرية إلى حيث تشتد الحاجة إليها، والمساعدة في التفاوض على العقود، وضمان وجود طلب كاف للمصنعين، وتخفيف مخاوف المسؤولية والعمل على تسريع الموافقات التنظيمية، ودعم توسيع قدرة التوزيع في البلدان منخفضة الدخل، والتي يجد الكثير منها صعوبة في تنفيذ عمليات التطعيم حتى عندما يكون لديهم اللقاحات متوفرة.

يمكن اتخاذ خطوة واحدة على الفور. ونرحب بقرار إدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن بإرسال إمدادات مهمة لصنع اللقاحات إلى الهند، ووعدها بحصة بالملايين من جرعات اللقاح من شركة "أسترازينكا بي إل سي". الآن، يجب أن تطور بسرعة خطة لمشاركة جزء من أكثر من 300 مليون جرعة إضافية ستحصل عليها هذا العام، كما ينبغي للدول الغنية الأخرى التي طلبت لقاحات أكثر مما تحتاج أن تفعل ذلك.

سيستغرق توفير نطاق كامل للدعم الضروري وقتاً والتزاماً ومالاً. وإذا نجحت الجهود، سيجري إنقاذ أرواح لا تعد ولا تحصى. وتجدر الإشارة إلى أنه إذا أسفر ذلك عن نظام عالمي أقوى لتصنيع اللقاح وتوزيعه، فإن البرنامج سيؤتي ثماره، ليس فقط هذه المرة، ولكن في الجائحة التالية أيضاً.