فوائد شهادات إثبات التطعيم تؤكد ضرورة التوافق على جواز سفر اللقاح

أول بطاقة إلكترونية لإثبات تلقّى اللقاح في الولايات المتحدة، ولكنها ليست الأخيرة بالتأكيد
أول بطاقة إلكترونية لإثبات تلقّى اللقاح في الولايات المتحدة، ولكنها ليست الأخيرة بالتأكيد المصدر: بلومبرغ
Joe Nocera
Joe Nocera

Joe Nocera is a Bloomberg Opinion columnist covering business. He has written business columns for Esquire, GQ and the New York Times, and is the former editorial director of Fortune. His latest project is the Bloomberg-Wondery podcast "The Shrink Next Door."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قبل بضعة أيام، قمت بتحميل جواز سفر اللقاح الخاص بي إلكترونياً، وبالطبع، لم يُطلق عليه جواز سفر اللقاح، بل يسمي بـ "بطاقة إكسلسيور" (Excelsior Pass) وصدر عن ولاية نيويورك.

بالإضافة إلى كونه يؤكد أنني تلقيت جرعات اللقاح بالكامل، فإنه يحتوي على رمز استجابة سريعة يمكّن مفتشي التذاكر من إجراء مسحة ضوئية عليها، في حال ذهابي إلى ملعب "ماديسون سكوير غاردن" لرؤية فريق كرة السلة الصاعد "نيويورك نيكس" أو استاد يانكي لمشاهدة فريق كرة القدم المتعثر "نيويورك يانكيز".

بوسع هذه البطاقة أيضا، إيضاح المرة الأخيرة التي خضع فيها حاملها لاختبار كورونا وكانت نتائجه سلبية، فضلاً عن توفير المزيد من المعلومات المتعلقة بهذا الشأن في ثوانٍ معدودة.

الأولى ولكنها ليست الأخيرة

وتعد "بطاقة إكسلسيور"، التي طورتها شركة "آي بي إم"، أول إثبات تطعيم تصدره الحكومة في الولايات المتحدة، لكنه لن يكون الأخير. فهناك 17 نوعاً آخر من الإثباتات التي يجري العمل عليها في الولايات المتحدة فقط.

في وسائل الإعلام، وبين المسؤولين الحكوميين، تشكل جوازات سفر اللقاح موضوع نقاش وجدل. فقد شجبها النقاد والسياسيون اليمينيون باعتبارها تهديداً للحرية الشخصية، تماماً مثل الأقنعة الطبية. كما يشعر العديد من الليبراليين بالقلق تجاه زيادة تفاقم "التفاوت الوبائي"، نظراً لانخفاض معدل التطعيم بين الفقراء. وكان البيت الأبيض قد أعلن، في بداية أبريل، بأنه لن يُطلب من الأمريكيين "الحصول على وثيقة كدليل على الحصول على اللقاح".

ومن ناحية أخرى، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، في أواخر مارس، أن وزارة الصحة والخدمات البشرية في الولايات المتحدة "تعمل على تطوير طريقة معيارية للتعامل مع تلك الشهادات. وتلك الشهادات من شأنها السماح للأمريكيين بإثبات تلقيهم للقاح كورونا، بينما تحاول الشركات إعادة فتح أبوابها للعمل.

السبيل الوحيد للعودة

في إحاطة إعلامية حديثة للبيت الأبيض عن الوباء، قال جيف زينتس، منسق التعامل مع الجائحة في إدارة الرئيس جو بايدن، إن هدف الإدارة الأمريكية هو "ضمان أن يكون أي حل في هذا المجال بسيطاً ومجانياً ومتوفراً، وأن يكون في متناول الناس رقمياً وعلى الورق على حد سواء. وكذلك أن يكون مصمماً من البداية لحماية خصوصية الأفراد".

هذا الأمر يشير إلى أن الإدارة لا تبدو وكأنها تعارض فكرة جوازات سفر اللقاح، وبالفعل فهي ليست كذلك. فقد لا يكون هناك جواز سفر وطني واحد، لكن الولايات، والقطاع الخاص يطورون عددا من تطبيقات التصديق على تلقي اللقاح.

بصرف النظر عما يطلق على هذه الوثيقة أو "التطبيق" من تسمية، ومهما كانت شدة المعارضة لها. فإن جوازات سفر اللقاح ستكون حتمية بالفعل، للعودة إلى أوضاع أشبه بالطبيعية.

على سبيل المثال، فإن الجامعات ستحتاج إليها قريباً. إذ تُطالب عشرات الجامعات بالفعل بتلقيح كافة الطلاب الوافدين لفصل الخريف الدراسي لعام 2021. فالجامعات الصغيرة مثل "جامعة روجر ويليامز ببريستول" و"جامعة رود آيلاند"، وكذلك المؤسسات الكبيرة مثل "جامعة ديوك"، تُطالب بذلك.

وبالنسبة لنظام "جامعة ولاية كاليفورنيا"، فهو لا يتطلب تلقيح الطلاب فقط، بل أعضاء هيئة التدريس والموظفين أيضاً. وذلك بمجرد أن تمنح إدارة الغذاء والدواء الموافقة الكاملة على اللقاحات، عوضاً عن استخدام نظام التفويض الطارئ الحالي.

برغم إعلان المزيد من المدارس لإخضاع الطلاب للتطعيم الإلزامي، إلا أن الغالبية العظمى من الجامعات ستحتاج على الأرجح إلى وجود إثبات يشير إلى أن الطلاب تلقوا اللقاح، بحلول سبتمبر.

بالنظر إلى أن الجامعات كانت مصدراً رئيسياً للعدوى، حيث ظهرت بها 535 ألف حالة إصابة بالوباء، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فلا غرابة في رغبة المسؤولين في الجهات التعليمية في مختلف أنحاء البلاد في استقطاب هيئة طلابية مُلقحة.

أخبرني بريان كلارك، المتحدث باسم "جامعة براون"، أنه لم يكن هناك سوى قدر بالغ الضآلة من المعارضة. وكتب في رسالة بريد إلكتروني: "معظم من في الحرم الجامعي يدركون أنه كلما أسرعنا في تلقيح الغالبية العظمى من مجتمعنا، كلما عدنا بشكل أسرع إلى الحرم الجامعي الأكثر تقليدية".

السفر بدون قيود

من المؤكد أن الأمريكيين الراغبين في العطلة الأوروبية التي طال انتظارها سيحتاجون لجوازات سفر اللقاح.

فقبل بضعة أيام فقط، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن الأمريكيين ستكون لديهم الحرية في السفر إلى أي من دول الاتحاد الأوروبي، نظراً لاستخدام الولايات المتحدة للقاحات التي وافقت عليها وكالة الأدوية الأوروبية. لكن للقيام بذلك، سيتعين عليهم إثبات تلقي أحد اللقاحات، سواء كان "فايزر" أو "موديرنا" أو "جونسون آند جونسون".

وأشار مقال صحيفة "نيويورك تايمز" إلى استمرار المناقشات التقنية لعدة أسابيع بين مسؤولي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وكانت النقاشات تدور حول كيفية جعل شهادات اللقاح من كل مكان معترف بها عملياً وتقنياً على نطاق واسع ليستخدمها المواطنون في السفر دون قيود.

لا مفر من اضطرار شركات الطيران لفرض شرط للحصول على شهادة اللقاح التي تفرضها الدول الأوروبية. وهذا يعني أن العديد من الرحلات الدولية ستقتصر على أولئك الذين تلقوا اللقاح مع إمكانية إثبات ذلك.

واستكمالاً، ترغب الرياضات الاحترافية في استخدام جوازات اللقاح، خاصة بمجرد السماح لهم بالعودة إلى ممارسة رياضاتهم. وكذلك أماكن الحفلات وخطوط الرحلات البحرية أيضاً، ففي أي مكان تقريباً يكون هناك الأشخاص على اتصال وثيق، تبرز الحاجة لهذه الشهادات.

لا تشكل جوازات اللقاح ناقوس خطر يهدد الحرية كما يشير المعارضون. ويذكرنا الأمر بمقاومة الكثيرين لبعض متطلبات السلامة الإلزامية في البداية، مثل أحزمة مقعد السيارة وخوذات الدراجات النارية في بعض الولايات.

كتب دونالد ج. ماكنيل جونيور، المراسل المعني بشئون الجائحة السابق لدى "نيويورك تايمز"، مؤخراً: "الجميع سئم من الأقنعة، لذا فإن اللقاح سيكون الطريقة الوحيدة التي ستضع حداً لها. ونحن بحاجة لمعرفة من الذي تم تطعيمه".

الاختبارات المتكررة كبديل ومُحفز

كما ذكرت سابقاً، لا يُظهر تطبيق "بطاقة إكسلسيور"، الذي قمت بتحميله، أنني تلقيت اللقاح فحسب، بل يمكنه أيضاً تتبع اختبارات "كوفيد-19" الخاصة بي. وحتى الآن، تسمح الأماكن، مثل ملعب يانكي، لمن لم يتلقوا اللقاح بالدخول طالما أنهم قادرين على إثبات نتائج سلبية لاختبارات كورونا (PCR) خلال الـ 72 ساعة السابقة للدخول. وأظن أن معظم الأماكن الأخرى ستتبع إجراءات مماثلة.

بالتالي، فإن الأشخاص الذين يعترضون على لقاح كورونا لا يمكنهم الشكوى من التعرض للتمييز. ويمكنهم أيضاً الذهاب لحضور المباريات أو الحفلات الموسيقية والجلوس بجانب أولئك الملقحين.

ربما يكون السماح بخضوع الناس للاختبار بدلاً من التطعيم يوفر أيضاً حافزاً للتطعيم الكامل. فتخيّل أن تكون شخصاً غير محصن، لكنك تحمل تذكرة موسمية لكافة مباريات فريق "يانكيز"، وستحتاج بذلك لإجراء اختبار كورونا قبل أيام قليلة من معظم المباريات. ومن ناحية أخرى، فإن الحصول على اللقاح يعني عدم الاضطرار إلى إجراء الاختبار مرة أخرى. وهكذا يصبح شرط اختبار كورونا بمثابة "دفعة"، كما يحب الاقتصاديون السلوكيون تسميته، لتشجيع الحصول على اللقاح.

يقول ريتشارد ثالر، الخبير الاقتصادي السلوكي بـ"جامعة شيكاغو" والحائز على جائزة نوبل، إن جوازات اللقاح لابد وأن تبدو وكأنها "ميزة إضافية لأولئك الذين تلقوا اللقاح"، ما قد يغري أولئك الأكثر تردداً في الحصول على جرعاتهم الخاصة من اللقاح أيضاً.

ليس هناك أي جدوى من الجدال ضد جوازات اللقاح، فهي ببساطة مفيدة للغاية بشكل يصعب تجاهله. وبمجرد استخدامها في السفر إلى أوروبا والفعاليات المكتظة بالناس، فإن الاعتراضات السياسية لمنتقدي الفكرة، مثل حاكم ولاية تكساس جريج أبوت وحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، ستتلاشى على الأرجح.

فقط تخيل المرور عبر الجمارك في باريس وإخراج هاتفك ومشاهدة مسؤول الجمارك بينما يمسح جواز سفر اللقاح الخاص بك، ثم يلوح لك بيديه لتُكمل طريقك. من المؤكد أنه سيكون شعوراً جيداً، مثل شعورك عند الحصول على اللقاح.