سندات "دويتشه" تعكس قدرة بنوك أوروبا على التعافي من كورونا.. كيف ذلك؟

دويتشه بنك حقق أرباحاً بقيمة 1.6 مليار يورو في الربع الأول وهو الربع الأفضل له منذ 2014
دويتشه بنك حقق أرباحاً بقيمة 1.6 مليار يورو في الربع الأول وهو الربع الأفضل له منذ 2014 المصدر: بلومبرغ
Marcus Ashworth
Marcus Ashworth

Marcus Ashworth is a Bloomberg Opinion columnist covering European markets. He spent three decades in the banking industry, most recently as chief markets strategist at Haitong Securities in London.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

فعل الوباء العجائب بـ"دويتشه بنك"، فبدلاً من أن تؤثر جائحة كورونا على خطط إعادة الهيكلة الخاصة بالمُقرِض الألماني، أدّت الأزمة الاقتصادية التي حدثت العام الماضي إلى استجابة هائلة من السلطات المالية والنقدية، مما أدى إلى تسريع وتيرة التحول في "دويتشه بنك".

ولبرهان هذه الثقة الجديدة في البنك، ما عليك سوى إلقاء نظرة على خططه لإصدار النوع الأكثر مخاطرة من السندات الثانوية مرة أخرى.

سندات جديدة

أطلقت شركة "دويتشه بنك" الأربعاء الماضي، عملية بيع بقيمة 1.25 مليار يورو (1.5 مليار دولار) لما يسمى سندات رأس المال التنظيمي من المستوى 1 المعروفة باسم"كوكوس" (CoCos)، والتي تُعَدّ أكثر خطورة من أشكال الديون الأخرى، لأن المستثمر يتحمل الخسائر في حالة فشل البنك.

لحسن حظ البنك، سيصدر قسيمة أقل بكثير من المرة الأخيرة التي باع فيها "كوكوس"، قبل انتشار الوباء في فبراير من العام الماضي.

كان طلب المستثمرين قويّاً للغاية، إذ تجاوز سجل الطلبات 5 مليارات يورو، وقُلّصت القسيمة المشار إليها من 5.25% إلى 4.625%، وهو سعر مناسب لشركة "دويتشه بنك" نظراً إلى مخاطر هذه الورقة.

ولا يمكن أن ترى شيئاً أكثر وضوحاً من هذا الطرح وتغطيته الكبيرة، دليلاً على ثقة المستثمرين بالبنوك الأوروبية، وفرص القارة في التعافي السريع بعد الوباء.

تنفّذ شركة "دويتشه بنك" عملية البيع لأنها تحتاج إلى مزيد من رأس المال الشبيه بالأسهم للوصول إلى نسبة الرافعة المالية المستهدفة البالغة 4.5%، وإرضاء البنك المركزي الأوروبي. لذا يُعَدّ هذا وقتاً مثالياً للاستفادة من تحسن النتائج المصرفية عموماً، بخاصة قفزة أرباحها الأخيرة.

انتعاش تجارة الأسهم

أدّت تريليونات الدولارات التي استثمرتها البنوك المركزية في اقتصاداتها المدمَّرة إلى انتعاش أفضل اختصاص يعمل به"دويتشه بنك"، وهو شراء الأوراق المالية وبيعها.

لم تمر احتمالية عودة "دويتشه بنك" أخيراً إلى الأرباح السنوية بعد ست سنوات من الخسائر مرور الكرام، إذ أعلن عن أرباحٍ بقيمة 1.6 مليار يورو (1.9 مليار دولار) للأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، وهو أفضل ربع له منذ 2014.

وسمحت فترة الوفرة في التداول للبنك ببدء تخصيص أموال لتوزيعات الأرباح مرة أخرى.

منذ أن وصلت إلى أدنى مستوى لها عندما ضرب الوباء أوروبا في مارس 2020، تكدس المستثمرون في أسهم "دويتشه بنك"، التي تضاعفت أكثر من مرتين، وارتفعت مجموعتها النظيرة، التي يُظهِرها مؤشر الخدمات المالية "ستوكس يوروب 600" بنحو 55%.

ديون البنوك الأوروبية

لقد رأينا إصداراً ضئيلاً من ديون "إيه تي1" (AT1) خلال الأزمة جزئياً، لأن الإجراءات الاحترازية للبنك المركزي الأوروبي بشأن احتياطيات رأس المال المصرفي خلقت بعض الشكوك الأولية حول ما إذا كان سيُسمَح بمدفوعات القسائم لهذه السندات، على الرغم من أن البنك المركزي أصدر إعفاءً.

أصبحت"كوكوس" التابعة لشركة "دويتشه بنك" رائدة في هذا القطاع بعد أن خلقت أزمة اليورو في العقد الماضي مخاوف بشأن ما إذا كانت ستملك رأس مال كافياً لدفع أرباح على هذا النوع من الديون الدائمة.

لقد تعافى دين "إيه تي1" التابع للبنك بشكلٍ مثير للإعجاب، على الرغم من أن العائد لا يزال سخيّاً نسبيّاً عند نحو 5%.

كما أن العائد الدائم للمقرض النمساوي "إيرستيه بنك" البالغ 3.375%، والذي صدر أيضاً في وقت مبكّر من العام الماضي، أقلّ بكثير من 4%، لكن هذا يعكس تصنيفاً ائتمانياً قوياً.

كانت ديون البنوك التابعة ككل قوية إلى حد ما طوال فترة الوباء بسبب دعم البنك المركزي للقطاع المالي. وتعززت مصداقية "دويتشه بنك" عندما خرج سالماً من انهيار شركة "آركيغوس كابيتال" التابعة لبيل هوانغ.

قفزة في عائدات التمويل

مثلما أشارت زميلتي إليسا مارتينوزي، فإن اعتماد "دويتشه بنك" المستمرّ على الدخل التجاري يمكن أن يصبح مشكلة إذا كان نشاط الأسواق يتأثر بشكل كبير.

إذ قفزت عائدات التمويل للبنك بحدّة، مما يدل على أنه يُقرض بشكل أكثر قوة. لا يزال الربح قبل اقتطاع الضرائب من البنك الاستثماري يقزّم الأنشطة الرئيسية الثلاثة الأخرى لـ"دويتشه بنك".

على الرغم من ذلك، تشرق الشمس في الوقت الحالي وأكبر مقرض في ألمانيا لديه مستثمرون يصطفُّون حول الكتلة للحصول على قسيمة تقترب من 5% على الديون المحفوفة بالمخاطر. إن هذا يعني شيئاً لآفاق أوروبا.