تخمة السيولة بالشركات تدق ناقوس الخطر لمستثمري السندات

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي المصدر بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تواصل كبريات الشركات الأمريكية اقتراض مليارات الدولارات من مستثمري الديون التي لن يضطروا لسدادها إلا بعد مرور عقود على الرغم من بلوغ السيولة بميزانياتها مستويات قياسية وهو الأمر الذي لا يعد بالضرورة أخبار إيجابية للمستثمرين.

ويثير ذلك التساؤل بشأن هدف الشركات، مَن دفع الأموال للحصول على مزيد من السيولة رغم تخمة ميزانياتها بالكاش الذي يفوق ما يمكنهم إنفاقه بالفعل؟

بلغت مستويات السيولة في ميزانيات الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز500 نحو 2.7 تريليون دولار لتسجل بذلك أعلى مستوى على الإطلاق، بحسب أنورغ رانا، وجينا مارتين أدامز ،من بلومبرغ إنتلجينس.

تعاود كلا من "أبل" و"مايكروسوفت" شراء أسهم بمليارات الدولارات مرة أخرى في ظل عدم وجود طريقة أفضل لاستثمار ما لديهما من سيولة.

الأموال الرخيصة

قال غويل ليفينغتون، مدير أبحاث الائتمان في بلومبرغ إنتلجينس، لسان حال الشركات في الوقت الحالي: "دعني أحصل على الأموال الرخيصة بينما يمكنني أن أكون مرناً في سدادها". وأضاف ليفينغتون: "تطرح لديها مزيد من الخيارات".

تمثل البنوك الأمريكية مثالاً واضحاً على تلك الظاهرة، فبعدما أعلنت عن تسجيل أفضل أرباح فصلية على الإطلاق، باع كلا من "جي بي مورغان" و"بنك أوف أمريكا" مستويات قياسية من السندات أكثر من أي وقت مضى.

وبالنظر إلى السبب وراء الإفراط في إصدار السندات، والذي لا يبشر بالخير بشكل خاص للمستثمرين، نجد أن العديد من الشركات الكبرى تقترض لمجرد أنها تستطيع ذلك. حيث تمثل السندات أموالاً رخيصة للغاية للدرجة التي تستحق المغامرة في ظل إمكانية حصول تلك الشركات على عائد أعلى في مكان آخر أو أن التضخم سيجعل السداد في المستقبل أرخص.

باعت الشركات ذات التصنيف الائتماني الاستثماري منذ بداية العام سندات أمريكية لأجل 20 عام أو أكثر بقيمة 189.7 مليار دولار، وفقاً لبيانات بلومبرغ ما يجعل الشركات في طريقها لتسجيل ثاني أكبر إصدار سندات خلال العام الجاري، وذلك بعد إصدارات العام 2020، التي باعت الشركات خلالها ما قيمته 625.2 مليار دولار من السندات، وفقأً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.

مثلت السندات لأجل 10 أعوام أو أكثر ما يزيد عن ثلثي المعروض من السندات ذات الدرجة الاستثمارية في تعاملات الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، متفوقة بذلك على المتوسط السنوي للمعروض من السندات، والذي يمثل أقل من نصف المعروض في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من التصنيف الائتماني المتدني لتلك الشركات، والتي تصل لمستويات متدنية من الدرجة الاستثمارية، إلا أن تكلفة الاقتراض قد انخفضت بشكل كبير بالنسبة لها، حيث تدفع الشركات أقل من 1.3 نقطة مئوية فوق معدلات الفائدة المعيارية للحصول على سندات تستحق السداد خلال عقود قادمة بعدما اقتربت تكلفة الاقتراض من أدنى مستويات سجلتها في 2007.

تآكل المكاسب

يمثل تراجع الفائدة المدفوعة فوق المعدلات المعيارية إشكالية للمستثمرين، الذين يحصلون على مكاسب ليست زهيدة فحسب، بل يتعرضون إلى مخاطر في حال ارتفاع الأسعار. لذلك من المحتمل أن يضع شراء تلك السندات التزاماً كبيراً على المستثمرين في حالة مواجهة مزيد من التضخم ومستويات فائدة معيارية أعلى.

ونتيجة تلك المكاسب الصغيرة التي تمثل مصدات ضعيفة أمام أية سقطات قد يتعرض لها المستثمرين. من المحتمل أن يحصل المستثمرون على الطرف القصير من العصا على المدى الطويل وخاصة عند شراء سندات طويلة الأجل. الأمر الذي يجعل خطورة تلك السندات تزيد من بعض النواحي على السندات ذات الدرجة غير الاستثمارية التي عادة ما تصدر عن شركات نجحت في تسجيل أداء جيد خلال فترات الانتعاش الاقتصادي السابقة.

انخفض مؤشر بلومبرغ لسندات الشركات الأمريكية طويلة الأجل بنسبة 7.1% منذ بداية العام، مقارنة مع مكاسب بنسبة 1.9% على السندات ذات العائد المرتفع مع وجود احتمالات لاتساع ذلك الفارق حتى مع إعلان تلك الشركات ذات التصنيف الائتماني الأعلى عن أرباح هائلة ومصدات ضخمة من السيولة.

من ناحية أخرى، من المنطقي أن تقترض الشركات ذات التصنيف الائتماني الجيد كما تريد. في النهاية لا يوجد لدى الشركات ما يخسروه ولكن في المقابل يجب على المستثمرين أن يخفضوا من توقعاتهم.