أوروبا تخطط لزيادة إنتاجها من الرقاقات المصدر: بلومبرغ

أوروبا تتطلع لتأمين إمدادات الرقائق بعيداً عن آسيا

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اعتبر مسؤول أوروبي كبير أنَّ الاستعانة بمصادر خارجية لتصنيع وتصميم أغلب أشباه الموصلات في العقود الماضية، كان بمثابة "سذاجة من أوروبا". وجاءت تلك التصريحات قبيل الكشف عن المزيد من التفاصيل بشأن خطط لمضاعفة إنتاج المنطقة من الرقاقات مع حلول 2030.

وقال تيري بريتون، المفوَّض المعني بالصناعة في الاتحاد الأوروبي، إنَّه من الممكن معالجة الخلل، وإنَّ النقص العالمي في الرقائق الذي يعيق صنَّاع السيارات، ومورِّدي الأجهزة الإلكترونية يعدُّ دليلاً على أنَّ الوقت حان للتصرف.

وقال بريتون، المدير التنفيذي السابق لعملاقة تكنولوجيا المعلومات الفرنسية "أتوس" (Atos SE)، وشركة الاتصالات الفرنسية في مقابلة مع "بلومبرغ": "نريد أن نعود إلى حصتنا السوقية السابقة من الإنتاج لتلبية احتياجات صناعتنا"، وأضاف أنَّ حصة أوروبا من تصنيع أشباه الموصلات تراجعت على مر السنين، لأنَّ المنطقة كانت "ساذجة للغاية، ومنفتحة للغاية".

ومن المقرر أن تكشف المفوضية الأوروبية- الذراع التنفيذية للكتلة- عن مزيد من التفاصيل حول استراتيجية أُعلن عنها في مارس لمضاعفة الإنتاج إلى 20% على الأقل من الإنتاج العالمي للرقاقات مع حلول 2030، التي تشمل إنشاء تحالف صناعي بين شركات أشباه الموصلات الرائدة في أوروبا، ومراكز أبحاث، وأكثر من اثنتي عشرة حكومة في الاتحاد الأوروبي، ووقَّعت 22 دولة على الأقل بالفعل خطاب نوايا.

وقال بريتون - دون تقديم جدول زمني - إنَّ تحالف اللاعبين الأوروبيين سيقرر كيفية تعزيز تصميم وإنتاج رقائق "20 نانومتر" إلى "10 نانومتر"، وهي أصغر حجماً، وأكثر قوة من معظم الرقاقات المصنَّعة حالياً في أوروبا، ويُقاس التقدُّم في التصنيع بوحدة "النانومتر"، أو أجزاء المليار من المتر، مع موصلات أصغر متداخلة بين رقائق سيليكون بكل طبقة.

أهداف طموحة

وسيعمل الاتحاد الأوروبي بالتوازي على خطط لإنتاج الجيل الجديد من الرقائق الأكثر تطوراً مع حلول 2030، ويستهدف المسؤولون إنتاج رقائق الـ"5 نانومتر" إلى "2 نانومتر"، وهو هدف طموح لم تحققه حتى الآن الشركات الرائدة في القطاع مثل شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، و"سامسونغ إلكتورنيكس" الكورية الجنوبية.

ولسنوات، كانت أوروبا تشكِّل جزءاً كبيراً من صناعة أشباه الموصلات العالمية، وفي عام 1990، وصلت قدرتها الإنتاجية إلى حوالي 44% من الإنتاج العالمي، ولكنَّها تقترب الآن من 10%.

وأصبحت تايوان، وكوريا الجنوبية، واليابان يمثِّلون حوالي 60% من الإنتاج، وفقاً لمجموعة "بوسطن" الاستشارية، ورابطة صناعة أشباه الموصلات، ويقوم مصممو الرقائق الأوروبيون مثل "إن إكس بي سيميكوندكتورز" (NXP Semiconductors NV) و"انفنيون تكنولوجيز" (Infineon Technologies AG) بتعهيد معظم الإنتاج إلى الشركة التايوانية (TSMC)، وغيرها من المسابك.

ويرى بيتر كلاينهايز، رئيس التكنولوجيا والجغرافيا السياسية في مركز الأبحاث (Stiftung Neue Verantwortung)، أنَّ تراجع أوروبا في مجال المنتجات التكنولوجية الاستهلاكية، وهو ما يتجسَّد في فشل هواتف "نوكيا" و"إريكسون إيه بي" التي كانت تحظى بشعبية في السابق، ينتج جزئياً عن تحول سلسلة التوريد.

وبرغم أنَّ قطاع السيارات الأوروبي ما يزال قوياً، فقد كان من أكثر القطاعات تضرراً من النقص العالمي في الرقائق، وقالت شركة "فورد موتور"، يوم الإثنين الماضي، إنَّها ستوقف الإنتاج في مصانعها الألمانية لعدة أسابيع بسبب نقص أشباه الموصلات، لتنضمَّ إلى قائمة متزايدة من المصانع المعطلة عن العمل.

الذهاب إلي القمر

وسلَّطت الأزمة الضوء على اعتماد المنطقة على الشركات الأجنبية للحصول على الإمدادات الحيوية، وقادت طموح الاتحاد الأوروبي لاستعادة الاكتفاء الذاتي، لكنَّ خطَّته لإنتاج رقائق أقل من "5 نانومتر" طموحة للغاية، لدرجة أنَّه سيحتاج إلى مساعدة من لاعبين أجانب مثل شركة"TSMC" التي كرَّست سنوات من البحث، واستثمرت مليارات الدولارات لتطوير خبرتها في الإنتاج.

وقال بريتون عن هدف تصنيع رقائق"2 نانومتر"، مشيراً إلى الاستراتيجية كـ"الذهاب إلى القمر": "نحن نعلم أنَّ الوصول إلى هناك يتطلَّب شركاء".

ودعمت شركة "إنتل"، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم، خطط الاتحاد الأوروبي، وتعمل بالفعل على توسيع إنتاجها من رقائق حجم "7 نانومتر" في أوروبا، وتدرس أيضاً بناء مسبك متطور لأشباه الموصلات في المنطقة، لكن عانت الشركة في تطوير تصنيعها في السنوات الماضي، وأشار مديرها التنفيذي، بات غيلسنجر، الأسبوع الماضي، إلى أنَّ الشركة تحتاج على الأرجح دعماً مالياً ضخماً من الحكومات الأوروبية للاستثمار في استراتيجية الكتلة.

وأشار متحدِّث باسم "إنتل" إلى حصول الشركات في آسيا على حوالي 40% من تكاليف بناء مصنع جديد من الدولة، وأضاف أنَّ المصنع الجديد يكلف ما لا يقل عن 10 مليارات دولار، ويتطلَّب الأمر مصنعين في مكان واحد للاستفادة من اقتصاديات الحجم.

وما يزال من غير الواضح حجم الأموال التي ترغب أوروبا في إنفاقها لاستعادة ريادتها في صناعة الرقائق، ومع ذلك دعمت 19 دولةً عضواً بالفعل خطط المفوضية، ووافقت على إنشاء أداة استثمارية بتمويل مشترك من الدول والشركات المشاركة.

كما تمَّ تخصيص ما لا يقل عن 20% من آلية التعافي، والمرونة الخاصة بالاتحاد الأوروبي بقيمة 672.5 مليار يورو (808 مليار دولار) للأولويات الرقمية، إلا أنَّ الأمر متروك للدول الفردية لتقرر المبلغ الذي تريد إنفاقه على وجه التحديد على استراتيجية أشباه الموصلات.

وكتب غيلسنجر في صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي: "لدى الاتحاد الأوروبي بعض روَّاد صناعة أشباه الموصلات، لكنَّه يواجه منافسة شرسة من دول أخرى تنظر إلى إنتاج الرقائق كأولوية وطنية"، مضيفاً أنَّ هذه الحكومات تقدِّم حوافز سخية لجذب شركات تصنيع أشباه الموصلات. وقال: "يتعيَّن على أوروبا مضاهاة ذلك، لكي تحظى بفرصة المنافسة".