أكبر شركة مجوهرات في العالم تتخلى عن ألماس المناجم.. لماذا؟

قطعة مجوهرات من شركة "باندورا" تستخدم ألماسا مصنّعا في المخبر
قطعة مجوهرات من شركة "باندورا" تستخدم ألماسا مصنّعا في المخبر المصدر: شركة "باندورا"
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أعلنت شركة "باندورا" التي تصنع قطع مجوهرات أكثر من أي شركة أخرى في العالم، عزمها التوقف عن استخدام الألماس المستخرج من المناجم. ويأتي ذلك في إطار استراتيجية الشركة للتخلي عن المواد الخام المرتبطة بطرق الإنتاج المسيئة للبشرية.

فعلى الرغم من محاولات الإصلاح المستمرة منذ عقود، لا تزال تشوب سوق المجوهرات العالمي شبهات حول انتهاكات لحقوق الإنسان ترتكب في المناجم والمعامل. وكانت شركة "تيفاني" للمجوهرات قد سعت لمعالجة هذه المخاوف، وبدأت في العام الماضي بتزويد عملائها بتفاصيل تخص كل قطعة ألماس يتم الحصول عليها حديثاً كي يتمكنوا من تتبع مسارها حتى المنجم.

معايير الاستدامة

أعلنت "باندورا" والتي يقع مقرّها في كوبنهاغن، أنها من الآن وصاعداً لن تستخدم إلا الألماس المصنّع في المختبرات. وتستعد الشركة لطرح مجموعتها الأولى المصممة من الألماس المصنوع في المختبر في المملكة المتحدة، على أن تتجه نحو الأسواق الأخرى في عام 2022.

وعلى الرغم من أن الألماس لا يشكل إلا جزءاً صغيراً من مبيعات "باندورا"، إلا أن هذه الخطوة تعكس الطلب المتنامي على تحقيق معايير الاستدامة في الأسواق بشكل عام. وذلك في وقت يواجه فيه قطاع المجوهرات منافسة شرسة من السلع الفاخرة الأخرى مثل السفر وأجهزة الـ"آيفون"، بالأخص لدى فئة الشباب.

وشهدت السنوات الماضية ظهور عدد كبير من صانعي الألماس في المختبرات وبائعي التجزئة، والذين عملوا على تقديم أحجار كريمة بأسعار أقلّ، ولا تصبغها الشبهات الأخلاقية والبيئية التي تحوم حول الألماس المستخرج من المناجم.

وتراجعت مبيعات الألماس بنسبة 15% في عام 2020 نتيجة الإغلاقات الناجمة عن فيروس كورونا والقيود على السفر والمخاوف الاقتصادية. وذلك بحسب تقرير بحثي صادر عن "مركز أنتويرب العالمي للألماس" وشركة "باين أند كو". كذلك، تراجع إنتاج الألماس الخام بنسبة 20% في عام 2020 وانخفض سعره بنسبة 11%.

لكن مبيعات الألماس وأسعاره عادت لتتحسن هذا العام، حيث بلغت قيمة الألماس الخام الذي باعته شركة "دي بيرز" أكثر من 1.6 مليار دولار، وهو الرقم الأعلى الذي يسجل منذ عام 2018. وبحسب "بيرز"، أكبر شركة ألماس في العالم، فإن فئة الشباب لا تزال وفية للأحجار المستخرجة من المناجم والتي تشكل ثلثيْ الطلب العالمي.

مجوهرات صديقة للبيئة

ويتم تكوين ألماس "باندورا" المصنّع في المختبر من الكربون، وهو يستخدم الطاقة المتجددة بمعدل أكثر من 60%، ومن المقرر أن يرتفع هذا المعدل إلى 100% في العام المقبل. ويأتي قرار التخلي عن الألماس المستخرج من المناجم بعد أقل من عام على تعهد "باندورا" بالتوقف عن استخدام الذهب والفضة المستخرجين حديثاً من المناجم في صناعة مجوهراتها. وأعلنت الشركة أنه بحلول عام 2025، سوف يعتمد كامل إنتاجها حصراً على معادن نفيسة معاد تدويرها لضمان أن تصبح عملياتها محايدة للكربون في غضون أربع سنوات.

بحسب تقرير "باين"، فإن سوق الأحجار الكريمة المصنوعة في المختبرات يشهد نمواً بمعدلات عشرية، حيث يبحث العملاء الشباب بشكل خاص عن المنتجين الذين يلتزمون معاير الاستدامة. كما وجد التقرير أن مسائل الاستدامة والشفافية والرعاية الاجتماعية تعتبر "مسائل ذات أولوية" بالنسبة للعملاء والمستثمرين.

يأتي موقف "باندورا" المتعلق بالمواد الخام في وقت يركز المستثمرون فيه بشكل متزايد على الاستدامة. وقالت وحدة إدارة الأصول في بنك "نورديا" مؤخراً إنها تعتزم حصر استثمارات محفظتها بالجهات التي تلتزم المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة.

ألماس بتكلفة أقل

وكانت الشركة الدنماركية التي تطرح نفسها كصانعة مجوهرات بأسعار معقولة، قد استخدمت الألماس المستخرج من المناجم في 50 ألف قطعة فقط خلال العام الماضي، وذلك من أصل حوالي 85 مليون قطعة.

كذلك، أشارت "باندورا" إلى أنها أخذت التكلفة في عين الاعتبار في قرارها. فتكلفة الألماس المصنوع في المختبر توازي فقط ثلث تكلفة الألماس المستخرج من المناجم، بالتالي من شأن هذا التحوّل أن يمكّن المزيد من العملاء من اقتناء المجوهرات الماسية.

شددت "باندورا" على أن الألماس المصنّع في المختبر سيحظى بالخصائص المادية نفسها كالألماس المستخرج من المناجم. وستتضمن المجموعة الجديدة خواتم وأساور وقلادات وأقراط.

ترافق تركيز "باندورا" على طرق الإنتاج المستدامة مع نموّ ملحوظ في قيمتها السوقية. ففي العام الماضي وحده، ارتفعت قيمة استثمارات المساهمين في الشركة بأكثر من ثلاثة أضعاف. وهذا الأسبوع، رفعت "باندورا" توقعاتها الربحية لتنسجم أكثر مع نموّ المبيعات لديها بشكل أسرع من المتوقع.

يذكر أن أسهم الشركة الدنماركية ارتفعت بما يصل إلى 7% خلال الأسبوع الماضي.