شركات النفط العملاقة تواجه ضغوط المستثمرين

شركات النفط العملاقة تواجه ضغوط المستثمرين لخفض الانبعاثات
شركات النفط العملاقة تواجه ضغوط المستثمرين لخفض الانبعاثات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

فيما تستعد شركات النفط الأوروبية الكبرى لعقد اجتماعاتها السنوية للمساهمين، يبدو أنَّ موضوعاً واحداً يستحوذ على كل الاهتمام.

إذ يطرح التغيُّر المناخي تحدياً كبيراً لكلٍّ من "رويال داتش شيل"، و"بي بي"، و"توتال"، إذ يطالب المستثمرون في عمالقة النفط الثلاثة باتخاذ المزيد من الإجراءات على هذا الصعيد. ويتوقَّع أن تؤثِّر قرارات المساهمين المتعلِّقة بخفض انبعاثات الكربون على الاجتماعات العامة السنوية التي تعقد هذا الشهر، فيما تعرض الشركات مقترحاتها الخاصة للمنافسة فيما بينها.

قرارات مناخية للتصويت

في هذا السياق، تستعد مجموعة "فولو ذيس"، وهي إحدى المجموعات الأساسية الناشطة في هذا المجال، التي شكَّلت في السنوات الماضية شوكة في خاصرة شركات النفط، لتقديم عريضة أمام "بي بي" في 12 مايو، ثمَّ أمام "شل" بعدها بستة أيام، وتهدف المجموعة لحثِّ الشركتين على تحديد أهداف لتخفيض الانبعاثات تتوافق مع اتفاقية باريس للمناخ.

ويرفض مجلس إدارة "شل" هذا المقترح، إذ تصرُّ الشركة على خطتها القائمة على ضخِّ كميات أقل من النفط، وإنتاج المزيد من الغاز والطاقة البديلة، وخفض الانبعاثات على مدى ثلاثين سنة مقبلة، معتبرة هذه الخطة "أكثر شمولية". كذلك، طلبت "بي بي" من المستثمرين رفض هذا المقترح.

وبما أنَّ التصويت غير ملزم، فإنَّ أثره سيكون محدوداً على الاستراتيجية، إلا أنَّه يزيد من الضغوط على الشركات التي ما تزال تعتمد على الوقود الأحفوري لتمويل التحول نحو الطاقة النظيفة. وكانت "شل" قد وافقت في فبراير الماضي على عرض خططها المتعلِّقة بهذا التحوُّل للتصويت، ثمَّ تعهدت "توتال" بالقيام بالأمر نفسه في مارس.

وقالت شو لينغ لياو، كبيرة المحللين في المركز الأسترالي لمسؤولية الشركات: "حصل كلُّ ذلك في وقت أسرع ممَّا كان يتوقَّعه أي شخص"، وتابعت: "هذه الشركات تمارس نوعاً من نظرية الألعاب ومن الانتهازية، من خلال ترسيخ أنفسهم على أنَّهم من داعمي الخطط المناخية، ولكن هذا لا يعني أنَّ ثمَّة جوهراً لذلك".


آراء متباينة من المستثمرين

و مايزال الدعم متبايناً من قبل المستثمرين. ففي هولندا، حظيت مقترحات مجموعة "فولو ذيس" التي أسسها الناشط الهولندي مارك فان بال، بدعم عدد من اللاعبين الكبار مثل شركة "أن أن انفستمنت"، و"أيغون" ، فيما بدا من الأصعب إيجاد داعمين بين المستثمرين الأميركيين الأكبر حجماً. وعلى سبيل المثال، مجموعة "بلاك روك" تصوِّت دائماً ضد اقتراحات المجموعة البيئية.

كذلك، أعلن صندوق الثروة السيادية النرويجي الذي يملك حصة بقيمة 1.4 مليار جنيه إسترليني (ملياري دولار) في "بي بي"، مؤخراً أنَّه هو الآخر سيؤيد موقف الشركة البريطانية.

أما في "شل"، فقال صغار المساهمين، مثل شركة "ساراسين أند بارتنرز"، وصناديق التقاعد المحلية البريطانية، إنَّهم سوف يؤيدون اقتراح المجموعة البيئية، كبديل لخطة التحوُّل التي تبنتها الشركة، إلا أنَّ شركات الوكالات الاستشارية الكبرى، مثل "غلاس، لويس، أند كو"، و"خدمات المساهمين المؤسساتيين" تؤيد عمالقة النفط وتحث العملاء على رفض القرارات في الاجتماعات العامة السنوية في كلٍّ من "شل"، و"بي بي".

"تصفير" الانبعاثات

وخلال السنوات الماضية، عرض عمالقة النفط خططاً لتخفيض إنتاج الكربون، وأعلنت ثلاث أكبر شركات نفط في أوروبا عن أهدافها بتصفير الانبعاثات بحلول عام 2050. مع ذلك، وبحسب مجموعة "كلايمت أكشن شينج 100+" التي تدير أصولاً للاستثمارات بـ54 تريليون دولار ، لم تعلن الشركات الكبرى كيف ستزيل الانبعاثات الصافية التي تنتجها؟.

وقال آدم ماثيوز، كبير المسؤولين الاستثماريين في مجلس إدارة صناديق التقاعد الخاصة بالكنيسة الإنكليزية الذي يتواصل مع "شل" حول الشؤون المناخية بالنيابة عن "كلايمت 100+": "يتعيَّن على الشركات أن ترينا ما هي قادرة على فعله". وأضاف في مقال الشهر الماضي: "ثمَّة أسئلة شرعية حول المسار المتبع " نحو تصفير الانبعاثات من قبل الشركة البريطانية – الهولندية على الرغم من أنَّ "الهدف واضح، و"شل" هي المسؤولة عن تحقيق هذا الهدف" بحسب تعبيره.

وبالنسبة لشركة "إبوورث" لإدارة الاستثمارات في لندن التي تدير استثمارات الكنيسة الميثودية، لم يعد الوعد بتحقيق التغيير كافياً، وهي قد تخلَّت مؤخراً عن استثماراتها كافةً في قطاعي النفط والغاز. وقد وصف الرئيس التنفيذي للشركة أهداف "شل" المتعلقة بالانبعاثات بـ"غير المفاجئة"، وأضاف: "لا يمكننا القول إنَّ أهداف "شل" تتوافق مع أهداف اتفاقية باريس".

وعلى الرغم من أنَّ حجم "إبوورث" صغير جداً بالمقارنة مع "بلاك روك" التي تملك أكثر من 3 مليارات جنيه إسترليني في "شل"، إلا أنَّ قرارها يسلِّط الضوء على إمكانية اللجوء إلى سحب الاستثمارات كوسيلة للضغط على شركات النفط. كما يطرح تساؤلات حول عمليات سحب الاستثمارات التي تمارسها الشركات الكبرى نفسها من خلال بيع بعض أصولها من أجل إزالة الانبعاثات من حساباتها، ببساطة من خلال نقلها إلى مشغِّل آخر.

وتعليقاً على ذلك، قالت آن سيمبسون، وهي مديرة حوكمة مجالس الإدارة والاستراتيجية في نظام تقاعد موظفي القطاع العام في كاليفورنيا، ورئيسة "كلايمت 100+": "علينا أن نتابع هذه الانبعاثات، ونحرص على القيام بتحول فعلي، وليس مجرد تحميل لمحفظتنا". وتابعت في ندوة عبر الانترنت: "لا بدَّ من نقل هذا الحوار من عالم الاستشارات والاقتراحات المقدَّمة للمساهمين، نحو محاسبة من قبل مجلس الإدارة".

وكان نظام تقاعد موظفي القطاع العام في كاليفورنيا قد صوّت لصالح مقترحات مجموعة "فولو ذيس" البيئية في السابق. إلا أنَّه أعلن هذه المرة، أنَّه لن يؤيد اقتراح المجموعة في التصويت في "بي بي"، معبِّراً عن "القلق حيال الطبيعة الازدواجية للمقترح وغايته الملزمة". ويأتي ذلك على الرغم من تصريحات سيمبسون التي قالت، إنَّ 60% من خطة الإنفاق التي تعتمدها "بي بي" لا تتوافق مع التزامات الشركة المناخية.