بالأرقام.. أرباح البنوك من الوقود الأحفوري تفوق عائدات السندات الخضراء

الوقود الأحفوري لا يزال يشكّل مصدراً هامّاً لعائدات المؤسسات المالية
الوقود الأحفوري لا يزال يشكّل مصدراً هامّاً لعائدات المؤسسات المالية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

على الرغم من أن البنوك الاستثمارية بصدد الحصول على رسوم قياسية هذا العام من بيع السندات الخضراء، فإنهم ما زالوا يجنون مزيداً من الأموال من خلال ترتيب إصدارات الديون والقروض لشركات الوقود الأحفوري.

الأرقام تتحدث عن نفسها، إذ بلغت عائدات البنوك من عملاء السندات الخضراء 887 مليون دولار، مقارنة بـ 1.4 مليار دولار من عملاء الوقود الأحفوري.

ولا يزال الخلل قائماً على الرغم من تحدث الرئيسين التنفيذيَّين لبنكَي "جي بي مورغان" و"سيتي غروب"، وغيرهما من رؤساء البنوك الكبرى، مراراً وتكراراً عن أهمية حماية البيئة. وكان جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورغان"، ذكر كلمة "المناخ" 10 مرات على الأقلّ في خطاب أرسله إلى المساهمين الشهر الماضي.

ويُعَدّ بنك "جي بي مورغان" أكبر ممول لشركات الطاقة منذ توقيع اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015، كما يحتلّ المرتبة الثانية في مجال ضمان السندات الخضراء بعد بنك "كريدي أغريكول" الفرنسي.

لا وجود لحلّ بسيط

وكتب ديمون: "نحن ملتزمون التصديَ لقضايا تغير المناخ والاستدامة في جميع أنحاء العالم"، لكنه أضاف أنه يعتبر القضية معقَّدة، قائلاً: "علينا أن نعترف بأن الحل لن يكون بمثل بساطة الابتعاد عن الوقود الأحفوري".

وتابع ديمون: "سنحتاج إلى موارد مثل النفط والغاز الطبيعي لنتمكن من تطوير بدائل تجارية وبأسعار معقولة ومنخفضة الكربون لتلبية جميع احتياجاتنا العالمية من الطاقة، وهذا حيث ينبغي أن يصبّ رجال الأعمال وقادة الحكومة تركيزهم ووقتهم واهتمامهم".

ووفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ"، حقّق بنك "جي بي مورغان"، ومقره نيويورك، نحو 903 ملايين دولار في السنوات الأربع الماضية من عائدات العمل مع شركات الطاقة غير المتجددة، مقارنة بـ228 مليون دولار من تقديم المشورة بشأن معاملات السندات الخضراء للشركات والحكومات.

وبالمقارنة، فقد جمع بنك "كريدي أغريكول" 227 مليون دولار من شركات الوقود الأحفوري و212 مليون دولار من عملاء السندات الخضراء في نفس الفترة، حسب بيانات "بلومبرغ".

رأس المال الموجَّه

وفي تقرير أصدرته الأسبوع الماضي منظمة "مشروع الكشف عن الكربون" (CDP)، وهي مؤسسة غير ربحية تركز على قضايا البيئة، قالت إميلي كريبس، المديرة العالمية لأسواق رأس المال بالمنظمة، إن تحقيق مستقبل خالٍ من الكربون سيتطلب "قدراً هائلاً من رأس المال الموجَّه نحو إزالة الكربون من الاقتصاد"، وهو أمر لا يمكن إلا لقطاع الخدمات المالية تسهيله.

وقالت كريبس إن المؤسسات المالية التي لا تقيس حالياً الانبعاثات التي تموّلها، عليها أن تبدأ بفعل ذلك الآن لفهم تأثيرها العامّ على المناخ والمخاطر التي تواجهها.

مع ذلك، يؤمَل في أن شركات "وول ستريت" قد تبدأ بالفعل وضع أموالها في المكان الصحيح، إذ يتبلور عام 2021 ليشهد عملاً ضخماً لمتعهدي اكتتاب السندات الخضراء.

وأظهرت بيانات "بلومبرغ" أن الرسوم المحققة في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، كانت أكثر من ثلاثة أضعاف ما حصلت عليه البنوك خلال نفس الفترة من عام 2020، إذ أصدرت الشركات والحكومات ما قيمته أكثر من 150 مليار دولار من السندات الخضراء، فيما بلغ الرقم القياسي الحالي لرسوم العام بأكمله من إصدار السندات الخضراء نفس الـ1.3 مليار دولار التي تحققت عام 2020.

وحسب بيانات "بلومبرغ"، كانت الريادة في تنظيم مبيعات السندات الخضراء من نصيب بنك "جي بي مورغان" هذا العام، تليه بنوك "بي إن بي باريبا" و"كريدي أغريكول" و"سيتي غروب" و"إتش إس بي سي".

مع ذلك، تجني البنوك نحو 40% أكثر في رسوم مساعدة شركات الوقود الأحفوري، وهو اتجاه لا يبشر -رغم انحساره- بنهاية هذا التوجه في أي وقت قريب.

وقالت ستيفاني فايفر، المديرة التنفيذية لـ"مجموعة المؤسسات الاستثمارية المعنيَّة بتغيُّر المناخ"، في تقرير حديث: "هذه فرصة مهمة للبنوك للعب دور قيادي في دفع التحوُّل نحو صافي الانبعاثات الصفرية. ومع مرور خمس سنوات بالفعل على اتفاقية باريس، يجب أن نستبدل بالحديث عما يمكن فعله، تنفيذ ما نتحدث عنه".

التمويل المستدام في سطور

• نجحت جهود بنكَي "غولدمان ساكس" و"سيتي غروب" في التغلب على مطالب المساهمين بالخضوع لعمليات تدقيق تبحث في قضايا التمييز العنصري في عملياتها.

• بالمثل نجحت "ترانس ماونتن" في محاولتها الإبقاء على سرية شركات التأمين على خط أنابيب الرمال النفطية، لكن المعركة حول مشروع آخر للتنقيب عن "الرمال النفطية" قد تؤشر على زوال مرتقَب للصناعة.

• تعمل دول الشرق الأوسط البترولية على تكثيف مبيعات الأصول النفطية لجمع مليارات الدولارات.

• هذه هي الطريقة التي يتنقَّل مستثمرو الطاقة النظيفة من خلالها عبر سوق الكربون.

• تعمل الشركات الست الكبار في مجال النفط على تعزيز عائدات الصناديق المتداولة في البورصة، ولا تشكِّل صناديق الأسهم أو السندات التي اجتازت معايير الاستدامة في ما يتعلق بالعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة استثناءً في هذ الإطار.