رسالة نصية حول الغولف كتبت قصة الصفقة الضخمة بين عملاقي الإعلام "AT&T" و"ديسكفري"

مشاة يرتدون أقنعة واقية يعبرون أمام متجر AT&T في سان فرانسيسكو. كاليفورنيا، الولايات المتحدة
مشاة يرتدون أقنعة واقية يعبرون أمام متجر AT&T في سان فرانسيسكو. كاليفورنيا، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدأت أكبر صفقة اندماج واستحواذ في صناعة الإعلام برسالة نصية حول لعبة الغولف.

كان ديفيد زاسلاف الرئيس التنفيذي لشركة "ديسكفري" (Discovery) قد أرسل الرسالة إلى جون ساتنسكي المدير التنفيذي لشركة "ايه تي آند تي" (AT&T Inc) خلال عطلة نهاية أسبوع في فبراير، متحسراً على حقيقة أن كوفيد-19 ستمنعهما من الاجتماع في بطولة غولف سنوية في شاطئ بيبل، في ولاية كاليفورنيا. أثار ذلك محادثة استمرت ساعتين أرست الأساس لعلاقة بين الشركتين، ونهاية غزو "ايه تي آند تي" المكلف لعالم الترفيه.

لكنهما أجريا المحادثات بهدوء في الأشهر التالية، حتى مع قيام الشركات بجلب مصرفيين من شركة "ﻟﻴﻮﻥ ﺗﺮﻱ" (LionTree) و"ألين آند كو" (Allen & Co) و"غولدمان ساكس"، الذين أمضى بعضهم الليل بطوله للمساعدة في إبرام الصفقة. تضمنت الدائرة الضيقة مصرف "جي بي مورغان"، الذي تدخل خلال الأسابيع الأخيرة للتعامل مع التمويل.

عندما ظهرت أخبار الصفقة خلال عطلة نهاية الأسبوع، التي كانت "بلومبرغ نيوز" أول من أوردها، أذهلت موظفي الإعلام في "ايه تي آند تي". كانت شركة الاتصالات العملاقة قد استحوذت على ذراعها الترفيهية قبل أقل من ثلاث سنوات، التي تسمى الآن "وارنر ميديا" (WarnerMedia).

وقال ستانكي (58 عاماً)، في مؤتمر عبر الهاتف بعد الإعلان عن الاتفاق، إن المناقشات لم تعقد "في كهف الخفافيش"، وإنه كان من العدل وصف المحادثات بالـ"متكتمة".

عبء الديون الهائل

الصفقة، التي تم الكشف عنها صباح الاثنين، ستدمج "وارنر ميديا" من "ايه تي آند تي" مع "ديسكفري"، مما يخلق قوة إعلامية جديدة تمتلك "سي إن إن"، و"تيرنر برودكاستينغ" (Turner Broadcasting)، و"اتش بي أو" (HBO)، بالإضافة إلى مجموعة من برامج تلفزيون الواقع، وشبكة "فود نتورك" (Food Network). تُقَدِر الصفقة الكيانَ المشترك بحوالي 130 مليار دولار بما في ذلك الديون، بناءً على قيمة مؤسسة "وارنر ميديا" المقدرة بأكثر من 90 مليار دولار. وسيقود زاسلاف (61 عاماً) الكيان الجديد.

يذكر أن صفقة "ديسكفري" هي جزء من جهد أوسع يقوده ستانكي لتقليص "ايه تي آند تي" والتخلص من عمليات الاستحواذ السابقة. ففي فبراير المنصرم، وافقت الشركة على فصل عمليات "دايركت تي في" (DirecTV) بعد سنوات من فقدان عملاء القنوات الفضائية.

كانت "ايه تي آند تي" تواجه عبء ديون يبلغ حوالي 200 مليار دولار، وهو أعلى عبء دين على الإطلاق ضمن أي شركة غير مالية. وكان من الواضح بشكل متزايد أن الاستحواذ بقيمة 85 مليار دولار على "تايم وارنر"، الذي تم الانتهاء منه في عام 2018، لن يؤتي ثماره. ثم وجه الوباء ضربة جديدة، مما أدى إلى محو معظم عائدات شباك التذاكر لشركة "وارنر برذرز".

صفقة "كولومبوس"

جلب التوسع في البث تحدياته الخاصة. فبعد إطلاق منصة "اتش بي أو ماكس" (HBO Max) ، وجدت "ايه تي آند تي" نفسها عالقة في سباق للحصول على محتوى جديد. ومع إنفاق منافسيها "نتفلكس" و"ديزني+" التابعة لشركة "والت ديزني" ثروة على العروض الجديدة، أدركت الشركة أن النجاح في عالم البث المباشر سيكون باهظ الثمن.

على هذه الخلفية، أرسل زاسلاف الرسالة النصية إلى ستانكي. ويتحدث زاسلاف عنها: "كنت جالساً في ظهيرة يوم السبت أو الأحد، وقد قمت للتو بإرسال رسالة نصية إلى جون، وانتهى بنا المطاف في محادثة استمرت ساعتين حول مستقبل الإعلام وتحدثنا عن مكان وجود كلانا، أعتقد أن هذا كان حقاً بداية الأمر بالنسبة لنا".

ثم عقد المديران التنفيذيان أول اجتماع لهما وجهاً لوجه في شهر مارس في منزل زاسلاف المصنوع من الحجر الأسمر الرملي في قرية غرينتش الواقعة في مانهاتن. وتحدثوا عن مستقبل الصناعة وكيف يمكن أن تتعاون الشركتان.

مع تقدم المناقشات، تم إبقاء كبار مسؤولي "وارنر ميديا" في الظلام ولم يشارك سوى كبار المسؤولين التنفيذيين في "ايه تي آند تي"، وفقاً لمصادر مطلعة على الموقف. تمت تسمية الصفقة "كولومبوس"، وكان لكل شركة اسم يرمز إلى أحد المستكشفين. وقالت المصادر إن "ايه تي آند تي" كانت "ارمسترونغ"، فيما أطلق اسم "ماجلان" على "وانر ميديا"، و"دريك" على "ديسكفري".

بصمات "جون مالون"

قبل حوالي أسبوعين، سلم زاسلاف وستانكي هذه الجهود إلى موظفي الصفقات لديهما. وعملت الفرق في نيويورك، حيث التقيا شخصياً وحاولا فعلياً إتمام الصفقة.

من جهته كان جون مالون، وهو قطب في صناعة تلفزيون الكيبل يسيطر على "ديسكفري"، من بين المدافعين عن الصفقة. وعبر مكالمات "زووم" مع مجلس الإدارة، ساعد مالون على إقناع زملائه المديرين للمضي قدماً في عملية الاندماج، بحسب مصدر مطلع على الأمر. ويشتهر الملياردير بتنظيم الصفقات الصديقة للضرائب، كما أن صفقة "ايه تي آند تي" و"ديسكفري" -التي تم تنظيمها تحت اسم صفقة "ريفيرس موريس تراست"- تحمل بصماته.

ضمن هذا الفصل، تحصل "ايه تي آند تي" على حوالي 43 مليار دولار لسداد الديون، وهيكل أبسط مبني حول أعمال الهاتف الأساسية الخاصة بها. وسيمتلك مساهمو "ايه تي آند تي" 71% من الأعمال التي تم إنشاؤها حديثاً، والتي ليس لها اسم بعد. وفي هذا السياق، يقول ستانكي إن "هناك مرونة في الاستثمار والنمو"، وإن الشركة الإعلامية الجديدة ربما لا يزال بإمكانها جني ثمار العمل المنجز في إطار "ايه تي آند تي". ويضيف: "أتوقع، من خلال تحويل 71% من هذه الشركة إلى مساهمي "ايه تي آند تي"، سنفتح بعض القيمة من هذا العمل الرائع الذي قام به فريق "وارنر ميديا".