السودان يتوقع إعفاءً من 60 مليار دولار ديوناً خارجية بنهاية العام

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بلومبرغ
المصدر: أ.ف.ب
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

توقَّع عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني إعفاء بلاده من ديونها الخارجية البالغة 60 مليار دولار بنهاية العام الجاري، قبل أسبوع من مؤتمر تستضيفه باريس لجذب الاستثمارات الأجنبية للسودان.

وقال حمدوك في مقابلة مع "فرانس برس" أجريت الثلاثاء قبل أن يتوجه إلى باريس لحضور المؤتمر الذي سيعقد في 17 أيار الجاري: "قبل أن نصل الى باريس، توافقنا على معالجة ديون البنك الدولي، وديون بنك التنمية الإفريقي، وسنتوافق في باريس على معالجة ديون صندوق النقد الدولي".

وتابع أنَّ الخرطوم وصلت في محادثاتها مع صندوق النقد الدولي إلى "نقطة اتخاذ القرار، وأتوقَّع أن نغلق ملف الديون بنهاية هذا العام".

تمَّ سداد متأخرات الديون السودانية لبنك التنمية الإفريقي بواسطة قرض تجسيري من السويد، وبريطانيا، وايرلندا قيمته 425 مليون دولار، في حين تمَّ سداد المتأخرات المستحقة للبنك الدولي بفضل قرض أميركي قيمته 1,1 مليار دولار.

تعدُّ دول نادي باريس أكبر دائني السودان؛ إذ تمثِّل ديونها حوالي 38% من إجمالي دينه الخارجي.

حمدوك، الخبير الاقتصادي والأمين العام السابق للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، أكَّد أنَّ "اختيار باريس، لعقد المؤتمر، لم يكن مصادفة فهي تستضيف نادي باريس، وهو أكبر دائنينا، وكل أعضاء نادي باريس سيكونون حاضرين في المؤتمر".

أزمة اقتصادية

يعاني السودان من أزمة اقتصادية منذ سنوات تفاقمت عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في نيسان2019 على خلفية احتجاجات شعبية امتدت لأشهر. وأعلن بنك السودان المركزي الثلاثاء أنَّ المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق على توفير الموارد اللازمة لتخفيف الديون عن السودان. وقال في بيان: "وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي اليوم على خطة تمويل من شأنها تعبئة الموارد اللازمة للصندوق لتغطية حصته لتخفيف الديون".

اتخذت الحكومة السودانية أخيراً مجموعة إجراءات للاصلاح الاقتصادي على رأسها رفع الدعم عن المحروقات، وتعويم قيمة العملة المحلية، تماشياً مع برنامج وُضع بالتنسيق مع صندوق النقد والبنك الدوليين.

لم يكن متاحاً للسودان الحصول على تمويل من مؤسسات النقد الدولية، أو جذب استثمارات أجنبية داخل البلاد قبل أن ترفع الولايات المتحدة الأميركية الخرطوم من قائمتها للدول الراعية للإرهاب في أكتوبر 2020. فقد ظلَّ السودان على هذه القائمة منذ العام 1993 لاتهام نظام البشير بدعم جماعات إسلامية متطرفة على رأسها تنظيم القاعدة.

وتسعى الحكومة الانتقالية، المشكَّلة من مدنيين وعسكريين بموجب اتفاق سياسي، إلى جذب استثمارات أجنبية لمعالجة الأزمة الاقتصادية خلال مؤتمر باريس الذي يعقد بدعوة من الحكومة الفرنسية. وقال حمدوك: "نحن ذاهبون لنوفر للمستثمر الأجنبي فرص الاستثمار في السودان، وليس من أجل الحصول على منح وهبات".

تحقيق السلام

إلى جانب الأزمة الاقتصادية، يعاني السودان منذ عقود من نزاعات قبلية في عدد من ولاياته. ففي أكتوبر الماضي وقَّعت الحكومة في جوبا، عاصمة جنوب السودان اتفاقاً للسلام مع عدد من الحركات التي حملت السلاح في إقليم دارفور غرب البلاد، وولايتي النيل الأزرق، وجنوب كردفان بسبب التهميش الاقتصادي والسياسي لهذه الأقاليم. إلا أنَّ تنفيذ بعض بنود الاتفاق تأخر، وخصوصاً دمج مقاتلي هذه الحركات في الجيش النظامي.

رئيس الوزراء قال: "صحيح هناك تأخير في بعض ملفَّات تنفيذ اتفاق "سلام جوبا"، ولكنَّنا نتفهم دواعي هذا التأخير. والموقِّعون على "سلام جوبا" معنا في الحكومة الانتقالية".

اندلع النزاع في دارفور عام 2003، وأسفر عن مقتل قرابة 300 ألف شخص، وتشريد 2,5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة. أما النزاع في النيل الأزرق، وجنوب كردفان، فاندلع في العام 2011. ولم تنضم الى اتفاقات السلام مجموعتان مسلحتان رئيسيتان هما: الحركة الشعبية شمال/ جناح عبد العزيز الحلو التي تقاتل في النيل الأزرق، وجنوب كردفان. وحركة تحرير السودان/ جناح عبد الواحد نور التي تقاتل في دارفور.

وأوضح رئيس الوزراء السوداني أنَّ الترتيبات اكتملت لبدء محادثات مع مجموعة عبد العزيز الحلو. وأضاف: "نتمنى أن يبدأ التفاوض العملي قبل نهاية هذا الشهر". وأعلنت الأمم المتحدة في الرابع من مايو أنَّ جولة المفاوضات بين الحكومة الانتقالية، وفصيل الحلو ستعقد يوم الخامس والعشرين من هذا الشهر.

توتر مع إثيوبيا

كما تواجه الحكومة السودانية أزمة سد النهضة الذي تبنيه جارتها الشرقية إثيوبيا على النيل الأزرق، و"يهدد سلامة السدود السودانية"، وفق المسؤولين السودانيين. ويؤكِّد رئيس الوزراء السوداني أنَّه "بدون اتفاق قانوني محكم وملزم، ستكون هناك مخاطر كثيرة جداً، ونتمنى أن نصل إلى هذا الاتفاق قبل تاريخ الملء المعلن من جانب إثيوبيا في يوليو القادم". وتخطط إثيوبيا حينها لمرحلة الملء الثانية للسد.

منذ عام 2011، تتفاوض الخرطوم، وأديس أبابا، والقاهرة للتوصل الى اتفاق لملء وتشغيل السد، ولكنَّها لم تنجح . وطرح فليكس تشيسكيدى رئيس الكونغو الديموقراطية، والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي الأسبوع الماضي في جولة على البلدان الثلاثة مبادرة لإعادتها إلى طاولة التفاوض .

حمدوك أضاف: "رئيس الكونغو الديموقراطية طرح مبادرة، وردّنا عليها بضرورة أن نصل الى اتفاق قانوني ملزم، وفقاً للقانون الدولي لقضية الملء والتشغيل"، من دون أن يفصح عن مضمون تلك المبادرة.

كما توترت العلاقات السودانية الإثيوبية بسبب منطقة الفشقة الحدودية الخصبة، إذ يقوم مزارعون إثيوبيون بزراعة أراضٍ يعتبرها السودان ملكاً له.

وتبادل الجانبان مؤخراً الاتهامات بالعنف، وانتهاك أراضي الآخر. وأشار حمدوك إلى أنَّه "بالنسبة لنا، الخرائط واضحة‘ والأرض ليست محل نزاع"، كما أنَّ السودان يدرس مبادرة من الإمارات العربية المتحدة للاستثمار في المنطقة. لكنَّه يأمل أن تتحسَّن العلاقات مع إثيوبيا. وشدَّد على أنَّ "كل قضايانا يمكن حلّها من خلال الحوار".