مستقبل وحدة المملكة المتحدة في يد شباب اسكتلندا الراغب في الاستقلال

فتاة تسير مستعرضة منشفة عليها العلم الوطني لاسكتلندا بالقرب من البرلمان الاسكتلندي في إدنبرة في 25 أبريل
فتاة تسير مستعرضة منشفة عليها العلم الوطني لاسكتلندا بالقرب من البرلمان الاسكتلندي في إدنبرة في 25 أبريل المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في عام 2014، كانت روبين غراهام أصغر من أن تصوِّت في استفتاء استقلال اسكتلندا، أما الآن فهي مصمِّمة على الحصول على فرصتها في استفتاء آخر.

تبلغ روبين من العمر 19 عاماً، وهي طالبة قانون وسياسة في "جامعة غلاسكو". وهي من بين جيل الشباب الذين هيمن على المشهد السياسي في مناقشتهم مسألة المستقبل الدستوري للمملكة المتحدة التي عمرها ثلاثة قرون. وبالنسبة لها، فإنَّ الأمر ليس إذا كانت اسكتلندا ستنفصل أو لا، ولكن متى ستنفصل؟.

في هذا السياق، تقول روبين السكرتيرة الوطنية لجناح الشباب في الحزب الوطني الإسكتلندي، الذي يدير حكومة البلاد شبه المستقلة منذ أن كانت في الخامسة من عمرها: "أنا متأكِّدة من أننا سنكبر في اسكتلندا المستقلة".

تآكل أسس دعم الاتحاد

تتجه اسكتلندا إلى انتخابات 6 مايو التي أصبحت معركة ضارية حول ما إذا كان يجب أن يكون للأمة رأي آخر بشأن مكانها في المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتتوقَّع استطلاعات الرأي أنَّ المعسكر المؤيِّد للاستقلال في طريقه لتحقيق فوز كبير، ويتجه لتكثيف المواجهة مع الحكومة في لندن.

تكمن مشكلة سلامة المملكة المتحدة في أنَّ التركيبة السكانية تبدو بشكل متزايد ضدها كلما طال الخلاف. ففي حين أنَّ اسكتلندا منقسمة بالتساوي تقريباً بين دعم الاستقلال والبقاء في المملكة المتحدة، فإنَّ شبابها المتمردين يؤيدون بشكل غير متناسب الانفصال عن بريطانيا. يسمي جون كيرتس، وهو أبرز متخصص في علم النفس في بريطانيا، هذه الحالة بالتآكل التدريجي لأسس دعم الاتحاد.

وقد أظهر استطلاع أجراه موقع "يوغوف" (YouGov) مؤخَّراً أنَّ 70% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً سيصوتون بـ"نعم" في استفتاء الاستقلال عند استبعاد خيار "لا أعرف" من الاستفتاء. وأظهر استطلاع "آمنوا باسكتلندا"، بتكليف من مركز أبحاث "بانل بيس" أنَّ التباين مع الناخبين الأكبر سناً كان أعمق: فقد وجد أنَّ 72% من الناخبين بين 16 سنة -الحد الأدنى لسنِّ التصويت في اسكتلندا- و35 سنة سيصوتون بـ"نعم".

تكمن مشكلة رئيس الوزراء بوريس جونسون -أو القادة اللاحقين- في أنَّه من غير المرجح أن تتلاشى القضية. فموقفه الحالي هو أنَّ اقتراع عام 2014، عندما قرر الاسكتلنديون بنسبة 55% مقابل 45% البقاء في المملكة المتحدة، كان أمراً يحدث مرة واحدة في كل جيل. لكن الاسكتلنديين صوَّتوا بشكل أكثر تأكيداً للبقاء في الاتحاد الأوروبي بعد ذلك بعامين. وفي جميع أنحاء المملكة المتحدة، كان من المرجح أن يرغب الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً في البقاء في الاتحاد الأوربي بأكثر من ضعف خيار مغادرته.

في هذا الصدد، يقول كورتيس، أستاذ العلوم السياسية سياسة في جامعة "ستراثكلايد":

إنَّ دعم الاستقلال مرتبط بالموقف تجاه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لذا فليس من المفاجئ الآن أنَّ الديموغرافيا الأصغر سناً تريد أن تكون مستقلة

يظهر المحافظون منقسمين حول كيفية الرد: الاستمرار في تجاهل مطالب الحزب الوطني الاسكتلندي بإجراء تصويت آخر على الاستقلال، أو كسب الوقت من خلال تفويض سلطات جديدة، وتقديم المزيد من الاستثمارات في الوقت الذي تخرج فيه المملكة المتحدة من الوباء.

كاميرون غلاسكو البالغ من العمر 20 عاماً، يردد صدى ادعاء نيكولا ستارجن، التي تقود الحزب الوطني الاسكتلندي، والحكومة الاسكتلندية، بأنَّ الأمر يتعلَّق بنقص الديمقراطية. لم تصوِّت أي منطقة في اسكتلندا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولم يفز حزب جونسون المحافظ بأكبر عدد من مقاعد البلاد في الانتخابات، التي كانت في السابق معقلاً لحزب العمال قبل أن يطيح به الحزب الوطني الاسكتلندي، منذ عام 1955.

وفي هذا السياق، قال غلاسكو، عضو حزب الخضر الاسكتلندي المؤيد للاستقلال من بلدة ليفينغستون: "ليس الأمر أنني أؤمن به من أجل الاستقلال، فقد عشت معظم حياتي في ظلِّ حكومة المحافظين التي لم تصوِّت لها اسكتلندا أبداً."

نشأة الاسكتلنديين الصغار

يمكن أن يعود منظور الأجيال المتغير إلى ما نشأ عليه الاسكتلنديون الصغار. لم يكن الكثير منهم كبيراً بما يكفي -أو لم يولدوا بعد- ليتذكَّروا الوقت الذي كانت فيه اسكتلندا تدار من لندن فقط، قبل إعادة تأسيس البرلمان الاسكتلندي في هوليرود في إدنبرة في عام 1999.

ثم شهدوا صعود الحزب الوطني الاسكتلندي، واستفتاء على الاستقلال أدى إلى تقسيم البلاد، كما أنَّ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أكَّد وجود خلافات مع إنكلترا.

لا يستطيع ليودهاس ماسي (26 عاماً)، وهو مرشَّح حزب الخضر من منطقة موراي الشمالية، أن يتذكر وقتاً لم تكن فيه اسكتلندا تسيطر على الكثير من شؤونها الخاصة، مثل التعليم والصحة؛ هذه القطاعات التي برزت أهميتها في محاربة الوباء. ويقول إنَّ "القاعدة هي هوليرود (Holyrood)، والاستثناء الذي هو مزعج، يكمن في طبقة البيروقراطية الأخرى التي يتعين علينا التعامل معها، وهي وستمنستر".

تكلفة الانفصال

لا يزال هناك شباب يناضلون من أجل مستقبل اسكتلندا داخل الاتحاد. كان جاك نوركواي، البالغ من العمر الآن 22 عاماً، ناشطاً مراهقاً في حملة "معاً نحن أفضل" في عام 2014 في جزر أوركني قبالة الساحل الشمالي لاسكتلندا.

ويقول، إنَّ الناس في منطقته، التي هي معقل الديمقراطيين الليبراليين، يشعرون بانفصال عن إدنبرة مثلما يشعرون تجاه لندن. ومع ذلك، فإنَّ تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل العديد من مؤيدي البقاء في بريطانيا يحملون نظرة جماعية للاستقلال الإسكتلندي. ويضيف: "أصبح الناس أكثر انفتاحاً على الفكرة مما كانوا عليه من قبل، ربما ليس "نعم" بقوة، لكنَّهم أكثر انفتاحاً."

من جهتهم، لا يجهل مؤيدو الاستقلال الشباب التحذيرات من أنَّ مغادرة المملكة المتحدة قد تكون مدمِّرة مالياً، وتطلق العنان لسنوات من المفاوضات حول تشكيل دولة جديدة. لكن بالنسبة لبعض منهم، فإنَّ أيَّ تنبؤات أليمة أصبحت أقل أهمية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من التحذيرات من العواقب الاقتصادية.

يقول مات كفورتروب، أستاذ السياسة في جامعة "كوفنتري" الذي عمل مستشاراً خاصاً لبرلمان المملكة المتحدة في الشؤون الدستورية: " بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فإنَّ الاستقلال الاسكتلندي لا يقدَّر بثمن، فبالنسبة للشباب، أن تكون مؤيِّداً لاستقلال اسكتلندا؛ يعني أن أقول" أنا تقدُّمي".